أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

جعجع وسليمان فرنجية سيلتقيان قريبا في القصر الجمهوري

‏لم يجتمعا إلا مرة ... كاد يلعلع فيها الرصاص

من المتوقع أن يلتقي في الأيام المقبلة رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ورئيس "تيار المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية في القصر الجمهوري في بعبدا برغاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان،  بعد نجاح الرابطة المارونية ، مدعومة  من البطريرك نصرالله صفير في مسعى وساطة بين الرجلين اللذين لم يلتقيا ولا مرة، باستثناء لحظات عابرة كاد أن يتخللها إطلاق نار على ما روى فرنجية عندما حاول الرئيس الراحل الياس الهراوي في بداية عهده أن يجمعهما في مقره الرئاسي الموقت عام 1992.

قال الوزير السابق وقتها أنه فوجىء بوجود جعجع فأطلق شتائم في حق رئيس الجمهورية الذي لم يبلغه بمن كان حاضراً في صالون دارته ومد يده إلى مسدسه على خصره وغادر المكان ، بينما بقي جعجع الذي نفى لاحقا رواية فرنجية، وقال إن اللقاء لم يكن محضرا جيدا على ما يبدو، إذ أراد الرئيس الراحل أن يفاجئهما ويفرض عليهما أمرا واقعا، وأضاف أن كل ما فعله فرنجية عندما رآه هو أنه غادر المكان .

كان الهراوي يريد جعجع دعامة لحكمه وفعل المستحيل لإدخاله نادي السياسيين المسؤولين لكن الأخير تملص ورفض توزيره مرة تلو أخرى، إلى أن أُدخل السجن بتهمة تفجير كنيسة جرت بعدها تهما شتى. وسارع فرنجية إلى حماية كثيرين من أنصار جعجع خصوصا في الشمال من موجات التنكيل بهم، رافعا شعار "عفا الله عما مضى" الذي أطلقه قبله جده الرئيس سليمان فرنجية متصالحاً مع حزب الكتائب وآل الجميّل وحتى مع الوزير السابق إيلي حبيقة الذي تولى قيادة عملية إهدن إثر إصابة جعجع قبل الوصول إلى قصر والد فرنجية الحفيد ، حيث قضى والد فرنجية ووالدته وأخته وعدد من أنصار العائلة في الحلقة الأكثر دموية من العمليات الثأرية المتبادلة بين المسيحيين شمالاً. وكان ذلك عام 1978.

ولكن هذه المرة الوضع مختلف، وأشياء كثيرة تغيرت، فقد مضى 30 عاماً على حادثة إهدن و16 عاماً على حادثة اللقاء غير المكتمل بمسعى الرئيس الهراوي . منها 11 عاماً أمضاها جعجع في زنزانة انفرادية  وخرج منها  أقوى مما كان قبل توقيفه بما لا يقاس . ويوم إطلاقه اتصل فرنجية برئيس مجلس إدارة تلفزيون "المؤسسة اللبنانية للإرسال" بيار الضاهر طالباً التحدث إلى جعجع الذي كان بقربه لكن رئيس "القوات" تملص وتجاهل الأمر. وروى لاحقاً أن سبب موقفه هو مقتل شابين من أنصاره في الكورة ( الشمال) برصاص رجل من أنصار فرنجية  الذي لم يسلم القاتل وتذرع بأنه رجل عجوز. وفعلاً فر مطلق النار إلى سورية حيث توفى طبيعيا بعد أشهر.

تحالف فرنجية بعد ذلك مع النائب الجنرال ميشال عون الذي كان انتقل إلى ضفة حلفاء سورية في لبنان والتقيا على مناهضة قوى 14 آذار/ مارس التي يشكل جعجع ركنا فيها فاتسعت الهوة أكثر وكادت الخلافات بينهم أن تتحول دموية مرة أخرى عندما قرر التحالف الذي يقوده "حزب الله"  قطع الطرق بالدواليب المحترقة لإسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في 23 كانون الثاني 2006 ولجأ أنصار جعجع إلى القوة لفتح الطرق في المناطق ذات الغالبية المسيحية مما أحبط التحرك. وازدادت الأحقاد لوقوع قتيل وعدد من الإصابات بين الطرفين.

البطريرك الماروني صفير خاول هو أيضاً جمع جعجع وفرنجية لإجراء مصالحة بينهما ، ولكن عبثاً، إذ أصر فرنجية أن يكون الجنرال عون أيضا حاضراً، فرفض جعجع .

ثم تدهورت العلاقات إلى أدنى مستوياتها ، ولم يوفر عون وفرنجية البطريرك في انتقاداتهما وهجماتهما الكلامية المباشرة، في حين تمسك جعجع بدور البطريركية في المصالحة ومرجعيتها للطائفة ووطنياً أيضا . وبدا أن الأمور توقفت عند هذا الحد وأن لا أمل يرجى من الوساطات. لكن المسعى الذي تولته الرابطة المارونية إثر حادثة بصرما في االكورة التي أوقعت قتيلين من أنصار جعجع وفرنجية لخلاف على تعليق صور فاجأ الجميع بنجاحه بعدما كان في يقينهم أن لا أمل يرجى في جمع الضدين العنيدين.

وسيجمع سليمان جعجع وفرنجية على قاعدة الإحتكام إلى التنافس الديمقراطي، خصوصا أن الإنتخابات  النيابية على الأبواب. أما المصالحة الكبيرة بين المسيحيين فستكون في بكركي حيث سيلتقي جميع أركان الطائفة ونوابها.

وثمة من يقولون أن جعجع كان يفضل ألا يلتقي فرنجية قبل الإنتخابات التي سيخوضها مع حلفائه تحت شعار"من مع لبنان ومن مع سورية في لبنان؟"، وهو شعار مربح في حساباتهم . لكن رئيس "القوات"في مقابل لقائه فرنجية وفق ما يناسبه ( بمعزل عن الجنرال عون ومن دون عزل البطريرك) سيكسب انفتاحا عليه من "حزب الله" يفيده في اللعبة الداخلية ، خصوصاً بعد تقديمه "الإعتذار العام والنادر غن كل ما ارتكبت القوات وأنصار لها" ، وقد بدأت فعلا اللقاءات بين الحزب و"القوات"، وتفسيرها الوحيد بعد إصرار "حزب الله" لمدة طويلة على مقاطعة "القوات" أو معاداتها  وتجاهلها في أفضل الأحوال أن هذا الحزب يريد مصالحة حقيقية - أقله في هذه المرحلة - مع "تيار المستقبل" ولقاء بين رئيسه النائب سعد الحريري والأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله ، وإن بثمن قد يخيّل إلى بعضهم أنه باهظ  مثل المرور ب "القوات" بعد "التطبيع" مع زميله رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط رغم كل ما قاله عن الحزب وسلاحه.

ولا شك أن الإعتراف بدور جعجع وحجمه في بيئته يحمل للحزب طعم مرارة، خصوصاً لأنه لم يغيّر في خطابه وإن بدّل الأسلوب.

ايلاف
(102)    هل أعجبتك المقالة (106)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي