جديد مواقف واشنطن حول: إرسال قوات سعودية إلى سوريا و"إبادة" المعارضة ودعم الأكراد

استغرقت القضية السورية وتداعياتها على مجمل المؤتمر الصحفي اليومي للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية "جون كيربي"، الذي نبعت أهمية تصريحاته من الظروف المحيطة بهذه القضية، لاسيما حديث السعوديين عن استعدادهم لإرسال قوات برية إلى سوريا، واستمرار روسيا في عدوانها وقصفها، وعودة موجات اللاجئين الضخمة مع تواصل هذا القصف.

وفي مؤتمره اليومي بتاريخ 8 شباط/ فبراير الجاري، تعرض "كيربي" لسيل من الأسئلة بخصوص سوريا وومواقف وتقييمات تخص تركيا وروسيا والأكراد والسعودية من القضية السورية، وقد تابعت "زمان الوصل" المؤتمر وتولت ترجمة أهم ما جاء فيه، لاسيما تلك التصريحات التي تناقلها البعض منقوصة، أو مجتزأة.

فقد سئل "كيربي" عن السبب الذي يمكن أن يدفع روسيا للتوقف عن قصفها، فيما هي تحقق "التقدم" ميدانيا، فأجاب الناطق الرسمي: نرى أنهم يجب أن يتوقفوا عن فعل هذا الشيء لأنه يدعم نظام الأسد، إنهم لا يقومون بشيء سوى إطالة عمر الصراع وجعله أكثر صعوبة فيما يخص مساعينا للوصول أي حل سياسي أو انتقال (سياسي) من أي نوع... وكما قلت في وقت سابق، بسبب الدعم العسكري الروسي لقوات النظام على الأرض داخل وحول مدينة حلب، لم يكن بالإمكان لمحادثات في جنيف أن تمضي قدما.

وطالب "كيربي" الروس بالتعبير عن التزامهم -الفعلي وليس الشفهي- بالسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول، لافتا نظرهم إلى أن دعم بشار الأسد وتقويته هو مجرد إطالة لأمد الصراع في سوريا، وجعل الوضع أكثر صعوبة ليس فقط للشعب السوري، ولكن لدول مثل تركيا، التي عليها أن تتعامل مع تدفق اللاجئين الهائل، ومع قضايا تخص أمنها.

وفي المؤتمر الصحفي، سئل "كيربي" عن واقعة لقاء عمال إغاثة سوريين مع وزير الخارجية "جون كيري" في لندن الأسبوع الماضي، حيث نقلوا عن "كيري" قوله بأنه يتوقع 3 أشهر من القصف التي من شأنها أن "تهلك" المعارضة. كما نقلوا عن "كيري" لومه للمعارضة السورية، وتحميلها المسؤولية عن فشل محادثات جنيف.

فأجاب "كيربي": بداية، لم أكن طرفا في هذا الحوار. ومع ذلك، فإن الوزير "كيري" لم يعط أي توقعات حول الثلاثة أشهر هذه أو تلك، لقد قال الوزير علنا- وقال ذلك مؤخرا يوم الجمعة على الملأ- إنه ما لم نتمكن من الوصول إلى وقف إطلاق النار يوقع عليه الجميع، واتفاق لوصول المساعدات الإنسانية.. فإن أمد الصراع سيطول. وكما قلت للتو فأنا لست على علم بأي تنبؤ قدمه الوزير يتعلق بعدة أشهر، ولكن من المؤكد أنه كان منفتحا جدا وصريحا في التعبير عن قلقه الحقيقي والبالغ من دعم نظام الأسد بشكل يضمن استمراراه، ومن العمل العسكري الروسي الذي ما يزال مصمما على استهداف جماعات المعارضة بدلا من الإرهابيين، وهكذا فإن الوضع في سوريا لن يسير على نحو أفضل، بل سيزداد سوءا، وسيمضي في طريق مؤسف، وأنا أن أود التنبؤ كم سيطول هذا.

أما بالنسبة للمعارضة (السورية)، فلم يكن هناك أي مضايقة للمعارضة. ومرة أخرى، أعلن الوزير "كيري" يوم الجمعة، أن الجميع يريدون من النظام والمعارضة المشاركة في هذه المحادثات غير المباشرة وإجراءها من دون شروط مسبقة. لأن وضع شروط مسبقة سيجعل من السهل جدا على النظام ومؤيديه لعدم الشروع بالحوار، مستخدمين تلك الشروط ذريعة.

فمن خلال قدرتك على اجراء محادثات، وبالشكل المأمول والمثالي، يمكنك البدء في الحصول على القضايا الأكثر أهمية، وهي وقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية. من الصعب أن تفعل هذا إذا لم تنخرط في حوار. من الصعب أن تفعل ذلك بالتأكيد عندما يتم قصف الناس، ويصبحون عاجزين عن الحصول على الغذاء والماء والإمدادات الطبية، كما نرى.

لم يكن هناك مضايقة للمعارضة هنا، ولم يكن هناك لوم، وما رأيتموه خلاف ذلك هو أن الوزير "كيري" قال علنا الأسبوع الماضي، إنه يشعر أن النظام وأنصاره بمن فيهم الروس لم يسهموا في توفير مناخ يفضي إلى حوار مثمر، في إشارة إلى تمسك النظام وروسيا بحل عسكري لمشكلة، كنا دائما نشدد على أنه ليس لها سوى حل سياسي.

وسئل "كيربي" لأجل إعطاء موقف واضح ومتماسك من العرض السعودي، الذي تبعه الإماراتيون، بإرسال قوات برية إلى سوريا، فأجاب الناطق الرسمي: مرة أخرى، كما قلت في الأسبوع الماضي، نحن نرحب بهذا. عندما تركز على "داعش".. نحن نرحب بالتأكيد باستعدادهم للمساهمة في هذه الجهود ضمن هذه المهمة تحديدا (محاربة التنظيم)... ما زلنا بحاجة للحصول على تصور أفضل لهذا الأمر وما يمكن أن يترتب عليه، وبحاجة للتأكد من أنه يتطابق مع جهود وحاجات التحالف.

ومرة أخرى، وبلا مواربة، نحن نرحب بالإعلان (السعودي) ونحن نرحب بالدعم الذي يبدون استعداداهم لتقديمه، بالنظر إلى أنه موجه ضد "داعش".

وذكّر أحد الصحافيين الحاضرين "كيربي" بما قاله الوزير "كيري" حول وجوب تنسيق أي قوات تدخل سوريا مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وفيما إذا كان هذا يتناقض مع عهود "اوباما" المتكررة بعدم إرسال أي قوات برية إلى سوريا، فنفي "كيربي" أي تغيير في استراتيجية "أوباما" حول هذا الأمر، مشددا على أن واشنطن ليس لديها نوايا لإيجاد موطئ قدم عسكرية "كبيرة" على الأرض في سوريا.

واستدرك "كيربي" ليوضح أن أعداد العسكريين الموجودة في سوريا "صغيرة"، وقوامها عناصر من قوات العمليات الخاصة للمساعدة في تقديم "المشورة والمساعدة ف يتحسين القدرات إذا لزم الأمر".

وسئل "كيربي" عما إذا كان يعلم أي شيء عن محادثات سعودية مع وزراة الدفاع الأمريكية، حول إرسال قوات برية سعودية إلى سوريا، فأجاب: أنا لا أعرف، وأرغب في أن أحيلكم إلى وزارة الدفاع.

وانتقلت الأسئلة إلى محور آخر، مع الاستفسار عن تعليق واشنطن حول تصريح انتقادي وجهه الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إلى نظيره الأمريكي، مستفهما منه: "هل أنا شريكك، أم الإرهابيون في كوباني".

فأجاب "كيربي": لا أعتقد أن هناك أي شك في أننا شركاء تركيا، نحن حلفاء لتركيا، ونحن نواصل السير على هذه الطريق، لا شك في ذلك على الإطلاق.

ولكن تركيا تصنف حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي تنظيما إرهابيا.. تساءل أحد الصحافيين، مضيفا: من وجهة نظر تركيا، دعم الولايات المتحدة للمقاتلين الأكراد في سوريا يساوي دعم الإرهابيين. كيف يمكن لك أن تدير الوضع حين يعتبر أحد حلفائك حليفا آخر خاصة بك.. يعتبره إرهابيا؟

أجاب الناطق الرسمي: لقد تم إدارة هذه المسألة بالذات بعض الوقت. هذا ليس مصدر قلق جديد، كما قلت، أن الأتراك عرضوا علينا، تصنيف حزب الاتحاد الديمقراطي كمنظمة إرهابية، ونحن لم نفعل.. حتى أفضل الأصدقاء لا يمكن أن يتفقوا كل شيء. المقاتلون الأكراد من أنجح من قاتل "داعش" داخل سوريا. لقد قدمنا قدرا من الدعم لهم، معظمه عن طريق الجو، وهذا الدعم سوف يستمر. ولكن هذا لا يعني أننا أننا لسنا على استعداد لمواصلة مناقشة المخاوف التي تثيرها تركيا، بينما نواصل دعمنا.. تركيا حليف وصديق وشريك. ونحن ماضون في طريقنا لمواصلة العمل من أجل تحسين هذه الشراكة.

وسئل "كيربي" عن تصريحات أطلقها مسؤولون أتراك تقول إن الأسلحة التي قدمتها واشنطن لحزب الاتحاد الديمقراطي لاستخدامها ضد تنظيم "الدولة" استخدمت في تركيا ضد الجيش التركي، ما يشير إلى العلاقة بين "الاتحاد الديمقراطي" وحزب العمال الكردستاني.

أجاب "كيربي": لقد شاهدت تلك التقارير. ونحن لم نر مؤشرات تدل على أنها مبنية على حقائق. ما تم تقديمه للمقاتلين الأكراد في الحقيقة هي ذخائر وليست أسلحة. ولكن نحن نراقب، ونأخذ هذه التقارير على محمل الجد. وبالتأكيد، يجب أن نجد دليلا على أن صحتها، وعندها سوف نتخذ الخطوات المناسبة. لكننا لم نر أي دليل حتى الآن.

وسئل "كيربي" عن تقييمه لدور تركيا في إيجاد حل للقضية السورية، فأشار إلى محورية هذا الدور، معلقا: تركيا من الدول الأربع الأساسية التي تضم أيضا: روسيا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.

وسئل "كيربي" عن توصيف واشنطن لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وفيما إذا كان حليفا أوشريكا، فرد الناطق الرسمي: نحن نرى المقاتلين الأكراد الذين نجحوا في مواجهة داعش شريكا هاما في هذه المعركة.

لكن مسؤولا كبيرا في حزب الاتحاد الديمقراطي، قال إن الشراكة لم تعد فقط عسكرية، بل أيضا شراكة سياسية هل توافق على هذا الكلام.. سأل أحد الصحافيين، فأجاب "كيربي": أود أن أقول إن شراكتنا مع المقاتلين الأكراد وجدت في مناخ الجهود المبذولة لملاحقة "داعش"، هذا هو محور هذه الشراكة.