متى تسقط...صنم (الآداب) الرهيب

اعتقل طلاب كثر بإذن من الصنم، وانتهكت أعراض لإرضاء نيافته - دمشق

تذكروا...أنا هنا بكل آثامي وجرائمي، وكل من قتلته منكم ما زال معلقاً بعنقي..انظروا وافتحوا عيونكم جيداً..أنتم بالتحديد يجب أن تعرفوا أنني من صنعت لكم سراويلكم الزرقاء، وهذا الطريق الذي تمشون عليه، والمدرجات التي تدرسون على مقاعدها، حتى أفواه أساتذتكم أنا من يدفع لها ثمن الطعام.
هكذا يردد الصنم كلماته التي كان يعتقدها أزلية على أسماع الطلاب الداخلين إلى كلية الآداب بجامعة دمشق منذ عقود..وأنها ما زالت تزرع الخوف في قلوب السوريين جيلاً بعد جيل.

ألم يقتل الصنم أهلهم في حماة، وقاد نخبهم إلى أقبية الأمن وزنازين الاعتقال ولأسباب تافهة تصل لحد الإعدام بتقرير كيدي، أو عبارة تخدش عذرية الأمة الواهنة.

هنا في كلية الآداب كانت الهيئات الإدارية التي ينتخبها البعث تقوم بدور المخبر والسجان والقاتل، وهؤلاء تربوا على سحق أي فكرة أكبر من مقاس المنطلقات النظرية لحزب البعث، والدور الأمني كان يطارد الطلاب الموهوبين في الأمسيات الشعرية، والمسرح، وحتى في المحاضرات حيث يقفون على أفواه الطلبة منتظرين أي عبارة تلمح بعدم الشكر والامتنان لعطاءات الأب الخالد وحزبه المجيد.

اعتقل طلاب كثر بإذن من الصنم، وانتهكت أعراض لإرضاء نيافته، واقتيد مثقفون كالخراف وأمام كل زملائهم جرّاً دون استئذان عميد الكلية، وضربوا بالنعال أمام كل الجمهور الذي أخصوه مع حركة التصحيح المباركة التي قادت السوري من استعباد الإقطاع إلى البسطار.

بإذن الصنم وتلبية لمشيئته الغامرة...لبس الطلاب الأزرق الفاتح بدعوى عدم التمييز بين الطلبة، وأن يكون الفقير فقط مثل الغني في اللون، ولأجل عزة الصنم أُلبس الجميع لباس التدريب العسكري ليصيروا حيوانات في سيرك الصنم يركلون الحصى بأحذيتهم، ويهتفون له بالعمر المديد، ويفدونه بالروح والدم.

حول الصنم المبارك تقعد الرعية المثقفة مبتهلة باسم الماموث الأبدي، وبظله المديد تتقي حر الصيف، وعلى عشبه المبلل تبرّد المؤخرات الساخنة، وتختلس القبلات الحارة، وهنا على بلاطه الناعم ينتظر الطلبة مرور الأصدقاء والأحبة، وتعقد هنا المواعيد الأولى، واللقاءات الأولى لتصير ذكريات تُحكى..هنا التقيتكِ أول مرة بجوار الصنم.

اليوم...تحرسك الشياطين سيد السوء، وأبَ كل المجرمين الذين ساموا العباد سياط الذل، يا سيد الجريمة ومبدعها، ويا وثن حكايات الموت والتعذيب والموت القادم من غربكَ الدموي...تحرسك الأبالسة يا صنم العبودية التي ابتعد عنها السوريون كثيراً...حتى في قلب من يجلسون في ظلك الآن ثمة من يلعن روحك.

متى تسقط ..أيها الصنم؟

سيف عبد الله - زمان الوصل - خاص
(198)    هل أعجبتك المقالة (200)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي