أثار تحسن سعر صرف الليرة بنسبة 40% خلال أربعة أيام، الكثير من الأسئلة، ليفتح الباب أمام سؤال ليس من السهل التكهن بجوابه: إلى أين يمكن أن تتجه الأسعار؟
هناك جملة من الأسباب تضافرت خلال الأسبوعين الأخيرين أدت إلى انتعاش سعر الليرة وتراجع سعر الذهب والعملات الرئيسية مقابل العملة السورية.
منها أسباب يمكن اعتبارها اقتصادية "عرض وطلب" تجلت باستمرار مصرف سورية المركزي بضخ دولارات في السوق بأسعار تدخلية بدأها بـ620 ليرة وبدأ يتراجع حتى وصل 475 ليرة بتراجع 25 ليرة عن سعر تدخل جرى قبل ذلك بيوم، وحدد سعر تمويل الصادرات أيضاً 475 ليرة. وللعلم ضخ المركزي أكثر من 600 مليون ليرة في السوق خلال الفترة الأخيرة.
طبعاً هذا الضخ التدخلي سحب جزءا كبيرا من فائض العملة المحلية وكسر تدريجياً من السعر الذي وضع المضاربين وتجار العملة بموقع الخاسر والمنتظر.
من ثم جاء بيع تنظيم الدولة "داعش" النفط، والمازوت على وجه التحديد بالليرة السورية، ما زاد من سحب فائض السيولة من السوق.
ليأتي ما يسمى العامل النفسي، إذ من المعروف كقاعدة أساس "إذا نزل السعر بع وإذا ارتفع اشترِ" لذلك وجدنا بدء استبدال الدولار بالعملة السورية، ومن تجار وربما متعاملين مع المصرف المركزي أولاً ما زاد من حالة الخوف والإقبال على الليرة السورية.
هذه الأسباب الثلاثة برأيي هي الأساس، إذ لا يوجد أسباب اقتصادية طارئة خلال فترة انتعاش سعر الليرة، إن على صعيد الإنتاج أو التصدير أو الحوالات الخارجية أو حتى على مستوى الاحتياطي النقدي الأجنبي بالمصرف المركزي، ما يرجح الاحتمالات السابقة وربما مشفوعة بعض الشيء بأسباب سياسية عززت من العامل النفسي.
سآتي سريعا على بعض النقاط، أهمها المكاسب التي حققها المصرف المركزي من عملية التدخل والبيع على عتبة 600 ليرة للدولار وما يمكن أن يشتري خلاله بعد تحسن السعر، وهو ما يمكنه من زيادة فترة التدخل ربما ليتحسن السعر أكثر.
وحول ما يتعلق بسؤال هل نشتري أو نبيع، فرأيي الشخصي أن الفترة المقبلة فترة مقامرة سيتحسن خلالها سعر صرف الليرة متأثرا باستمرار العرض الدولاري ولا أستبعد وفق حالة الخوف التي شهدتها أسواق العملات بسوريا أن يصل الدولار خلال فترة قصيرة لنحو 250 ليرة.
بيد أن السؤال الأهم، هل يملك المصرف المركزي أو مجلس النقد والتسليف بسوريا من الأدوات النقدية أو الاقتصادية، ما يثبت السعر ولا تعود الليرة للتهاوي ثانية؟
لجهتي لا أعتقد، ببساطة لأن جميع عوامل قوة واستقرار النقد في سوريا معدومة، كما أن الدولة ستضخ الرواتب والأجور، أو ضختها، وستضخ خلال أسابيع كتلا كبيرة من العملة السورية ثمن المحاصيل الزراعية، ما يعني أنه سيعود جزء كبير مما سحبت من السوق، ولأنها لا تملك غير التدخل المباشر بالسوق عبر بيع الدولار، بواقع خسارة الميزان التجاري وصادرات النفط وتراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي وفق تقرير البنك الدولي مطلع الشهر الفائت، من 21 مليار دولار عام 2010 إلى نحو 700 مليون دولار، فستعاود الليرة السورية للتهاوي لا محالة، إذ لا يمكن أن تحافظ على سعرها بغياب كل تلك الأسباب مضافا لها تثبيت الفائدة المصرفية والتي لن يجدي سعرها نفعاً وإغراء للإيداع، مقابل نسبة التضخم الهائل.
أخيراً، من المستفيد من تحسن سعر الصرف؟، أعتقد أن المصرف المركزي أي نظام الأسد هو من جنى أرباح اللعبة أخيراً عبر البيع بسعر مرتفع وإمكانية الشراء بسعر منخفض.
ولكن المستفيد ولاشك هو المواطن السوري المسكين الذي يأتيه دخله بالليرة، اللهم إن ترافق تحسن السعر مع كسر الأسعار التي ارتفعت خلال جنون الدولار بالسوق السورية.
وأختم...ليس صحيحاً برأيي ما يشاع أن الليرة يمكن أن تسقط الأسد بل ولا حتى الاقتصاد، وأذكّر أن الليرة سورية لكل السوريين وليس لأي نظام أو عصابة، والمحافظة على سعرها واجب أخلاقي قبل أن يكون واجبا وطنيا.
عدنان عبدالرزاق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية