أبدت صحيفة بريطانية كبيرة استغرابها من تجاهل وسائل الإعلام الغربية لتصريحات إعلامية أدلى بها الرئيس الإيراني لمراسل صحيفة نيوريوك ديلي نيوز الأمريكية في 24 سبتمبر/أيلول الماضي ألمح فيها إلى استعداد بلاده للاعتراف بإسرائيل.
وكان الرئيس الإيراني أحمدي نجاد قدم إعلانا ملحوظا بأن إيران قد تعترف بوجود دولة إسرائيل عندما قال للصحيفة الأمريكية: "إذا اتفق القادة الفلسطينيون على حل الدولتين فيمكن لإيران أن تعيش مع دولة إسرائيلية؟.
وكتب الصحفي البريطاني المعروف بيتر تاتشل في عمود "الرأي الحر" في صحيفة "غاردين" متسائلا يقول: "لماذا لم تناور وسائل الإعلام العالمية على تصريحات الرئيس الإيراني بخصوص الاعتراف بإسرائيل؟" مضيفا أن أحمدي نجاد رد في الـ24 من سبتمبر وبصورة "مدهشة" على سؤال لمراسل صحيفة نيويورك ديلي نيوز خوان جونزالس ومقدمة البرنامج التلفزيوني الديمقراطية ألان إيمي جودمن بخصوص إمكانية قبول إيران بكيان إسرائيل فقال: "إذا كانوا (الفلسطينيون) يريدون الإبقاء على الصهاينة فيمكن لهؤلاء البقاء، فنحن نحترم ما يقرره الشعب الفلسطيني".
واستشف بيتر تاتشل من تصريحات الرئيس الإيراني أنه قبل في واقع الأمر بوجود الدولتين وفتح الباب لتأييد إيران لاتفاق السلام "نظرا لكون معظم الشعب الفلسطيني على استعداد لقبول حل الدولتين".
وعبر الكاتب عن استغرابه من موقف وسائل الإعلام العالمية في تجاهل تصريحات أحمدي نجاد بخصوص إمكانية اعتراف إيران بإسرائيل، فاستطرد يقول: "بنفس القدر من الغرابة، فإن الحدث لم تلتقطه وسائل الإعلام في العالم. حيث تم ولسنوات عديدة، ذم الرئيس الإيراني وثمة ما يبرر (هذا الموقف)، ولكن الآن عندما يقول شيئا إيجابيا ومفيدا فإن وسائل الإعلام تتجاهل ذلك. هل هذا بسبب بعض الملفات المناهضة لإيران أو المؤيدة لإسرائيل؟".
ثم تساءل بيتر تاتشل عن أسباب هذا التجاهل الإعلامي من المنظور السياسي والصحفي، واصفا تصريحات الرئيس الإيراني بالخروج الجذري على مواقفه الصلبة تجاه إسرائيل السابقة مضيفا: "منذ أسبوع واحد فقط كان يقول في طهران إن دولة إسرائيل لن تعيش". |
|
وواصل الكاتب يقول: "أنا لا أدافع عن أحمدي نجاد ولا أؤيده بأي شكل من الأشكال، وسبق لي أن احتججت عشرات المرات خارج السفارة الإيرانية في لندن وكتبت عشرات المقالات التي انتقدت فيها اضطهاد نظامه للنقابيين والطلاب والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمثليين والنساء والمسلمين السنة والأقليات العرقية مثل العرب والأكراد والأذربيجانيين والبلوش في إيران".
وأوضح الكاتب موقفه من الحكومة الإيرانية مستشهدا ببرامجه التلفزيونية على الإنترنت حول ما وصفه بـ"عنصرية النظام الإيراني المعادي للعرب وحول ارتفاع المقاومة الشعبية لأساليب دولة الشرطة"، غير أنه أراد لنفسه أن يكون "منفتحا ومنصفا" حسب تعبيره "لكي أستطيع أن أرى أن أحمدي نجاد يبدو أنه قد غير موقفه ويظهر الآن أنه على استعداد -وبالتوافق مع الفلسطينيين- لقبول تعايش الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية".
واستطرد بيتر تاتشل: "أنا لا أتراجع بوصة واحدة عن إدانة نظام أحمدي نجاد نتيجة لامتلاكه غرف التعذيب المروعة وإعدامه الأحداث دون سن الرشد والقهر الاستعماري الجديد للقوميات، لكنني أجد نفسي متفقا بقدر كبير مع ما قاله الرئيس الإيراني عن أسباب تعثر عملية السلام في الشرق الأوسط".
وفي الوقت الذي استنكر الكاتب النظام الإيراني أيد موقف أحمدي نجاد من إسرائيل فقال: "إن التنازلات التي قد يقدمها الاحتلال هي التي تعد مفتاح السلام في الشرق الأوسط، وينبغي على إسرائيل أن تأخذ زمام المبادرة لاستئناف عملية السلام والانسحاب من جانب واحد من كافة الأراضي التي احتلتها في حرب 1967 بصورة غير شرعية (وفقا للقانون الدولي)، وهذا يعني الانسحاب الكامل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وتفكيك جميع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، كما يجب إنشاء دولة مستقلة ذات سيادة على أرض فلسطين".
واختتم الكاتب مقاله بالتساؤل: "ثمة لعنة واضحة وهي متى يستيقظ قادة إسرائيل ليدركوا أن السلام العادل والشامل هو الطريق الوحيد لمنح شعبهم الأمن الدائم؟.
تجدر الإشارة إلى أن تصريحات أحمدي نجاد بشأن الاعتراف بإسرائيل لم تنعكس في الصحافة الإيرانية، حيث لم يشر إليها إلا موقع "فردا نيوز" القريب من رئيس بلدية طهران، وذلك نقلا عن جاردين وبشكل مختزل جدا تحت عنوان "ادعاءات صحيفة غاردين حول حذف تصريحات أحمدي نجاد".
وكان نائب الرئيس الإيراني اسفنديار رحيم مشائي قد أعلن في تصريح له قبل شهرين والذي اعتبر خروجا عن أبجديات خطاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تجاه إسرائيل، أعلن أن بلاده "صديقة الشعب الإسرائيلي"، بحسب ما نقلت صحيفة "اعتماد" ووكالة أنباء فارس المعروفة بقربها من المحافظين في إيران.
وقال مشائي: "إن إيران اليوم هي صديقة الشعب الأمريكي والشعب الإسرائيلي. ما من أمة في العالم هي عدوتنا وهذا فخر لنا".
وعرضت تلك التصريحات أحمدي نجاد إلى انتقادات شديدة اللهجة خاصة من قبل منافسيه في التيار المحافظ، ووضعت الرئيس الإيراني أمام ضغوط واسعة طالبته بإقالة نائبه من منصبه، غير أنه اختار الصمت المطلق إلى أن تدخل المرشد آية الله علي خامنئي وحسم الموقف لصالح حكومة أحمدي نجاد بعد أن اعتبر الضجة حول نائب الرئيس منتهية وحذر من الخوض فيها. |
صحيفة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية