أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

التدخل البري القائم .. والغول والعنقاء والخلّ الوفي*

أرشيف

تنويه: العنوان لا يتضمن أي غمز من قناة تصريح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بأن التدخل البري قائم، لكنه يحتاج إلى قرار دولي.

ليس لسوريّ أن ينكر البتّة موقف الدبلوماسية السعودية الداعم لثورة الشعب السوري، ومهما كانت التهمة التي يوجهها المحور الإيراني لهذا الدعم، فإن من الناجز أننا كعرب إن خُيّرنا بين رؤية الإيرانيين ومشروعهم، ورؤية العرب ومشروعهم، فسنبقى عرباً، لكن أين هو المشروع.

تدخلت إيران في سوريا عسكرياً، ودون قرار دولي، تدخلت روسيا عسكرياً في سوريا أيضاً دون قرار دولي، تسرح ميليشيا حزب الله من درعا إلى حلب، وليس ثمة قرار دولي، وقبل هذا وذاك فإن تصريح وزير خارجية المملكة تبين أنه يقصد التدخل البريّ ضد تنظيم "الدولة".

ليس في ذهني انحيازٌ إلى فكرة أن الرياض لا تملك رغبة وقف شلال الدم في سوريا، بل وتغيير نظام الأسد، لكن يدرك أي مراقب أنها ـ الرياض ـ لا تملك مشروعاً، وهذا ليس عيبها منفردة، بل هو خلل واضح في طبيعة الإسناد، وضعف وتفتت مراكز القوى العربية التقليدية المعنية، ممثلة بمصر والعراق. 

إذن فالإسناد الوحيد لأي مشروع في المنطقة العربية سقفه دول مجلس التعاون الخليجي، وهذه المجموعة تملك فضاءات مالية ضخمة، لكنها لا تستطيع الاستثمار في أمنها الإقليمي. 

تاريخياً تعتبر الشام الثغر الأهم لشبه الجزيرة العربية ومصر، وفي ذات الوقت هي الخزان الفكري والحضاري للفضاء العربي، إذ لم يستثمر عرب شبه الجزيرة في هذا الفضاء، وأكثر ما أنجزوه أنهم غطّوا حافظ الأسد وجرائمه ومنها مجزرة حماة، وأقاموا فنادق واشتروا منازل فخمة في لبنان لكي يريحوا بدنهم، ومن لم يستطع السهر في ملاهي بيروت الفخمة، كانت تستقبله كازينوهات التلّ والغوطة بريف دمشق.

في الاتجاه الآخر أسست إيران للاستثمار في هذا الفضاء على مهلٍ، فقامت بإيقاظ آل البيت، واشترت ورممت وبنت مقامات وفنادق حول تلك المقامات، ثم أسست مخلباً عسكرياً لها في لبنان، وحزباً داخل القصر الجمهوري لدولة الأسد، أضف إلى استثماراتها في قطاعات الصناعة والطاقة، حتى بلغ الأمر حدّ صناعتها لرجال أعمال من داخل البيئة السورية عامة والدمشقية خاصة بهدف السيطرة على الحياة الاقتصادية. 

يرى السوريون لخمس سنوات الأسلحة النوعية الموعودة، وعود التدخل، والموقف الدولي، كما رأى الشاعر صفي الدين الحلي المستحيل ثلاثة / الغول والعنقاء والخل الوفي/، ولم يعد مأمولاً من أي تصريح سياسي يوقف هذا الموت، أيّاً كان مصدره، أن يثمر أكثر من كونه عنواناً في صحيفة، أو نشرة أخبار.

سيدفع العرب ثمن هذا غالياً، فالسوريون ها هم يدفعون منذ سنوات، بل وزد على ما دفعوه، فإن أهم ثغرٍ عربي إن سقط بيد مشروع آخر فالضريبة القادمة ستكون ثقيلة جداً.

دعكم من أحاديث جنيف4، وتفاصيل استقالة كبير المفاوضين محمد علوش، أو وتوسيع التمثيل ليشمل منصة موسكو ومؤتمر القاهرة، هناك لعبة كبيرة، فالأميركيون والروس يطبخون، وقد يكون الحلّ بيد موسكو أكثر منه بيد واشنطن، ولا أعلم إن كان الخليجيون في اجتماعهم الأخير في العاصمة الروسية قد وصلتهم بعض المعلومات، أو أنهم توصلوا إلى اتفاقات، وعلى الجبير في تصريحه القادم أن يقول لنا من باب أن الرياض معنية بمصلحة السوريين، ماذا تريد روسيا.. وبماذا وعدت، وبماذا وعدتم ... ولتكن الإجابة بالفم الملآن، وما عدا ذلك فهو "صفّ حكي".

*علي عيد - من كتاب "زمان الوصل"
(177)    هل أعجبتك المقالة (171)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي