لا تتوقع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تنحي بشار الأسد قبل مارس/آذار 2017 في أفضل الأحوال، أي بعد نهاية رئاسة أوباما بما لا يقل عن شهرين، وذلك وفقا لوثيقة حصلت عليها أسوشيتد برس.
ويحدد جدول زمني داخلي للمسؤولين الأمريكيين الذين يتعاملون مع الأزمة السورية موعدا غير محدد في مارس اذار 2017 للأسد كي "يتخلى" عن موقعه كرئيس و"لدائرته الضيقة" كي تغادر. وسيكون ذلك الموعد بعد خمس سنوات من المرة الأولى التي دعا فيها أوباما الأسد للرحيل.
وقالت وزارة الخارجية الامريكية اليوم الاربعاء إن الجدول الزمني أعد في نهاية العام الماضي كمرشد لوزير الخارجية جون كيري والدبلوماسيين الامريكيين الاخرين الذين يعملون على احداث تحول سياسي في سوريا.
وصف جون كيربي المتحدث الوثيقة بأنها "تفكير على مستوي الموظفين" تعد "أولية وسابقة على اتخاذ القرارات" وليست "موقفا رسميا". وقال إنها "ليست توقعا دقيقا للخطط من قبل المجتمع الدولي لإحداث تحول سياسي في سوريا".
غير أن العديد من العلامات البارزة المذكورة في الوثيقة تتماشى مع أسس الخطة التي تتبناها الامم المتحدة وقال مسؤولون اخرون إنها انعكاس دقيق لتفكير الادارة. وقال مسؤول تحدث مثل الاخرين شريطة عدم الكشف عن هويته في مناقشة الوثيقة السرية، إن هدف مغادرة الاسد في مارس/ أذار 2017 قد يفوت بدون مغادرته.
ويستند الجدول الزمني إلى خطة واسعة تحظى بموافقة عليها الأمم المتحدة كانت قد طرحت في بادئ الأمر في مؤتمر دولي في فيينا في نوفمبر / تشرين ثان. وستجري سوريا، وفقا لهذه الاستراتيجية، انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة في أغسطس / آب 2017 - أي بعد نحو 19 شهرا من الآن. وفي هذه الأثناء، ستدير سوريا هيئة حكم انتقالية.
وينتظر عدد لا يحصى من العقبات أحدث مخطط لإنهاء خمس سنوات من الصراع الذي أودى بحياة أكثر من ربع مليون شخص وتسبب في أسوأ أزمة لجوء في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية ومكن تنظيم الدولة الإسلامية من إقامة خلافة مفترضة على أجزاء من العراق وسوريا.
وليس أقل هذه العقبات تنامي الخلاف بين السعودية السنية وإيران الشيعية، والتي يدعم كل منهما طرفا مختلفا في الصراع السوري وتعرضتا لضغوط شديدة للموافقة على الالتقاء في فيينا لرسم طريق للمضي قدما للبلد الذي تمزقه الحرب. وأعدمت السعودية رجل دين شيعيا بارزا ثم قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إيران هذا الأسبوع بعدما تعرضت سفارتها في طهران للاقتحام من جانب غوغاء كانوا يحتجون على إعدامه.
ولم يتضح بعد ما تأثير هذه التطورات على المفاوضات السورية.
وإذا تسنى تجاوز التوتر السعودي الإيراني وإذا أجريت محادثات السلام بين الحكومة السورية والمعارضة في وقت لاحق هذا الشهر مثلما هو مقرر لها وإذا كللت بالنجاح، فإن أكبر تحد للجدول الزمني الأمريكي لا يزال يتمثل في عدم اتفاق أي طرف على شروطها، خاصة ما يتعلق برحيل الأسد.
ودائما ما يرفض الأسد التنحي في ظل استمرار ما يراه تهديدا إرهابيا لبلاده. ولا يقدم الجدول الزمني توضيحا لكيفية مغادرة الأسد أو لمستقبله بعد تركه الرئاسة.
وتقاوم داعمتاه الرئيسيتان، روسيا وإيران، كل الجهود التي تبذلها قوى خارجية لتحديد القيادة المستقبلية لسوريا، وتشددان على أن ذلك هو قرار الشعب السوري. وربما تعترض روسيا وإيران على دعوة الجدول الزمني الأمريكي للأسد بالرحيل قبل ستة أشهر من إجراء الانتخابات.
وبالإضافة إلى ذلك، تريد المعارضة السورية رحيل الأسد في أسرع وقت ممكن. وقد ترى المعارضة إلى جانب حلفاء للولايات المتحدة مثل السعودية وقطر وتركيا المنظور الأمريكي بأنه خيانة.
وتوازن الولايات المتحدة بين اعتبارات عديدة في سعيها لوقف العنف في سوريا وتقدم العديد من الأهداف الاستراتيجية؛ فأولويتها القصوى الآن هي استئصال تنظيم الدولة الإسلامية من شمال سوريا.
ومع ذلك، وعد أوباما ومسؤولون أميركيون آخرون بإنهاء حكم عائلة الأسد الذي يدخل عامه الخامس والأربعين في سوريا، بحجة أن القائد الذي يستخدم البرميل المتفجرة والغازات السامة ضد شعبه فقد الشرعية.
وقد يجرد إنهاء حكم الأسد في سوريا إيران أيضا من موطئ قدم لها في قلب العالم العربي، كما سيغير المعادلة الأمنية بشكل كبير للدول المجاورة مثل إسرائيل ولبنان وتركيا.
وخلال الأشهر الأخيرة، تراجعت واشنطن وحلفاؤها في أوروبا عن مطالب مغادرة الأسد للسلطة بشكل فوري مع سيطرة تنظيم الدولة على أراض في المنطقة وتحولت أولوياتهم لهزيمة الجماعة المسلحة.
ومع ذلك، يظهر الجدول الزمني الطموح كيف يضع دبلوماسيون ومسؤولون أمريكيون خطة خروج الأسد وعدم السماح للمخاوف من تنظيم الدولة وغيرها من الجماعات المتطرفة بأن تجعله يتمسك بالسلطة إلى أجل غير مسمى.
ونصت الوثيقة التي حصلت عليها أسوشيتد برس على أن تبدأ العملية السياسية السورية الجديدة الشهر المقبل.
وسيجري البدء في فترة انتقالية لمدة 18 شهرا، وفقا للخطة التي أقرها مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي.
وحدد ستيفان دي مستورا، المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا، الخامس والعشرين من يناير/ كانون ثان الجاري موعدا لبدء محادثات السلام بين الحكومة والمعارضة في جنيف.
وهناك تصور بأن يضع الجدول الزمني الأمريكي، بتوقيع مجلس الأمن، طوقا على إطار المفاوضات بين ممثلي الأسد والمعارضة، ما يؤدي لتشكيل لجنة أمنية في إبريل/ نيسان المقبل.
ومن شأن ذلك أن يكون مصحوبا بعفو عن بعض أعضاء الحكومة وقادة الجيش وزعماء المعارضة المعتدلين والمقاتلين.
وعندئذ يتم تشكيل هيئة الحكم الانتقالي.
ويتم حل البرلمان السوري في مايو/ أيار، وفقا للجدول الزمني.
وسيعترف مجلس الأمن بالسلطة الانتقالية الجديدة ويضع خطوات انتقالية تالية؛ تشمل إصلاحات سياسية رئيسية، منها تشكيل مجلس تشريعي مؤقت وإعلان مؤتمر دولي للمانحين لتمويل التحول وإعادة الإعمار في سوريا.
وخلال الأشهر الستة المقبلة، بدءا من نوفمبر/ تشرين ثان 2016 - عندما يتم انتخاب خليفة أوباما - سيجلس الجانبان لصياغة دستور جديد، وسيحصل الشعب السوري على فرصة للتصويت على تلك الوثيقة في استفتاء شعبي في يناير/ كانون ثان عام 2017، بحسب الجدول الزمني.
عندها فقط ستصل العملية إلى مرحلة تصفها واشنطن "بالسبب الجذري للصراع بأكمله، والتي تجلب خطر التطرف المتنامي في منطقة الشرق الأوسط وما وراءه"؛ وهي نهاية حكم الأسد في سوريا.
ففي مارس/ آذار عام 2017، ينص الجدول الزمني على أن "يتخلى الأسد عن الرئاسة؛ وتغادر الدائرة الداخلية التابعة له".
وستحصل الحكومة السورية الجديدة على الصلاحيات كاملة من الهيئة الانتقالية بعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أغسطس/ آب المقبل.
أ.ب
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية