أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

من يتبنون سياسة حجب المواقع في السعودية يخونون للملك عبدالله شخصيا

يعتقد سلطان القحطاني رئيس تحرير جريدة "إيلاف " الالكترونية ذائعة الصيت ، أن "سياسة حجب المواقع الاليكترونية التي تتبعها بعض الحكومات قد ولت لأن الثورة التكنولوجية لن تجعل من السهل عدم تجاوز الحجب حالياً"، معتبرا أن صحيفته اضحت اكثر مقروئية بالمملكة السعودية بعد قرار الحجب ، خاصة وأن الإحصائيات الأخيرة لبعض المراكز المتخصصة قد بينت أنها تحتل مكان الصدارة من حيث عدد القراء، كما عرج القحطاني في حوار مع "الجزيرة توك" على تجربته الخاصة في مجال الإعلام الاليكتروني والواقع الفكري والسياسي بموطنه السعودية .
-السعودية ليست كيانا واحدا متصلا رغم انها تحت اطار واحد

-الملك عبد الله اصلاحي وتحققت في عهده نسبة حرية عالية في الصحافة

(1)النشأة ليست تكوينا فيزيائيا فحسب .. بل هي جسرا ثقافيا ومجتمعيا بكل مميزاته وخصوصياته لمرحلة معينة من العمر.. وقد تمتد جذور ذلك التأثير مدى العمر؟ كيف تبدو نشأة "سلطان" وطفولته؟؟ وماذا تبقى من تلك النشأة الأولى؟

- ضبابٌ يحوّم على تلك البدايات الأولى التي لا أتذكر منها سوى طفلة قضمت خدها أثناء ما كنا في روضة الأطفال ولم أعرف أين هي الآن بعد نحو عشرين عاماً من تلك اللحظة ذات ظهيرة رائقة. حين أنظر إليها الآن أجد أن طفولتي كانت تبدو عبثية مثل مراهقتي وشبابي وشيخوختي المنتظرة التي أظن أنها لن تأتي إلا بعد 150 عاماً. أما ما تبقى من هذه النشأة الأولى هو أنني وصلت إلى قناعة تزداد رسوخا مع الوقت " لن أسمح لأحد بإذلالي – سواء أكان ذلك نظاماً حاكماً أو مؤسسة أو فرداً- لأنني لن أعيش سوى حياة واحدة"، وطالما أنني لن أعيش إلا هذه الحياة الواحدة فإنني لن أسمح لأحد بأن يسيطر على ذلك الإنسان العظيم الذي في داخلي.

(2) حدثنا عن كيفية دخولك لعالم الإعلام ؟
- كنت أغازل هذا الفيروس عن بعد حتى فاجأني وحول حياتي 180 درجة إلى مسار آخر أستطيع من خلاله اقتحام كل الأبواب دون أن يسألني أحد لماذا؟. بدأت أول ما بدأت في صحيفة الرياض السعودية من خلال نشر قصائدي في ملحقها الثقافي ما جعلني مشهوراً في وقت قياسي، وبعد عدة أشهر وجدت نفسي حاصلاً على جائزة من الصحيفة عن فئة الشعر بمركز متقدم جداً (الثالث) قياساً بعمري حينها الذي لم يكن يتجاوز 17 عاماً. وأتذكر أنني حين صعدت لاستلام جائزتي سألني أمير منطقة الرياض سلمان بن عبد العزيز حين لاحظ صغري سني عن هل فعلا أنا "القحطاني الفائز" وتبعها بابتسامة مداعبة.

لم تمض أشهر بعدها حتى حصلت على جائزة أخرى على مستوى المملكة في فئة القصة القصيرة من قبل مسابقة نظمتها وزارة التربية والتعليم في المملكة، وهكذاً شعرت بأنني أخطو خطوات قريبة جداً من العمل الصحافي، لكنها لم تكن صحفية في مضمونها. بعدها وجدت نفسي أبدأ في كتابة المقالات وانتقلت بعدها إلى عمل مؤقت في مجلة فنية وبدأت أمضي وأصعد سلما إثر آخر حتى وصلت إلى تلة مرتفعة كما يقول الآخرون برفقة معلم علمني الكثير وشد على ساعدي هو الأستاذ عثمان العمير. لقد كان عثمان ولا يزال بالنسبة لي الأب والنهر والاستاذ الذي يفيض بينابيعه المتواصلة علي. وبإشرافه المباشر على خطواتي الصغيرة حولني إلى شخص أزعم أنه يملك ادوات جيدة في الكتابة والعمل الصحافي، فله الفضل من قبل ومن بعد.

(3) صحيفة "إيلاف الاليكترونية" تعد أحد أهم المنافذ الإخبارية العربية المتخصصة على شبكة الانترنيت ، كيف تحقق هذا الحلم ؟ وماذا تعني مفردة "ايلاف"؟

- إيلاف جائت ثمرة فكرة كانت تدور في الزوايا الداخلية من مخيلة ناشرها الأستاذ عثمان العمير بعد أن حاول أن يجعل من استقالته من كرسي رئاسة تحرير صحيفة الشرق الأوسط طلاقاً بائنا من عالم الصحافة محاولا تغيير حياته إلى ضفة أخرى. لكن بعد عامين من ذلك وجد أن الفأر الصحافي يعبث في معطفه آناء الليل والنهار محرضاً إياه على العودة إلى مرابعه إما مختاراً أو مجبراً. كان بإمكانه أن يكون سفيرا في إحدى الدول الاسكندينافية الهادئة، أو رجل أعمال يجوب القارات بحثاً عن المشاريع، أو حتى متقاعداً يريد أن يقضي بقية سنواته في الراحة والاستجمام. لكنه آثر أن ينفض عن جلده كل هذه الثلوج ويطلق كرة نار لم تنطفئ بعد. وللمعلومية فإن أسم "إيلاف" مأخوذ من إحدى الآيات من القرآن الكريم التي تعني التآلف والمحبة.

(4) نعلم تفاصيل العمل في الصحف الورقية ، لكن الصحف الاليكترونية وظروف عملها تعد "ظاهرة حديثة " نسبيا على القارئ ، هل حدثتنا على ظروف تحرير " ايلاف " ومختلف مراحل العمل فيها ( اجتماعات التحرير ، ...الخ) ؟

- إننا نعمل وكأننا في صحيفة ورقية لكن مع مجهود أكثر يدفع بعضنا إلى العمل أكثر من 10 ساعات متواصلة دون الإحساس بهذا الوقت الطويل الذي يمضي. إن العمل الالكتروني يدخلك في ثورات القرن الجديد ويجعلك تحس بمسؤولية نتيجة لمئات الآلاف من القراء الذين يتصفحون جريدتك يومياً. نبدأ خطتنا التحريرية اليومية في التاسعة غرينتش عبر اجتماع تحرير شامل يتم في إحدى الصالات الالكترونية الافتراضية، ونتناقش كتابة عن موادنا اليومية وأفكارنا المستقبلية وعن الملاحظات التي تأتي من قرائنا وبعدها نكمل انطلاقتنا لأننا على مدار ال 24 ساعة لا نتوقف مطلقاً.

(5) أنت مدير تحرير "إيلاف" على مستوى السعودية ، وإيلاف محجوبة في المملكة السعودية عن القراء .. اسوة بمواقع أخرى تم حجبها "كالجزيرة توك" أولا هلا حدثتنا عن أسباب الحجب ، ثم كيف تتعاطي مع عملك كرئيس تحرير في غياب النسخة ؟

- هذه هي المرة الثانية التي تحجب فيها الصحيفة بعد الحجب الأول الذي تم رفعه بعد أن قمنا بإغلاق المنتدى التفاعلي المرافق للصحيفة والذي كان يعطي مجالاً حراً أكثر للأصوات الليبرالية التي لا تجد منابر لها، دون أن نغفل فتح الباب أمام التيارات الأخرى. أما هذا الحجب الثاني الذي هو الأطول من نوعه فحتى الآن لا نعرف الأسباب الرسمية لهذا الأمر. مهما تكن الأسباب فإن "الأشخاص" الذين يقفون وراء قرار الحجب هم يسيئون للملك عبد الله بشكل شخصي لأنه ملك إصلاحي أحدث تغييرات لافتة في هذه البلاد، وهذا المنع يضر بصورته أمام الرأي العام العالمي. إنني أعرف أن الملك عبد الله إصلاحي عظيم فلا أعتقد أنه سوف يسمح بإغلاق صحيفة الكترونية استطاعت أن تنجز الكثير منذ بدء فترة حكمه التي امتازت بكونها حملت نسبة حرية عالية للصحافة في المملكة.
أما عن التعاطي مع العمل في ظل الحجب فإنني أقول أنه لم يتغير بل أنه ازدادت وتيرته، ومنذ الحجب قمنا برفع نسبة العاملين في المكتب الإقليمي في المملكة بما نسبته 45 في المائة وهي تزداد مع الوقت. إنني مؤمن بأن سياسة الحجب قد ولت لأن الثورة التكنولوجية لن تجعل من السهل عدم تجاوز الحجب حالياً. تأثيرنا داخل السعودية لم يتناقص بل على العكس يزداد يوماً إثر آخر.

(6) كنت من أوائل من استخدم مصطلح " إسلاميي السعودية" ، وهو مصطلح كان جديدا للقارئ العربي الذي –كان- يعتبر المملكة ككل جزء من تيار واحد، حدثنا عن المملكة وتياراتها الاجتماعية ومناطقيتها وإسلامييها؟
- لا أعتقد أنني أول من أستخدم ذلك بل أظن أن كثيراً من زملائي سبقوني إليه. للأسف فإن السعودية ليست كياناً واحداً متصلاً رغم أنه تحت إطار دولة واحدة، لكنه خليط عرقي وفكري مهول يجعل من الصعب تطبيق وصفة شاملة للإصلاح تقوم بها الدولة، وهذا ما يجعل خطوات الإصلاح التي تجري خطوات حذرة وبطيئة بشكل واضح.

يجب علينا أن نقرأ الجغرافيا التنموية أولاًُ في البلاد كي نعرف إلى أي حد هناك تقسيمات مفزعة ومفجعة في آن. باعتراف المسئولين أنفسهم فإن هناك مناطق بأكملها لم تنل نصيبها الكافي من التنمية. تخيل بعد أكثر من نصف قرن من بروز المملكة ككيان سياسي متحد توجد مدن سقطت من خارطة التنمية لمصلحة مناطق أخرى. فكيف ستتعامل الحكومة مع هؤلاء الذين بدؤوا تواً في الحصول على حقوقهم الأساسية. وكيف ستقارنهم بآخرين عبوا من التنمية عباً حتى الثمالة، وآخرين ما زالوا في الطريق الأول.

النقطة الأخرى فيما يتعلق بالجغرافيا البشرية والعرقية الخاصة بسكان المملكة، فهم مكونون من قبائل وأسر حضرية ومقيمون عاشوا سنوات حتى استطاعوا الحصول على الجنسية، وذلك يجعل طريقة تعاملهم متفاوتة، فأفراد القبائل منغلقون على أنفسهم لا يسمحون لأحد بالزواج منهم أو يتزاوجون من خارج قبائلهم، بينما الأسر الحضرية تنظر نظرة ازدراء لهؤلاء البدو الذين يشكلون أغلبية مطلقة في البلاد، في حين ينظر المقيمون الآخرون والذي جاء أغلبهم بسبب رحلات الحجاج إلى غرب البلاد إلى الآخرين بحذر وشك. لا توجد علاقات رضى مطلق في الإطار العام بين الشمال والغرب أو الشرق والشمال أو الجنوب والوسط وهكذا دواليك.

إذن نحن نتحدث عن صورة يحميها إطار ظاهري صلب لكنها من الداخل مقسمة بشكل كبير، وهذا ما جعله ينعكس إلى المناحي الفكرية وتقسيماتها. ونتيجة لذلك مع مرور السنوات تشكلت لدينا العديد من التيارات التي تخوض صراعاتها الهامشية البسيطة على صفحات الصحف ومن خلال البرامج التلفزيونية دون التركيز على الجوانب الحقيقية التي ينبغي دعمها للإصلاح. لا بد من وجود إصلاح حقيقي يدعمه هؤلاء المثقفون بدلا عن الغرق في هذه التقسيمات الفارغة. لقد قال الملك عبد الله كلاماً حقيقيا وواقعيا حين طالب الجميع بعدم تقسيم المجتمع إلى فئات بل كلهم مواطنون لهم نفس الحقوق والواجبات. أجزم أنها دعوة صادقة ومقدمة لمعركة تاريخية مع الماضي.

(7) أخيرا كيف يقضي "سلطان القحطاني" ، وقته ، وما هي الاهتمامات التي تسترعي انتباهه ؟

-بعيداً عن العمل أقضي وقتي في القراءة والكتابة ومحاولة تطوير مهاراتي في عزف البيانو، إضافة إلى المشي وأنا أضع هذا الآيبود الجميل في أذني مستمعاً إلى أحدث الكتب والمعزوفات الموسيقية والبرامج الإذاعية التي احملها من الانترنت. شكراً بيل غيتس .. حمداً للتكنلوجيا !!

محمود ابو بكر ـ الجزيرة توك
(178)    هل أعجبتك المقالة (196)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي