أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بعد نزع وريقة التوت...ماذا بقي لهم؟!!.. أحمد المصطفى *


"إن العقود الجديدة مع دول الخليج و"اسرائيل" ومصر لتقديم مساعدة عسكرية، ستساعد قوى "الاعتدال"، وستدعم استراتيجية أوسع نطاقاً للتصدي للتأثير السلبي للقاعدة وحزب الله وسوريا وايران".
*وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس

يروى في الأثر أن ملكاً ورث الملك عن أبيه، وتميزت المملكة في عهد والده بالنهضة العمرانية والثقافية، واتساع رقعتها بما يشبه الامبراطوريات، وبعد أن تُوِّج ملكاً جمع أخلص مستشاري أبيه، مستفسراً عن عبقرية والده وكيف استطاع تطوير مملكته الشاسعة، وتعزيز مكانتها، والحفاظ عليها، فأجمع هؤلاء على أن والده أي الملك السابق كان قارئاً حسناً للتاريخ، فطلب منهم الملك الابن أن يحضروا له كتب التاريخ، فجاؤوه بأحمال عشرة جِمالْ من الكتب، فطلب اليهم اختصارها لأن ضرورات الحكم، ومتابعة شؤون الرعية، لن تمكنه من قراءة هذا الكم الهائل من الكتب، عادوا اليه بعد عام بأحمال خمسة جمال، فطلب اليهم الاختصار لأن مسؤوليات الحكم ازدادت، وصار أعداء المملكة يضمرون شراً لمملكته، وبعد عام آخر عادوا اليه بأحمال ثلاثة جمال، وكانت أطراف المملكة بدأت تتآكل، فطلب منهم الاختصار، فعادوا اليه بعد عام بِحِمْلِ جملٍ من الكتبِ، وكانت بعض ولايات المملكة قد اغتصبت منها، فطلب اليهم الاختصار. عادوا اليه بعد عام آخر أيضاً بكتاب واحد، وكان الأعداء قد وصلوا الى أسوار القصر، فقال لهم ألا ترون مانحن عليه، لاوقت لدي، وكلَّف أحدهم بقراءة مافي الكتاب، فكان يتألف من جملة واحدة فقط، وقرأ له: أن هذه نهاية من لايقرأ التاريخ.
هذه القصة تشبه الى حدٍ بعيد ما آل اليه حال عرب اليوم، بعد أن نزعوا أو انتزعت منهم غصباً آخر وريقة توت كانت تكاد تغطي بعض عوراتهم، وهم يحشدون السلاح الأميركي الشقيق، ضد عدوتهم "الإرهابية، المارقة سورية" وبعد أن جعلوا من ("اسرائيل" قلب عروبتهم النابض)، وقد هالني مارأيت حين أمسك أحد وزراء الخارجية العرب يدا مس رايس بكلتا يديه، وهزَّهما ِبوَلَهْ العاشق الهيمان، حتى لكأني لم أصدِّق ما رأت عيناي فقلت في نفسي انها مجرد هلوسات، وبينما أنا في حال مابين تكذيب نفسي، وتصديقها، اتصل بي صديق مستفسراً هل شاهدت ذلك؟..وهل من تعليق؟.. قلت له سأعلق على الموضوع بما تحب، لكن دعني أروي لك هذه القصة من تاريخنا القريب، وبدأت أسرد له القصة دون انتظاري إذناً منه بذلك:
القصة يا صديقي تقول أن امبراطوراً رومانياً بعث برسالة يتوعد فيها هارون الرشيد، بدأها من نقفور عظيم الروم الى هارون الرشيد، يطلب فيها منه ايقاف دفع أموال الجزية، واعادة المبالغ المدفوعة سابقاً، وإلا وقع في المحظور، مهدداً إياه بالويل والثبور، وعظائم الأمور ان لم يذعن لأوامره وطلباته، فكانت ردة فعل هارون الرشيد أن كتب على ظهر الرسالة نفسها: من هارون الرشيد أمير المؤمنين الى نقفور كلب الروم.. الجواب ما سترى لا ما ستسمع، وجهز جيشاً عرمرماً وغزا بلاد هذا المتغطرس وأوقعه في الأسر..... وبعدما أنهيتُ القصة. ذكَّرْتُهُ بقصة قتيبة بن مسلم الباهلي حين كان على تخوم الصين، وجاءه امبراطور الصين مفاوضاً، كي لا تُكْسَرَ شوكته ويهان أمام شعبه، ، فاعتذر منه الباهلي لأنه أقسم على أن يطأ أرض الصين،
ويجز ناصية الامبراطور ولا بد له من أن يبرَّ بقسمه، فقص الامبراطور شيئاً من شعر ناصيته وأحضره الى قتيبة، وأمر بإحضار صندوق من تراب الصين الى تحت أقدامه ليبرَّ الباهلي بقسمه، دون النيل من هيبة الإمبراطورْ أمام شعبه.
قلت لصديقي أما زلت تريد تعليقاً؟!!!... فشكرني وأنهى المكالمة.
صدقوني ما تغير شيئ، فلا انهيار الاتحاد السوفييتي وسياسة القطب الواحد، ولا 11 أيلول، ولا حماقة وعنجهية ورعونة wبوش هي السبب، وانما يكمن السبب في أن معظم العرب، الرسميين طبعاً، قد فقدوا "كرامتهم، ونبلهم، وعفتهم، وحيائهم وشهامتهم ونخوتهم، وذلك يقتضي ضمناً رجولتهم".. مما أفقدهم البوصلة، فاختلطت عليهم الأمور، لا لشيء الا لأنهم ماقرؤوا، ولم يكلفوا أنفسهم عناء قراءة التاريخ، فكم من حرائرنا سيغتصبنْ، وكم من أدمغتنا سيتم غسلها واغتيالها، وكم من عواصمنا وممالكنا ستلحق بالقدس وبغداد النازفتين دماً ودمعاً، ان بقي هؤلاء "ومن سيرثهم بعد عمرٍ طويل طبعاً" يجهلون التاريخ، ويصرون بغباءٍ منقطع النظير على تجاهل دروسه وعظاته؟!!!..
وكما قيل إن لم تستح فاصنع ماشئت.

 


*كاتب سوري


(173)    هل أعجبتك المقالة (153)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي