أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الشرطة الفلسطينية في خدمة الشعب أم في خدمة الفصائل

 بعد تنفيذ اتفاق التهدئة المبرم بين حماس وإسرائيل برعاية القاهرة وتوافق الفصائل الفلسطينية أوقف الطيران الإسرائيلي تحليقه المكثف في سماء قطاع غزة كما تراجعت العمليات العسكرية البرية والجوية التي كان يقوم بها الجيش الإسرائيلي. ويشعر سكان قطاع غزة خاصة مناطق التماس الحدودية مع إسرائيل هدوءا نسبيا رغم بعض التجاوزات من قبل الإسرائيليين المتمركزين بالمناطق، خاصة انتهاكات بحق المزارعين والصيادين. الا ان الوضع الداخلي الفلسطيني في كل من الضفة وغزة يشهد حالة من التراجع على كافة المستويات خاصة الأمنية، وباتت مقولة "الشرطة في خدمة الشعب "مجرد شعارات لا تسمن او تغني من جوع .

ورغم وجود جهازين للشرطة في غزة تابعة للحكومة المقالة التي تديرها حماس و في الضفة تابعة للسلطة الفلسطينية، وهما احد تجليات الانقسام إلا أنهما فشلا في حماية حقوق الإنسان الداخلية هناك أن لم يكونا سببا في تدهورها أو انتهاكها.

وشهدت الفترة المتزامنة مع إعلان التهدئة تزايدا ملحوظ في عدد حالات القتل عبر الشجارات العائلية والوفاة في الإنفاق وفي أحداث متفرقة . فقتل الأسبوع الماضي 3 مواطنين من جنوب قطاع غزة  في شجارات عائلية تدخلت الشرطة المقالة لفضها  ،كما أصيب آخرون من قبل الشرطة المقالة من بينهم قيادي في الجبهة الشعبية وعضو مجلس تشريعي سابق رغم معرفة الشرطة المسبقة بهوياتهم الا أنها استمرت في الاعتداء عليهم وشهدت الضفة الغربية أحداثا مشابهه.

وأفل نجم شهر أيلول المنصرم عن الفلسطينيين بمقتل 38 فلسطينيا بينهم، (14) حالة وفاة في الأنفاق، وثلاث حالات وفاة في ظروف غامضة، ومقتل ستة على خلفية شجارات عائلية، وثلاث نتيجة فوضى السلاح وآخرون  نتيجة الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة المقالة،في أحداث حي الصبرة شرق غزة. بينما توفي في شهر تموز المنصرم  (36) شخصاً.

وتنظر المراكز الحقوقية العاملة في الأراضي الفلسطينية  إلى خطورة هذه الأحداث وتأثيرها على جهود الحوار كما شددت على قلقها  لتزايد الحوادث داخل الأنفاق في مدينة رفح على الحدود المصرية الفلسطينية، والارتفاع المستمر في أعداد الضحايا من قتلى ومصابين، وعدم اتخاذ أي من الإجراءات والتدابير اللازمة من قبل السلطات المسئولة في قطاع غزة لضمان الحفاظ على أرواح وسلامة المواطنين.

تراجع حماية الحقوق

واكد تقرير صدر حديثا للهيئة المستقلة لحقوق المواطن الفلسطيني على تراجع ملحوظ في حماية حقوق الإنسان خصوصاً في قطاع غزة، و زيادة حالات القتل والوفاة نتيجة الإفراط في استخدام القوة،و استمرار الاعتقال التعسفي على الأشخاص دون مراعاة أحكام القانون الأساسي ..

ولفت التقرير إلى تزايد حوادث إطلاق النار على سيارات ومنازل مملوكة لشخصيات عامة وموظفين في غزة والضفة.وتزايد حالات الوفاة في الأنفاق الواصلة بين الأراضي المصرية والأراضي الفلسطينية في قطاع غزة.
وكانت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان قد أنشأت بقرار من الرئيس الراحل ياسر عرفات رحمه الله، عام 1993،بهدف متابعة وضمان توافر متطلبات صيانة حقوق الإنسان،وتعمل الى جانب عدد من المراكز الحقوقية في رصد الانتهاكات الإسرائيلية والفلسطينية للمواطنين في الأراضي الفلسطينية .

وسجل التقرير ان أبرز الانتهاكات التي رصدتها الهيئة التي يطلق عليها "ديوان المظالم" خلال شهر أيلول من العام الحالي، وفاة 12 فلسطينيا من بينهم 3 اطفال وشرطي وإصابة أكثر من45 شخصا آخرون بجروح مختلفة لدى استخدام الشرطة المقالة القوة المفرطة" الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية والمتفجرات" في حملتها الأمنية التي استهدفت عائلة دغمش الواقعة في حي الصبرة شرق مدينة غزة بهدف اعتقال مطلوبين لدى الشرطة من العائلة المذكورة.

ويعتبر تحييد الأجهزة الأمنية الفلسطينية وإعادة بنائها على أسس مهنية بعيدة عن الفصائلية والحزبية اهم محاور المبادرات العربية والفلسطينية المختلفة التي أعدت لإنهاء الانقسام ، ومن المقرر ان تحظى بنقاش موسع و كبير في حوارات القاهرة التي ستنطلق الشهر المقبل .

وبات مطلب الفلسطينيين أجهزة أمنية مهنية وغير فصائلية تحترم القانون وتفرضه على المواطنين لا ان تسلب حقوقهم وتنكل بهم ، وقد ذاقوا منها ألوان من الظلم وصنوف العذاب.

الوان من الانتهاكات

وأشارت الهيئة الى استمرار الأجهزة الأمنية بانتهاك حق الموقوفين والمحتجزين، بسلامتهم البدنية، من خلال تلقيها عشرات الشكاوى التي يدعي مقدموها تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة من قبل الأجهزة الأمنية، سواء العاملة في الضفة الغربية أو في قطاع غزة.معتبرة كل أشكال سوء المعاملة والتعذيب التي تمارسها الأجهزة الأمنية في قطاع غزة والضفة الغربية، أعمالاً محظورة يجب تحريمها ومعاقبة مرتكبيها باعتبارها أعمالا مجرمة.

ولم يتوقف الحال عند استخدام القوة المفرطة والتعذيب في السجون وانما وصل الاعتداء الى حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وعلى مؤسسات المجتمع المدني والشخصيات والممتلكات العامة ،سواءً في الضفة الغربية أو في قطاع غزة وبأشكال متعددة منها منع إقامة الاعتصامات والتجمعات السلمية ومنع الصحفيين من تغطية تلك الاعتصام والمسيرات، إلى اعتقال عدد من الصحفيين، ومنع توزيع صحف مؤيدة لحماس في الضفة " فلسطين والرسالة" وأخرى مؤيدة لحركة فتح " الأيام والحياة الجديدة " في غزة .

ويرى المراقبون ان الأرضي الفلسطينية تشهد تدهورا غير مسبوق على صعيد حقوق الإنسان كما أشارت تقارير دولية سابقة الى ذلك ويعد أفظع الانتهاكات التي أثارت غضب الشارع الفلسطيني ، الاعتقال التعسفي الذي تمارسه الأجهزة الأمنية لكلا الفصيلين " فتح وحماس" على خلفية سياسية لشخصيات وكوادر فلسطينية طالت أكاديميين ومحاضرين بالجامعات وصحافيين ومحافظين وقيادات تنظيمية ، دون إتباع الإجراءات القانونية العادلة، أثناء عمليات الاعتقال، وفي مقدمتها الاعتقال دون مذكرة توقيف من جهة الاختصاص، أو دون صدور مذكرة تفتيش للمنازل.

ولا يزال العشرات من قيادات حركة فتح، رهن الاعتقال السياسي في مراكز توقيف تابعة للشرطة المقالة بغزة. وفي الضفة الغربية أيضا عشرات من قيادات حركة حماس تعرضوا للاعتقال ولازال بعضهم رهن الاعتقال ،وقد سجلت الهيئة خلال شهر أيلول من العام الحالي، تلقيها(204) شكاوى من بينها (116) شكوى تلقتها ضد الأجهزة الأمنية بالضفة ، بانها لم تراعي الإجراءات القانونية الصحيحة في اعتقالهم أو توقيفهم.كما انها لا تزال تماطل في الإفراج عن معتقلين أصدرت محكمة العدل العليا قرارات بالإفراج عنهم لعدم قانونية إجراءات اعتقالهم كونهم مدنيين وعرضوا على هيئة القضاء العسكري، وهي الجهة غير المختصة في هذا المجال.

 

ميرفت أبو جامع - غزة
(101)    هل أعجبتك المقالة (109)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي