العلاقة التي تربط "جنيد" بـ"أبو القعقاع"، علاقة مرؤوس برئيسه، تلخصها عبارة: "رحمك الله.. يا سيدي"
لماذا لا يخاف "حسين جنيد" من المجاهرة بحبه وولائه لـ"أبو القعقاع"، ولماذا يصر على استرجاع ذكراه؟!
منصب جنيد الحالي ونشاطه مع إخوته وقائمة أصدقائه، تكشف جانباً مهماً من شخصيته وسيرته
بينما يعيب النظام وإعلامه على الثورة إسلاميتها، وعلى الكتائب المعارضة وجود شرعيين يهتمون بتوجيه عناصرها دينيا، فإن هذا النظام يجند في مليشياته مفتين و"شيوخا" بمواصفات معينة، مهمتهم شحن المرتزقة بما أوتوا أو بما أملي عليهم من تفسيرات، تقلب النصوص رأسا على عقب، تماما كما يفعل مفتي النظام الأكبر "أحمد حسون"، ومن هنا بات لكل مليشيا "حسونها".
"الحسون" المقصود هاهنا، هو "الشيخ حسين جنيد"، بوصفه "المرجع الديني" لمليشيا لواء القدس التي تعد حليفا رئيسا للنظام في عدة جبهات، وأما "الرمز الجهادي" الإشكالي"، فهو محمود قول آغاسي، المعروف بلقب "أبو القعقاع"، والذي فتحنا جزءا من ملفه في تقرير سابق، وكشفنا عن علاقته بواحد من كبار مرتزقة النظام في حلب (أحمد صادق حيدر)، وذلك تحت عنوان: ولـ"زمان الوصل" صندوقها الأسود.. معلومات موثقة عن أقرب المقربين من "أبو القعقاع" والجهة التي يعمل لحسابها حاليا.
فمن هو "حسين جنيد" ولماذا طرح اسمه في هذا الوقت، هذا ما سنحاول الإجابة عنه في تقريرنا الحالي.
*هل كان ضابطا برتية وراتب؟
تقدم مليشيا "لواء القدس" حسين جنيد بوصفه المرجع الديني للمليشيا، وبحكم منصبه هذا فهو من أقرب المقربين إلى قائد المليشيا "محمد السعيد"، الفلسطيني الأصل.

أما طبيعة العلاقة التي ربطت حسين جنيد مفتي المليشيا بـ"أبو القعقاع"، فهي علاقة مرؤوس برئيسه أو تلميذ بأستاذه على أقل تقدير، يلخصها "جنيد" بعبارة" صغيرة لكنها ذات مغزى عميق، حينما يستحضر ذكرى "أبو القعقاع" قائلا بالحرف الواحد: "رحمك الله.. يا سيدي"، وكلمة "سيدي" بتفسيرها العسكري والاجتماعي والديني لا تقال إلا لصاحب فضل أو صاحب رتبة وسبق، ومع إن الكلمة في ظاهرها تشير إلى علاقة تابع ومتبوع وسيد ومسود، فإنها بالمقابل تنم عن عمق الرابطة التي تجمع بين شخصين، وربما تنم أحيانا عن عمق الاحترام.
ورغم مدلولات لقب "سيدي" الذي يطلقه مفتي لواء القدس على أ"بو القعقاع"، فإن تلك المدلولات تعد هامشية أمام أمر أخطر، وهو قيام "حسين جنيد" باختيار لقطة لـ"أبو القعقاع" كصورة غلاف على الحساب الرسمي، الذي يمكن لأي أحد أن يطلع عليه، بمن فيهم مخابرات النظام وعملائه.. وهنا يثور سؤال بديهي: هل يجرؤ حسين جنيد من موقعه الرسمي أو حتى بصفته الشخصية، أن يضع صورة غلاف لشخص يعادي المخابرات أو له في سجله ما يعارض توجه النظام، فضلا عن أن ينادي هذا الشخص بكلمة "سيدي" التي لايطيق ضباط النظام أن يسمعوا أحدا ينادى بها سواهم؟!
كيف ولماذا وإلى ماذا وهل؟، استفهامات تدور ولا تنقضي، عن: كيف يضع مفتي مليشيا تحارب "الجهاديين" صورة لـمن يفترض أنه"رمز جهادي"؟، ولماذا لا يخاف "حسين جنيد" من المجاهرة بحبه وولائه لـ"أبو القعقاع"، ولماذا يصر على استرجاع ذكراه؟، وإلى ماذا استند "جنيد" وهو يستعيد ذكرى "أبو القعقاع" ويناديه تحديدا بـ"سيدي"؟!، وهل كل هذه التساؤلات كافية للجزم بعمالة "أبو القعقاع" للمخابرات السورية؟، وربما انخراطه التام فيها كضابط له رتبة وراتب، كما أشيع عنه مرار.
أما القطع بعمالة "أبو القعقاع" فإن الأمانة العملية والمهنية، تقول بأنه أمر ما زال غير متاح، لأنه يحتاج مزيدا من التوثيق والشهادات، وهو أمر يأتي بالتراكم وبمتابعة الملف الذي فتحناه.
وأما التساؤلات السابقة فيما يخص سلوك حسن جنيد تجاه "أبو القعقاع"، فهي تحتاج إلى إجابات من "جنيد" نفسه، والذي لم نستطع الحصول على واسطة للتواصل معه، ولكننا حصلنا بعد جهد على رقم أحد إخوته (سنأتي على ذكرهم)، وحاولنا التواصل معه –رغم المخاطرة- لكننا لم نلق جوابا.
ومع ذلك تبقى الإجابة على جزء من التساؤلات ممكنة ومتيسرة، إذا ما استعرضنا بعض المعلومات التي جمعتها "زمان الوصل" عن "حسين جنيد" وإخوته وعائلته.
*الرفيق الشيخ
تظهر صور "حسين جنيد" شابا في مقتبل شبابه، تدل على ذلك لحيته الخفيفة، علما أن إخوته لهم لحى طويلة وكثيفة، ومع ذلك فإن "حسين" حاز لسبب ما –على الأغلب ولاؤه وخدماته الاختراقية- على قصب السبق بين إخوته ووصل إلى مرتبة "المرجع الديني" للواء القدس، وهو منصب لم يصله أحد من إخوته الذين يتردد أنهم 9 إخوة، معظمهم يقاتل في صفوف النظام ومليشياته.

وفضلا عن مهامه القتالية في مليشيا "لواء القدس" التي يظهرها حيناً بارتداء البدلة المموهة، والشرعية التي يروجها بارتداء العمامة والجلباب، فإن لـ"حسين جنيد" وظيفة في أوقاف حلب تتمثل في كونه إمام جامع علي بن أبي طالب الواقع في الحي الأول من ضاحية الحمدانية بمدينة حلب.
لـمفتي لواء القدس عدة إخوة، منهم أخوه المطرب "عمار جنيد" الذي يتنقل خارج سوريا ويقيم معظم وقته في لبنان (فيديوهاته وصوره متاحة بكثرة)، بينما يبرز من إخوة "حسين" في ساحات المعارك، كل من: حسن وأبو صدام وأبو جنيد (هناك صور مرفقة لهم)، والأخير يدرس الحقوق في جامعة حلب قسم التعليم المفتوح، ومع ذلك فإنه يكتب بطريقة إملائية توحي أن مستواه لا يتعدى المرحلة الإعدادية في أحسن الأحوال.
لكن "أبو جنيد" ليس وحده في هذا المجال، فـ"الشيخ حسين جنيد" كما يسمي نفسه، لايتقن كتابة كلمة من حرفين، فيكتب "رُبّ" –التي هي حرف جر- على هذا النحو "ربى"، فتراه يكتب حديثا شريفا –وهو خريج الشريعة- على هذا الشكل: "ربى أشعث أغبر" (الصحيح: رب أشعث أغبر)، أو يستشهد بالقول المأثور مدونا إياه هكذا "ربى أخ لك لم تلده أمك".
والحقيقة أن "حسين جنيد" يعكس صورة شريحة من "المشايخ" و"أرباب الشعائر الدينية"، الذين تكفلت بتخريجهم معاهد وكليات فتح النظام أبوابها أمام "الرفاق البعثيين" ليدخلوها بولائهم، دون أن يسألهم أحد عن علاماتهم وتحصيلهم، بعكس باقي الكليات والمعاهد، وهذا أمر يعلمه أغلب من درس "الشريعة" حيث كان يرى أناسا لا علاقة لهم بدراسة الدين ولا بتطبيقه ولا حتى معرفته من قريب أو بعيد، يدرسون ثم يتخرجون شيوخاً بعمامة وجلباب، ليعطوا الدروس ويلقوا الخطب ويفتوا، ولكن على مذهب النظام ومخابراته.

ومن اللافت في سيرة "حسين جنيد" وإخوته ميلهم الملموس لتبني المقولات والشعائر الشيعية، وخصوصا "أبو جنيد" الذي يجاهر بها، دون أن يتبين بوضوح هل هذا الميل طارئ، إما إن "آل جنيد" كانوا شيعة يلوذون بالتقية، بانتظار فرصة إظهار مذهبهم، كما فعلت بعض الشرائح، التي انتبه السوريون بعيد الثورة إلى أصولها وميولها الحقيقية.
وأخيرا، فإن علاقات وصداقات "حسين جنيد" يمكن أن تلقي على شخصيته واتجاهه مزيدا من الضوء، وهذه عينة أصدقائه: عبدالله سحتوت (مخابرات جوية)، أبو أسد البكاري (مرتزق من فوج الإمام الباقر)، أحمد صادق (العميل المخابراتي، ومدير الشؤون الإعلامية السابق لدى أبو القعقاع)، غانيا درغام (تعمل لدى مليشيا المقاومة السورية التي يقودها جزار بانياس علي كيالي)، زكريا طالب (قائد كتيبة الحراسات في مليشيا كتائب حزب البعث بحلب، وقد تخرج قبل نحو شهرين من كلية الحقوق)، جمان عزوز (واحدة من كبار مؤيدات النظام في حلب، لها صورة حديثة تجمعها ببشار وأسماء).
*نبذة عن لواء القدس
يعرف لواء القدس عن نفسه بصفة "فدائية الجيش العربي السوري"، محاولا لي عنق الصورة الإيجابية لكلمة "فدائي" وما تختزنه من معاني الشجاعة والتضحية ومقاومة الاحتلال، في محاولة رسم صورة خاطئة في الأذهان عن اتجاه المليشيا الحقيقي وأهدافها المتمثلة في مناصرة الطاغية وإعانته على خنق صوت الحرية وقتل والتنكيل بكل من نادى بها.
لكن الأخطر في تسمية المليشيا هي تعديها على رمزية وقدسية القدس، ووضع هذا الاسم في خدمة الإجرام، والإصرار على تجنيد الفلسطينيين بالذات وتوريطهم في قتل إخوتهم السوريين، عبر إغوائهم وإغرائهم أو اصيطادهم كما يفعل الموساد الإسرائيلي بعملائه ممن اشترى ذممهم.

ويبدو أن الفقر الذي واظب نظام الأسدين على إغراق الفلسطينيين فيه، آتى أكله عندما اندلعت الثورة، وسارع كبار المرتزقة، لاسيما قائد المليشيا "محمد السعيد" لبذل الأموال التي تلقوها من المخابرات ونصبها كأفخاخ تضمن إقبال الفقراء على التجند في صفوف المليشيا، دون أن يخلو الأمر من مرتزقة انضموا بدوافع إجرامية وعدوانية (أصحاب سوابق)، وآخرين بدوافع نظرية المؤامرة وشعار المقاومة، الذي يرى أن الطريق إلى القدس يمر بكل الطرق إلا طريقها الرئيس والمباشر!
ورغم أن ثقل مليشيا "لواء القدس" يتركز في مخيمات حلب (لاسيما حندرات والنيرب)، فإن عناصرها قاتلوا مع النظام وأعانوه في كثير من الاقتحامات والمعارك في مدينة حلب وريفها وفي اللاذقية وريفها، ومن آخر مشاركاتهم قتالهم لفك الحصار عن مقر الكلية الجوية (مطار كويرس الحربي).
تعد مليشيا "لواء القدس" من أكبر المليشيات الناشطة في حلب، وهي متورطة كحال باقي المليشيات بجرائم كثيرة ضد السوريين والفلسطيينين، تتدرج بين القتل والاعتقال والتعذيب والسلب والنهب.
يقود المليشيا "محمد السعيد" الذي يقدم نفسه بصفته مهندس، لكنه لا ينفك عن لبس البدلة العسكرية والتقاط الصور بها، مؤكدا ولاءه لـ"نهج الأسد" الذي خطه حافظ وتابعه بشار، ويمثل "السعيد" ما يمكن تسميته الجيل الجديد من القيادات الفلسطينية المعروفة بالارتزاق والارتهان لنظام الأسد، محاولا منافسة قيادات أقدم مثل: أحمد جبريل، طارق الخضراء.


إيثار عبدالحق-زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية