أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

استعار الحملات الإعلامية بين سورية والسعودية

نشرت جريدة سورية خاصةخبراً مفاده أن الأمير بندر بن سلطان هو المسؤول عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري بالتعاون مع الموساد الإسرائيلي دون أن توثق خبرها أو تبيّن مصادره، مع ملاحظة أنها ليست المرة الأولى التي تنال وسيلة إعلام سورية غير رسمية من السعودية بنشر الأخبار أو التعليقات التي تخدم هذا الهدف، وبالمقابل فإن بعض وسائل الإعلام المقربة من الحكومة السعودية تمارس الأمر نفسه تجاه سورية وتستفيد من أي خبر أو حتى إشاعة تخدم هذا الهدف دون التأكد أيضاً من المصدر أو من صحته، وهذا النقد المتبادل بين وسائل الإعلام في البلدين ليس جديداً وقد بدأ في الواقع منذ ثلاث سنوات من غير أن يشترك الإعلام الرسمي فيه، بما يدل على أنها حرب إعلامية "تحت الطاولة" وغير معلنة.

لم تعد الخلافات السورية السعودية سراً على أحد رغم حرص كل من الطرفين رسمياً على عدم التحدث عنها، وقد بلغت هذه الخلافات أوجها عام 2005 بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري الذي كان حليفاً وصديقاً للسعودية، حيث اتهمت السعودية سورية باغتياله دون أن تعلن ذلك، وقيل يومها أن الملك عبد الله بن عبد العزيز طالب بإلحاح وبما يشبه الإنذار من الرئيس الأسد لدى زيارته السعودية سحب القوات السورية من لبنان فوراً وربط استمرار العلاقات بين البلدين بهذا الانسحاب، كما طالب سورية بعدم التدخل بالشؤون اللبنانية، وتقول بعض الأوساط السورية أن الملك السعودي عبد الله لم يأخذ المصالح السورية في لبنان بعين الاعتبار وقد ألقت الخلافات السورية السعودية في لبنان بظلالها على قضايا المنطقة، فحاولت السعودية مثلاً الضغط على بعض البلدان العربية حتى لا تشارك في القمة العربية التي عقدت في دمشق بشهر آذارالماضي بعد أن فشلت في تأجيل مؤتمر القمة إلى وقت آخر لئلا تكون سورية رئيسة للقمة خلال عام كامل.

يرى بعض المراقبين أنه كلما اهتز الوضع الداخلي اللبناني وازدادت الخلافات فيه انعكس ذلك على علاقات سورية والسعودية، ليس تجاه لبنان فقط بل تجاه جميع القضايا الأخرى السياسية والاقتصادية وغيرها، حتى أن عدد السياح السعوديين إلى سورية تراجع بشكل ملحوظ خلال هذا العام نتيجة التعليمات الرسمية كما يدّعي السوريون.

إن فتور العلاقات هذا بقي بعيداً عن تناول وسائل الإعلام الرسمية لكل من البلدين فلم يمارس أي منهما حملات إعلامية على سياسات البلد الآخر إلا أن وسائل الإعلام شبه الرسمية السورية والسعودية قامت بهذه المهمة وأخذت تلتقط أي خبر سياسي أو اقتصادي أو حتى فتوى أو قرار رسمي لدى الطرف الآخر يمكن من خلاله توجيه اللوم له ونقده إلا واستخدمته.

ففي سورية مثلاً قامت بالمهمة وسائل إعلام مقربة من السلطة كما هي حال صحيفة (الوطن) اليومية، وبعض المواقع الإلكترونية الناطقة باسم السلطة وقناة (الدنيا) التلفزيونية من خلال برنامج دعاء ابو درويش الذي وصفه البعض بالهزالة والسطحية، وغيرها، وأخذت هذه الوسائل جميعها تتناول السعودية بالنقد من خلال أخبار متنوعة سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو دينية وتكتب تعليقات مستندة عليها تنال من السعودية، بما يشبه الحملات الإعلامية، وبدون شك فإن هذه الحملات تنال رضى السياسة السورية وإلا لما تجرأت وسائل الإعلام السورية هذه على القيام بها.

يرى بعض المراقبين أن السياسة السورية لا ترغب في أن تقوم وسائل الإعلام الرسمية بهذه المهمة لأنها ـ رغم كل شيء ـ لا تريد أن تتوتر العلاقات بين البلدين أكثر مما هي عليه أو تقطع كل الخيوط مع السعودية. ومن جانبها فإن وسائل الإعلام السعودية غير الرسمية تقوم بالشيء نفسه كما هي حال بعض الصحف وخاصة (الوطن) السعودية وبعض القنوات التلفزيونية الفضائية وخاصة تلفزيون (العربية)، أي استغلال أي خبر سلبي عن سورية وتضخيمه وإعطائه الأولوية في نشراتها أو في المقالات الصحفية دون الاهتمام بجدية مصادره.

يؤكد المحللون السياسيون أن ذلك كله يرتبط بالعلاقات السياسية بين البلدين المتردية حالياً، حيث تتهم سورية السياسة السعودية بأنها تضغط على العرب وغير العرب لعزل سورية وإدانتها وإضعاف موقفها العربي، وتقول بعض الأوساط أن السياسة السعودية غير راغبة حتى الآن بتخفيف التوتر بين البلدين والوصول إلى علاقات طبيعية.

(134)    هل أعجبتك المقالة (115)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي