أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

من حكايات الحصار.. حينما يكون الفن "ملح" الواقع في الوعر

بوستر فيلم "ملح" لهمام أبو الزين

أنجز الناشط "همام أبو الزين" تجربته الثالثة في السينما التسجيلية وهو فيلم "ملح" القصير الذي يعتمد على فكرة بسيطة تتعلق بمنع إدخال هذه المادة إلى حي الوعر المحاصر وارتفاع ثمنها بشكل جنوني. ويحكي الفيلم قصة طفل يرسله والده ليجلب كيساً، ولكنه قبل أن يصل إلى المنزل يفاجأ بطائرة حربية تحوم فوق رأسه فينبطح أرضاً تفادياً لقصفها، ويتمزق كيس الملح فتختلط محتوياته مع تراب الأرض، ويحاول الطفل أن يلملم ما أمكنه من الملح المبعثر ولكن دون جدوى، ولدى عودته إلى المنزل يغضب والده المقاتل ويؤنبه على تقصيره في التفريط بالملح الذي انتظرته العائلة طويلاً ولكنه لا يلبث أن يسترضيه قائلاً له: "اللي عطانا كيس الملح هادا قادر يعطينا غيرو" معزيّاً نفسه بالصبر بانتظار الفرج. 

وفي إشارة إلى حفظ النعمة في ظروف الحصار أوضح مخرج الفيلم في تنويه ختم به الفيلم أن "المادة المستخدمة في التصوير هي مادة لا تمت للملح بأي صلة وإنما هي مادة لا تصلح للطعام أو للاستخدام البشري". 

وأوضح مخرج الفيلم الناشط "همام أبو الزين" لـ"زمان الوصل" أن الفكرة جاءت بسبب تهميش حي الوعر بشكل كبير من قبل المنظمات الإنسانية"، مشيراً إلى أن عدداً من المنظمات كالهلال الأحمر والصليب الأحمر والأمم المتحدة أدخلت بعض المساعدات إلى الحي، ولكنها لم تستطع إدخال مادة الملح بأمر من النظام.

ويضيف محدثنا أن هذا المنع جعل من "تجار الدم" يتحكمون بثمنه إذ وصل سعر الكيلو الواحد –كما يؤكد- حوالي 5000 ليرة سورية.

ولفت مخرج الفيلم إلى اندماج ممثليه بتأدية أدوارهم، مشيراً إلى أنهم "كانوا يمثلون وهم في حالة من الحزن والتعب وكأنهم يتكلمون في الواقع بعيداً عن التمثيل". 

وحول توظيفه للواقع والمباشر في فيلمه كما في مشهد الطيران الحربي أشار محدثنا إلى أن "طيران النظام يحلق بشكل يومي وعلى علو منخفض فوق الوعر ويبث الرعب في قلوب الأطفال من خلال صوته الهادر ليتجه إلى قصف الريف الشمالي وأردف أبو الزين: "أردت من توظيف هذا المشهد إيصال رسالة إلى العالم أن أهالي الوعر وريف حمص الشمالي في الهم والأوجاع سواء". 

وأوضح مخرج "ملح" أن الكاميرا بشقيها السينمائي والفوتوغرافي تحولت إلى بطل من أبطال الحصار في الوعر تعبّر عن أوجاع المحاصرين وتُوصل صوتهم للعالم الأصم بطريقة فنية معبرة مؤثرة".

وأكد الناشط "همام أبو الزين" أن "أهالي الوعر لا زالوا محاصرين وكل من يدّعي فك الحصار فهو كاذب ولا يفقه من الأمر شيئاً"، داعياً أن تكون مشاعر الناس مع المحاصرين لا أكثر". 

وفيلم "ملح" الذي استغرق تصويره ساعة واحدة من تمثيل: "أكرم الحلواني" و"عبد الحميد الحلواني" وإنتاج "تجمع ثوار سوريا"، وهو التجربة الثالثة للمخرج "أبو الزين" بعد فلميه "الجندي المجهول" و"لحن البقاء" الذي نال جائزة أفضل لقطة في مهرجان حمص للسينما التسجيلية بدورته الثانية.



فارس الرفاعي - زمان الوصل
(163)    هل أعجبتك المقالة (155)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي