أخيراً زارنا جوزيف فيتيل قائد القيادة المركزية الأميركية، والتقى حطب المعركة من فصائل الكورد، إلى "كوماندوز" الجربا، وكأن الأميركيين تستهويهم في فترة أوباما سياسة جلب المفاسد أولى من درء المجازر.
ما الذي ستفعله تلك الميليشيات مدعومة بعشرات الجنرالات من "الكوماندوز" ومشاة البحرية سوى فتح معركة ثم تحويلها إلى "فيلم أميركي طويل"، كما حصل في طيران التحالف، الذي لم نعد نعلم أركانه، إذ يمكن إحصاء عدد دول مشاركة يفوق بكثير عدد الطائرات، سنوات من القصف، وكل طرف يعلن أنه قتل آلاف الإرهابيين، حتى روسيا قالت إنها قضت على نحو 28 ألف إرهابي، فيما كانت حصة تركيا نحو 8 آلاف، وكذلك الأميركان والفرنسيون والإنكليز وصولا إلى البلجيكيين.
وزد على ما سبق فإن إيران لديها أرقام قريبة وكذا حزب الله، ومع هذا فإن التنظيم باقٍ، بل وله اقتصاده وشريعته، وتفاصيل دولته التي لا تقل مساحة وتنظيماً عن دولة الأسد.
أما المزاج الشعبي لا تطيب له ريح هذه المعركة، لأن عناصرها دون المعيار الوطني، وحتى المحلي، وكان يمكن إخراج المشهد بطريقة مختلفة ومنذ زمن بعيد لو أن هناك رغبة لدى إدارة أوباما في المساهمة بوقف نزيف الدم، لكن، وطالما أن تلك الإدارة تنام على تصريح لخارجيتها وتستيقظ على بيان لقيادتها العسكرية بأن واشنطن لا تريد الانخراط في الحرب السورية، إذن أي انخراط هو الذي تريده، فهذه الفصائل والميليشيا المهلهلة والمتهم أكثرها بارتكاب جرائم حرب، لن تستطيع تغطية المعركة ولا إقناع الناس، وهذا يسوق إلى استنتاج بأن ما يجري هو عملية تمهيد وتكييف لبقاء طرفين، هما الأسد وتنظيم "الدولة"، وهما بطبيعة الحال الطرفان المتنافسان حقيقة على كل أنواع الدّم سوى على الدين أو السيادة.
إلى العراق حيث معركة الفلوجة، فقط عليك أن تقلب صور الفيديوهات لتظهر لك خطب قيس الخزعلي زعيم تنظيم "أبو الفضل العباس" الطائفي وحوله جنود من الجيش العراقي مدججين بمناظير وسلاح ودبابات أميركية، ثم ليظهر لك من الأخبار أن قاسم سليماني، أطلّ ببدنه في الفلوجة، وأدام ظلّه في حلب، وإذا أمعنت في خطاب القوات المشاركة حتى حسبما يرد على القنوات الرسمية ومواقع الجيش العراقي ستشعر أن آخر همّ هذه المعركة هو العراق، وأن استئصال الفلوجة هو الشعار المعلن، وليس التنظيم.
أي معارك هذه التي تخوضها أميركا مع سليماني والخزعلي والجربا وصالح مسلم، لعل العالم انحدر إلى عصر سطوة "الميليشيا"، وهذا الإنجاز يؤسس لحروب طويلة وثارات لا تنتهي... يبدو أن الروس على دمويتهم يبقون خصماً واضحاً يمكن إنهاء المعركة معه، حتى ولو بصفقة، ويبدو أنهم يشعرون بمغطس فوضى "الميليشيا" الذي يغذيه ويرعاه الأميركيون لذا فلا الرقة ولا الفلوجة ستشهدان الخلاص القريب.. أو لكأن المنطقة قادمة على ما هو أدهى وأمرّ.
*علي عيد - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية