ظهرت في أجواء محافظة إدلب القاذفة النووية الاستراتيجية الروسية "tu- 95" خلال الأيام القليلة الماضية بشكل واضح وهي تحلق متجهة إلى الغرب ربما للهبوط في مطار "حميميم" العسكري الروسي في سوريا، والذي بات معروفا أنه يضم عددا كبيرا من أنواع وأصناف الطائرات التي بات من المعرف للخبراء العسكريين أن روسيا تقوم بتجربتها عمليا في سوريا للوقوف على دقة أداء هذه الطائرات.
وكما هو معروف، فإن روسيا قامت بتجريب القاذفة الاستراتيجية "tu-22" والقاذفة الاستراتيجية الأشهر في العالم "tu-160" (بلاك جاك) في العام الماضي، ولكن ماهي دلالات ظهور القاذفات الروسية في الأجواء السورية في الوقت الذي تتزاحم فيه كل قوى العالم على التواجد في سوريا؟
يقول المحلل العسكري "اسماعيل أيوب" إن دلالات ظهور القاذفات الاستراتيجية الروسية في الأجواء السورية تنقسم إلى قسمين، سياسية وعسكرية.
ويرى "أيوب" في تصريح لـ"زمان الوصل" أن العدد الكبير جدا للقاءات بين وزيري الخارجيتين الأمريكية والروسية "جون كيري" و"سيرجي لافروف" وخاصة منذ تدخل روسيا عسكريا في نهاية سبتمبر 2015، يعكس مدى الاهتمام والتنسيق المشترك والعالي بين البلدين على أمور عدة في سوريا ظاهرها مكافحة الإرهاب وباطنها ربما يكون مشروعا تقسيميا جديدا لمنطقة الشرق الأوسط بدأ في العراق وربما لن ينتهي في سوريا. ويرجح المحلل أن يكون ظهور القاذفات الروسية في سوريا أمرا متفقا عليه بين واشنطن وموسكو للقيام بعمل ما قد اتفق عليه وزيرا خارجيتيهما مسبقا.
واعتبر أن ظهور القاذفات الاستراتيجية الروسية في سوريا يدل على الرضا الأمريكي عن حجم التدخل الروسي في منطقة تعتبرها أمريكا منطقة نفوذ أمريكي، وخاصة أن أمريكا تعتبر أن أمن "إسرائيل" من أمنها.
وأضاف أن ظهور مثل هذه القاذفات في سوريا وعلى تخوم حدود دولة عضو كبير في حلف الناتو (تركيا) أيضا يعكس مدى "الأريحية الأمريكية" التي تتعامل بها مع روسيا.
ظهور تلك الطائرات أيضا، حسب المحلل- يعكس مدى التنسيق السياسي في أعلى مستوياته، خاصة إذا علمنا أن ردود الفعل الأمريكية عل "العربدة الروسية" في سوريا تقصر على بعض القلق الذي يصدر بين الفينة والأخرى من خلال الناطق باسم الخارجية الأمريكية أو البيت الأبيض.
ويجدد "أيوب" الحديث عن التنسيق الروسي العالي المستوى مع "إسرائيل" على المستويين السياسي والعسكري ورضا تل أبيب على ما تقوم به روسيا في سوريا.
*الدلالات العسكرية لظهور القاذفات الاستراتيجية
خبير عسكري جوي يرجح أن يكون ظهور القاذفات الاستراتيجية الروسية مؤشرا على قرب عملية جوية روسية ستنفذ في سوريا وربما وفي الغالب ستكون معركة استعادة الرقة ودير الزور من تنظيم "الدولة".
ويؤكد الخبير، الذي كان ضابطا طيارا في جيش النظام، أن هذه القاذفات تبقى في الأجواء لفترات زمنية طويلة وتستطيع توجيه ضربات جوية عالية الدقة وشديدة التأثير بسبب الأعداد الكبيرة من القنابل والصواريخ الموجهة التي تحملها.
واعتبر في اتصال مع "زمان الوصل"، رافضا ذكر اسمه، أن وجود القاذفات الروسية دليل أيضا على تماثل الدعم الجوي بين الروس والأمريكان كل لحليفه الأساسي (byd حلفاء الأمريكان والنظام حليف روسيا) من حيث وسائط التأثير، لافت إلى "وجود دائم" للقاذفة الاستراتيجية الأمريكية "B1-B"، التي قامت بدك معاقل تنظيم "الدولة" أثناء عمليات عين العرب (كوباني) وما بعدها، وما زالت حتى الآن تقوم بتنفيذ ضربات جوية في شمال سوريا، وهذا، حسب الخبير، ما يفسر استقدام الروس للقاذفتين "tu-95" و"tu-22" وللقاذفة الأضخم في العالم "tu-160" (بلاك جاك).
كما رأى الخبير العسكري أن ظهور القاذفات الروسية دليل على ضمان الولايات المتحدة وكل الدول المحسوبة على أنها "داعمة للثورة السورية" أمام روسيا بأن لا يدخل إلى سوريا أي مضاد جوي يمكن أن يؤثر على الطيران الروسي فضلا عن القاذفات الاستراتيجية.
وذهب الضابط الطيار إلى أبعد من ذلك معتبرا أن هناك مشروعا عسكريا مشتركا بين روسيا وأمريكا في مجال ما يسمونه الحرب على الإرهاب، وهذا ما يشكل سابقة في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة بكون هذه أول عملية مشتركة بين القوتين العظميين في هذا الإطار.
ومن جهة أخرى يرى الخبير العسكري أن ما يحدث يدل على "تقزيم" الدور التركي في المنطقة التي تشعر أن أمنها القومي أصبح مهددا، وخاصة بعد التدخل الروسي وإسقاط تركية لطائرة حربية روسية عام 2015، ما أدى الى تكبيل تركيا عسكريا في سوريا.
ويختم الخبير العسكري بأن "أهم دلالات هذه التطورات العسكرية الجوية والبرية في سوريا من قبل الروس والأمريكان والإنكليز في الجنوب والفرنسيين في عين العرب أن لا حل للكارثة الإنسانية في سوريا، وأنهم يعتبرون وجود بشار الأسد ضرورة مرحلية للقضاء على الإرهاب المصطنع الذي ولد مع بداية ثورة الشعب السوري ضد النظام، وأن كل القوى العالمية الفاعلة إنما هي متفقة على ما يجري في سوريا".
مالك عقاب - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية