كما في كل ليلة، كانت مقاهي ساحة ساسين مزدحمة بروادها مساء أمس. بدأ المشهد يتغير بُعيد الثامنة. يسمع رواد الساحة صوت طلقين ناريين.
لحظات وتتوضح الصورة. شاب وفتاة مستلقيان وسط بقعة دم كبيرة على رصيف الطريق المؤدية إلى مجمّع ABC التجاري. وقرب الجثتين مسدس حربي حديث. تُسمى هذه الطريق «نزلة السلام».
كانت الجثتان أمام محل «فيد إكس» والبنك اللبناني الفرنسي، على الرصيف المقابل لمطعم «هارديز» للوجبات السريعة، ومباشرة قبل مدخل شارع جورج حيمري.
يبدأ رواد المقاهي بالخروج منها، ويتجمعون قبل أن تحضر الشرطة وقوة من الجيش وسيارات للدفاع المدني. يحيط المحققون الرصيف بشريط أصفر. موظفو محل فيد إكس لا يصدقون ما تراه أعينهم. القتيلة هي زميلتهم ميشلين كحلون (18 عاماً).
تعمل ميشلين في الزاوية المخصصة لمقهى «كوستا» داخل مكان عملهم المخصص للبريد والتصوير. قبل دقائق من مقتلها، ناداها صديقها علي مرعي (21 عاماً).
خرجت إليه، وتحادثا. يقول بعض من كان في ساسين إن ميشلين وعلي حبيبان، وإنها قبل أسبوع قطعت علاقتها به، وإنه لم ينجح بإعادة وصل ما انقطع. ويُقال إنه كان متوتراً عندما تحادثا على الرصيف، قبل أن يسحب مسدساً كان في حوزته ويطلق منه النار على رأس حبيبته. ثوانٍ معدودة، ويضع المسدسَ في فمه، ويطلق رصاصة كانت كافية لمصرعه بقربها.
قيل الكثير في ساحة ساسين. ويُحكى أن علي صديق لعائلة ميشلين، وأنه كان في الليلة السابقة يسهر في منزلها.
بعد نحو ساعتين تُرفَع الجثتان من المكان. ويأتي رجال الأمن بمياه ساخنة لغسل الرصيف من الدماء. لحظات، وتدب الحياة «الطبيعية» في أرجاء الساحة. وحدهم موظفو فيد إكس، المحل الذي افتتح قبل أسبوع فقط، لم يستطيعوا مزاولة عملهم كالمعتاد. ميشلين لم تعد تسكب القهوة في زاويتها الصغيرة.
فوضى ومسلّحون باللباس المدني
«ارجعوا لورا وإلا بقوّصكن!» صرخ أحد رجال قوى الأمن الداخلي بالمواطنين والصحافيين خلف الشريط الأصفر الذي يحدّد مسرح الجريمة. وكما هي العادة في كلّ مرّة تحصل فيها جريمة في لبنان، يشهد المكان فوضى يعجز القاضي المسؤول بحسب القانون عن ضبطها. النائب العام الاستئنافي في بيروت، القاضي جوزف معماري، حضر إلى المكان وأمر، بحسب العسكريين، بمنع التصوير، لكن يبدو أنه لم يتنبه للعدد الكبير من الأشخاص المسلّحين باللباس المدني الذين كانوا يلتقطون الصور عبر هواتفهم الخلوية لجثّة الفتاة والشاب القتيلين.
في المكان تجمّع عدد كبير من العسكريين من الجيش وقوى الأمن، إضافة إلى عناصر من الشرطة القضائية والاستقصاء وأمن الدولة ومخابرات الجيش والمباحث العلمية.
تمكّنت القوى الأمنية من توقيف شاب يدعى شارل كان قد شوهد وهو يبتعد عن المكان بسرعة، بعد لحظات من وقوع الجريمة.
كذلك أوقفت فصيلة الأشرفية مساء أمس شخصين واستمعت إلى إفادتيهما. لكن لعلّ أهمّ مصدر للمعلومات عن الجريمة هو شريط التسجيل لكاميرا المصرف اللبناني الفرنسي المجاور.
أداة الجريمة مسدّس من نوع «غلوك» ومن عيار 9 ملم وعدد الطلقات اثنتان كانتا كافيتين لإنهاء حياة شخصين في ربيع عمرهما.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية