خاضت دراسة صادرة عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في تفاصيل إعلان حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وإدارته الذاتية الفدرالية.
ورأت ورقة "تقدير موقف" أن الحزب الذي يعد الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني نجح نتيجةً لسيطرته على بلدة "تل أبيض" في ريف الرقة الشمالي الغربي، في تحقيق وصلٍ جغرافي بين كانتوني "الجزيرة" و"عين العرب".
وأشارت إلى أن الحزب سيجهد مستقبلا في وصل هذين الكانتونين بكانتون "عفرين" شمال حلب، عندما يتراءى له أنّ الأوضاع الميدانية والسياسية مواتية، بخاصة في ظلّ حُظوته بدعم مشترك روسي - أميركي شجّعه على إعلان الفدرالية من جانبٍ واحدٍ.
وأشارت الدراسة، إلى أن الحزب استغل حالة الفراغ الناشئة عن انسحاب النظام، وأعلن في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، إنشاءَ مناطق إدارة ذاتية في ثلاث مناطق هي: "الجزيرة" في أقصى شمال شرق البلاد، و"عين العرب" شمالًا، و"عفرين" في الشمال الغربي. وأقام في كلّ منها مجالس تحاكي الوزارات وقوّةً شرطيةً، في خطوة أثارت شكوكًا كثيرةً في الهدف النهائي الذي يسعى له أكراد حزب الاتحاد الديمقراطي حينها.
الحزب الذي يحاول استغلال الأوضاع الصعبة في سوريا وسط التدافعات الإقليمية والدولية؛ عليه، حسب الدراسة، أن يتجاوز مسألتين أساسيتين؛ أولاهما التعامل مع الوجود الديموغرافي العربي الكثيف في الخريطة الكردية المنشودة، وهذه المهمّة تبدو صعبة التحقيق، زيادةً على تكلفتها التي قد تكون متمثّلة بمواصلة التطهير الإثني ضدّ العرب. وثانيتهما مرتبطة بمعارضة أكثر السوريين لأيّ محاولات لتقسيم بلادهم، ما يعني أنّ حزب الاتحاد الديمقراطي، والقوى القومية الكردية التي تلفّ لفّه، بصدد تقديم وصفة لصراع عربي كردي طويل لن تكون الأزمة الحالية، من دون شكّ، سقفَه الزمني، إضافة إلى معارضة قوى إقليمية للمشروع.
وذكرت الدراسة أن "نقطة الضعف الكردية منذ بداية القرن متمثّلةً باستغلالها من جهة قوًى دولية في صراعاتها في الشرق الأوسط قبل التخلي عنها عند أول منعطف؛ ولذلك ينبغي عدم الاعتماد على ذلك اللقاء الأميركي -الروسي في دعم حزب قومي كردي متطرف لمحاربة داعش".
وتضيف "في المقابل، تكون المواطنة الديمقراطية هي الضامنة لحقوق العرب والأكراد في سورية، ولكن لا يجوز انتقاد الأكثرية العربية بسبب أيديولوجيةٍ قوميةٍ لأحزاب حاكمة عاناها العرب وغيرهم، ولا يجوز كذلك الإصرار على صيغة أيديولوجية متطرفة من جهة القومية الكردية والتخلّي عن الوطنية السورية".
واعتبرت الدراسة أن ذلك يمهد لخلق جو "لا يصلح أساسا لتعايش عربي - كردي في إطار مواطنة سورية ديمقراطية شاملة، وإنّ هذه المواطنة هي الخيار الوحيد البديل من حربٍ مستدامةٍ يخسر فيها الجميع".
وأعلنت قوى سياسية كردية، في مقدّمتها حزب الاتحاد الديمقراطي "الكردي"، في اجتماع عُقد بمدينة الرميلان، بالحسكة، في 17 آذار/ مارس 2016، قيامَ "الاتحاد الفدرالي" بين ما سُمِّيَ أقاليم "روج آفا" (غرب كردستان) و"أقاليم شمال سوريا".
وانتخب المجتمعون لجنةً من 31 شخصا لوضع أُسس "الفدرالية" خلال ستة أشهر في مؤتمر تأسيسي يُعقد من أجل تصديقها.
وأعلن زعيم الاتحاد الديمقراطي، صالح مسلم، أنّ الكيان الفدرالي المذكور لن يقوم على أساس جغرافي، بل على أساس ديموغرافي (إثني).
ويغطي الإقليم المنشود نحو 10% من أراضي سوريا وثلاثة أرباع حدودها مع تركيا، وتسيطر عليه فعليّا مجموعات تابعة للاتحاد الديمقراطي.
وجاء ذلك بالتزامن مع تصريحات روسية وأميركية ملتبسة بإمكان إقامة دولة فدرالية (اتحادية) في سوريا، واستفادةً من حال الإنهاك التي أصابت أطراف الصراع السوريين.
زمان الوصل - رصد
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية