شهدت مدينة "داريا" في غوطة دمشق الغربية خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من سنة 2015 أعنف الغارات الجوية التي شنتها طائرات النظام ومن بعدها الطائرات الروسية على المناطق السورية المحررة، حيث بلغت النسبة المتوسطة لعدد البراميل المتفجرة الملقاة على المدينة منذ شهر آب أغسطس وحتى نهاية شهر كانون الأول ديسمبر 42 برميلا يوميا.
هذه الحملة الجوية غير المسبوقة والتي رافقها استهداف المدينة بمئات صواريخ "فيل" لم تكن وليدة المصادفة، بل كانت نتيجة تحرير "لواء شهداء الإسلام" وبعض الفصائل الأخرى لمنطقة "الجمعيات" الاستراتيجية خلال معركة "لهيب داريا" واقترابهم من مطار المزة العسكري وجعله في مرمى نيران الثوار.

ويقول النقيب المهندس سعيد نقرش "قائد لواء شهداء الإسلام" في حديث خاص لـ"زمان الوصل" إن الطيران الروسي وقبله طيران الأسد ألقى على مدينة داريا أكثر من 4 آلاف برميل متفجر خلال الأربعة أشهر الأخيرة، فضلا عن استهداف الأحياء السكنية والمرافق العامة بنحو 1000 صاروخ "فيل".
ويتابع نقرش: "جميع الغارات الأخيرة كانت موجهة بشكل رئيسي على المراكز الحيوية كالمشافي والجوامع والمطابخ والأحياء المأهولة بالسكان بهدف تحقيق أكبر قدر من المجازر والدمار والذي بلغ أرقاما مخيفة تصل إلى 90 % من البنية التحتية ما يجعل المدينة غير صالحة للسكن مطلقا".
ويشير قائد "لواء شهداء الإسلام" إلى أن القصف الجنوني الذي تتعرض له هذه المنطقة من غوطة دمشق الغربية يفوق كافة المناطق الأخرى في غوطة دمشق الشرقية وحلب وإدلب ودرعا، إلا أن هجرة معظم المدنيين (300 ألف نسمة) وبقاء 1500 عائلة فقط حدّ من عدد المجازر التي كانت ستحدث على حد تعبيره.
وعن الأهداف المباشرة للنظام من حصار المدينة منذ 3 سنوات وإمطارها بوابل مستمر من البراميل المتفجرة يجيب نقرش: "النظام وحلفاؤه يسعون بشتى الطرق الإجرامية المتاحة لمنع المدنيين من العودة إلى المدينة مستقبلا بغية تحقيق التغيير الديمغرافي المنشود في أطراف العاصمة دمشق وجلب سكان شيعة وعلويين لاحتلال داريا وإبعاد أي مكون سني عن تلك المناطق تماما كمحاولات إفراغ الغوطة الشرقية من سكانها الأصليين".
وتعاني مدينة "داريا" آخر قلاع الثورة في غوطة دمشق الغربية من أوضاع إنسانية مزرية، فالمدينة محاصرة بشكل كامل ويمنع إدخال أي معونات أو دواء أو لجان أممية، بالإضافة لعدم توافر الكهرباء والمياه وذلك بسبب رفض الجيش الحر هناك لعقد أي هدنة أو مصالحة مع النظام كما جرى في المناطق المجاورة.
ويؤكد قائد "لواء شهداء الإسلام" لـ"زمان الوصل" أن كل هذا الحصار والمعاناة لم تثنِ الثوار عن الثبات الأسطوري في وجه جحافل النظام وحلفائه على الرغم من قلة الإمكانيات العسكرية المتاحة، رغم استنجاد بشار الأسد بالمرتزقة اللبنانيين والعراقيين والإيرانيين والأفغان والروس لدخول المدينة.
ويدعو النقيب نقرش جميع الفصائل العسكرية في سوريا عامة وفصائل الجبهة الجنوبية في حوران خاصة إلى فتح المعارك ضد قوات النظام للتخفيف عن المقاتلين في جبهة "داريا"، حيث إن النظام يستغل ركود الجبهات للتخلص من الثوار القريبين من العاصمة باعتبارهم الخطر الأكبر على وجوده.
ويشار إلى أن الجبهة الأهم لفك الحصار عن "داريا" وفتح طرق الإمداد للمقاتلين داخلها هي جبهة ريف درعا الغربي وأطراف ريف القنيطرة، حيث سبق وأن أطلقت فصائل الجبهة الجنوبية معارك استراتيجية في تلك المنطقة للتقدم باتجاه فك الحصار عن المدينة، إلا أنها لم تتمكن من ذلك بسبب التحصين الكبير للنظام وميليشياته بالعدة والعتاد.
دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية