أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الأسد أمام مجلس الصبيان .. مهرّج بوجه سميك*

بعد ساعتين من الثرثرة الفارغة أمام ما يسمى "مجلس الشعب" تفرغ بشار الأسد لاستقبال ومصافحة من أثنى على وجودهم تحت القبة من ذوي القتلى، أو من المصابين.

طالعتنا وسائل إعلام النظام بصور بشار الأسد مع أحد العسكريين الذي فقد إحدى ساقيه خلال خدمته في مدرسة المشاة بريف حلب، كما طالعتنا بصورٍ لفتاة في السادسة والعشرين، وصلت مجلس الشعب باعتبارها أختاً لقتيلين من جنود النظام، وأخرى هي صاحبة شعار "ورحمة ترابك لنمحيها" على اعتبار أن المقصود هو "الدولة الإسلامية". 

خرج بشار تارةً كمهرّج يحاول بسماكة وجهه أن يرتدي روح ووسامة جاستن ترودو رئيس وزراء كندا السعيدة، وتارة بخطاب إنكاري لما يحدث في البلاد ولأهلها، وهذا نمط ليس له مثيل، سيصبح مقياساً لحالات ربما يشهد التاريخ مثلها في حالات نادرة لاحقاً، وربما لا، إذ لم يسبق أن سجلت ذاكرة البشر مواقف مثل هذه لأشخاص حتى من مستوى أمراء حرب.

لا أذكر أن رئيساً في التاريخ انحدر لهذا المستوى من الابتزاز والاستفزاز، فهو يتحدث عن معارضة يفاوضها في جنيف على اعتبار أنها "ممسحة"، وأنها مجرد دمى تحركها دول الخارج، ويدعي أن الدستور الذي يتم طرحه من قبلها هو دستور طائفي، مستنكراً نماذج شبيهة في العراق ولبنان، وينكر أن ما يروج له هو من تصورات روسيا وإيران لمستقبل سوريا، وأن الثورة السورية طالبت منذ بداياتها بتغيير الدستور إلى صيغة المواطنة والدولة المدنية، وتداول السلطة، حتى أنها اقترحت العودة لدستور رشدي الكيخيا في الخمسينيات خلال فترة الليبرالية الذهبية التي عاشتها البلاد.

هذا "الرئيس" الذي تفرضه موسكو وطهران، لا يستحي من طائرة الشحن التي نقلته العام الماضي من "حميميم" لمقابلة فلاديمير بوتين، ولا يتورع عن الضحك على دماء السوريين التي ركبها وأبوه خمسين عاماً، معتقداً أنه قدر هذا الشعب.

وتكتمل المسرحية بتعيين امرأة على رأس السلطة التشريعية (مجلس الشعب)، وكأن مشكلة السوريين هي في تقبلهم امرأة حتى على رأس السلطة.

مثل هذا النموذج لا يشبهه حتى القذافي، ولا تشاوشيسكو وميلوسوفيتش، قاتل من درجة عديمي الدّم والإحساس، ومهرّج ثقيل الظل، ومفتنٌ يتفوق على البغدادي وخامنئي، وغبيّ غير ظريف.

وسوريا التي كانت موئلاً للفكر والحضارة، وحاضنة الوطنيين من شكري القوتلي إلى الأتاسي إلى العظم إلى مردم بيك والجابري، ها هي تقدم نموذج عصر الأسد من صبيانٍ يغذيهم الدم، ورغبة الاستمرار على الجثث، والانتقام من الضحية.

إذا كانت مشكلة الأسد مع تنظيم الدولة فما ذنب أطفال حلب والغوطة وإدلب ودرعا، وإذا كان يعتبر صراعه مع فصائل إسلامية يصفها بالإرهابية فما ذنب ملايين المحاصرين من المدنيين حتى يقطع عنهم الطحين.

إذا كان ظهيرا الأسد الروسي والإيراني قويين لدرجة شعوره بالانتصار، فما مشكلته بأن يكون للسوريين ظهيران آخران مثل تركيا والسعودية، ثم ما الذي يشعره بحتمية أن لحية نصر الله هي لحية سلام، فيما لحية محمد علوش هي لحية إرهاب.

العقل الذي أدار مسرحية "مجلس الشعب" الأخيرة بتفاصيلها ليس عقل سلام ولا حوار، ليس عقل مفاوضات، ولا عقل مواطنة وتسامح، إنه عقل طاغية يحتمي بالخيانة لطغاة أكبر، وتاجر لا تعنيه حتى طائفته التي يتاجر بها، عقلية سارق نهب مع عائلته ثروات نصف قرن ووضعها في بنوك خارج البلاد، ويعرف أن أي اتفاق يعني سوقه للمقصلة، حتى ولو قبلت المعارضة بالتنازل عن 90 بالمئة من شروطها.

وكأن العالم سعيد بالأسد، ربما نعم، فنحن أمام نموذج فاشل لمعارضة رسبت في تسويق قضيتها، هذا عالم تعجبه دراما الدعارة، ونحن كسوريين عجزنا عن إيصال الحقيقة وليس بيننا من يجيد صناعة هذا النوع من الدراما، سنعاني طويلاً طالما أن العالم عاجز عن إسقاط سلة غذاء لأسرة جائعة في داريا، هذا عالم يعيش أسوأ اللحظات، وربما نشهد لحظة انهياره عند أول اشتباك بين ضباعه الكبار.

*علي عيد - من كتاب "زمان الوصل"
(169)    هل أعجبتك المقالة (170)

ساميه

2016-06-12

المسخرة الكبرى: الروس يقصفون المدن والبلدات السورية ويقتلون مواطنين سوريين ... الأمريكان يفعلون الشيء نفسه ... الفرنسيين يشاركون في القصف ... البريطانيون أيضاً ... الأيرانيون يقتلون ويحتلون ... حزب اللآت يقتل بأسم الدين ... قوات من كوريا الشمالية تقتل السوريين ... ميليشيات طائفية عراقية ... ميليشيات طائفية أفغانية ... مرتزقة من الشيشان وحتى من الصين تقتل بأسم روسيا وأيران ... الأتراك يقصفون ... السعودية تمد الثوار وربما ستقصف ... نسينا أسرائيل حيث تقصف وتدمر حيثما تشاء منذ ٤٠ سنة ــــــ ولكن أنتبه أيها السوري فمازال لديك في القصر صعلوك سافل يسمي نفسه رئيس..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي