أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حكواتي بدائي يجيد نقل الأساطير جان ـــ ماري غوستاف لو كليزيو فاز أمس بجائزة نوبل للآداب


إنّه كاتب التّيه بامتياز. منذ روايته الأولى «المحضر» اختار أن يمضي إلى الأقاصي ويغوص في الحضارات البعيدة، حيث الصفاء والحقيقة الكامنة في أعماق الإنسان... كتب وعاش بعيداً عن «أدغال المدن». جان ـــ ماري غوستاف لو كليزيو فاز أمس بجائزة نوبل للآداب


كان في السادسة من عمره حين صعد إلى السفينة مع أمّه في الميناء الفرنسي المتوسّطي. مثل بطله فينتان في رواية «أونيتشا» (1991)، كان الصّبيّ متوجّهاً، في ذلك اليوم من عام 1946، إلى أفريقيا للقاء والد لا يعرفه، يعمل في إحدى الجزر البعيدة على الضفاف الغربية للقارّة السمراء. يروي الكاتب تلك الواقعة في نصّ ضمّنه «قاموس الكتّاب المعاصرين بأقلامهم». على متن Nigerstrom، وهي باخرة مختلطة للشحن والركاب، تملكها شركة «هولاند أفريكا لاين»، راح يكتشف الأفق البعيد، من ذلك العالم العائم المقسوم إلى «علوي» يشغله أسيادٌ بقبّعاتهم وبذلاتهم وأناقتهم الاستعماريّة، و«سفلي» خاص بالعبيد ذوي الأجساد العارية الملألئة بالعرق. منذ ذلك اليوم، صار كاتباً.
تتمة


 

أبعد من «الرواية الجديدة»

سناء الخوري


 

تقف فرادة كتابة لو كليزيو حجر عثرة أمام أيّ نزعة نقديّة، أو أكاديميّة، لتصنيفها ضمن تيّار أدبيّ معيّن. بدأ الأديب يشقّ طريقه في أوائل الستينيات عندما فاز بجائزة Renaudot الفرنسيّة عن «المحضر» (1963)، في وقت كان فيه تيّار «الرواية الجديدة» بقيادة ألان روب غرييه في أوج مجده في الأروقة الأكاديميّة، إلى جانب الكتّاب الملتزمين بنقل فلسفتهم الوجوديّة من خلال الرواية والمسرح وعلى رأسهم جان بول سارتر وألبير كامو. في هذا السياق الزمني، لا يمكن فصل بدايات لو كليزيو عن الجوّ الأدبيّ السائد حينها. إذ كان على تماس مباشر مع قضايا هذه التيّارات وعلاقتها مع اللغة

عن الهويات المتصدّعة و«النشيد الكوني»


حسين بن حمزة
بمنحها «نوبل» للو كليزيو، لا تكافئ الأكاديمية السويدية موهبة هذا الروائي فقط، بل تكافئ أيضاً روح الترحال والمغامرة التي تسري في أعماله. الاحتكاك بحضارات وجغرافيات غريبة هي سمة نصوصه وحياته الشخصية أيضاً. في أعماله، يصعب الفصل بين خياراته الأسلوبية والمادة الواقعية التي كُتبت وفق تلك الخيارات. لكن هذا المزج والترابط بين عالمه الروائي ومواد هذا العالم، لا يحدثان بمفهوم الرحلة السياحية. الرحلات قادته إلى الاصطدام بقضايا تخصّ البيئات التي ذهبت إليها رواياته. أبطاله طالعون من الحيوات الخلفية والسفلية والمعدومة لمجتمعاتهم. البيئات التي احتكّ بها حفرت شقوقاً في هويته الفرنسية المتصدّعة أصلاً بين والد إنكليزي وأم فرنسية.


 

أكبر كاتب فرنسي على قيد الحياة

عثمان تزغارت
أحد أكثر الكُتّاب الأوروبيين معاداةً لـ«ثقافة الهيمنة» الغربية. انتُخب في استفتاء أجرته مجلة Lire عام 1994 كـ«أكبر كاتب فرنسي على قيد الحياة». ويُعد أوّل فرنسي ينال «نوبل» منذ 1985، حين منحت الجائزة إلى رائد «الرواية الجديدة» كلود سيمون. وإن كان الأدب الفرنسي كوفئ ـ بصورة غير مباشرة ـ عبر منح «نوبل» 2000 إلى الروائي الصيني غاو غزينغ ـ جيان الذي يقيم في فرنسا ويكتب بلغتها. حاز جان ـ ماري غوستاف لو كليزيو الشهرة والنجاح دفعةً واحدةً فور صدور «المحضر». لكنّه اختار التغريد خارج السرب، فابتعد عن الإستبليشمنت الثقافي الرسمي الفرنسي، وخالف التيارات السائدة في الأدب الفرنسي المعاصر، وانتقد إغراقها في المحلية، ووقوعها في شرك النرجسية المتعالية عن الآداب واللغات الأخرى

سيرة

لا الشهرة كانت تنقص جان ـــــ ماري غوستاف لو كليزيو، ولا الجوائز. في الـ23، فازت باكورته الروائية «المحضر» (1963) بجائزة «رونودو» الفرنسية... ثم نال عام 1980 جائزة «بول موران» عن مجمل أعماله، وخصوصاً «صحراء». وبعد حوالى 50 عملاً بين رواية وقصّة وكتابات نقديّة، ونصوص مختلفة، وأعمال جماعية، وترجمات للميثولوجيا الهندية والحضارات القديمة، عدّ معظمها نقداً للغرب المادي وتعاطفاً عضويّاً مع الأقليات والضعفاء والمهمّشين، ها هو يتوّج هذه المسيرة الغنيّة بجائزة «نوبل» (حوالى مليون يورو) التي منحتها الأكاديمية السويدية أمس إلى «كاتب القطيعة».

بيار أبي صعب
(144)    هل أعجبتك المقالة (140)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي