أصدرت حملة (نامه شام) تقريراً جديداً عن حجم الإنفاق الإيراني السخي على تمويل أنشطة ومجموعات وصفتها بـ "الإرهابية" في لبنان والعراق وسوريا وفلسطين واليمن، والذي بلغ مجموعه حوالي 80 مليار دولار منذ أوائل الثمانينيات.
ويفصّل التقرير، الذي وصل "زمان الوصل" نسخة منه ويحمل عنوان "تمويل الإرهاب – الأثر الاقتصادي لبرنامج إيران النووي ولدعمها لمجموعات مسلحة في الشرق الأوسط"، كيف أن إيران تدعم آلة القتل الأسدية منذ اندلاع الثورة السورية في آذار2011 بمساعدات تتراوح قيمتها بين 3 و5 مليار دولار سنوياً.
وساهمت هذه "المساعدات" في قتل أكثر من 300 ألف شخص حتى اليوم، وتشريد أكثر من 7 ملايين شخص داخل سوريا وحوالي 4 ملايين إلى دول الجوار.
بالإضافة إلى ذلك، يقدّم النظام الإيراني إلى حزب الله اللبناني بين 100 و200 مليون دولار سنوياً منذ أوائل الثمانينيات. ولا يشمل ذلك شحنات الأسلحة والدفعات الخاصة، كما في حال إعادة إعمار المناطق الشيعية بعد حرب 2006 مع إسرائيل. وحزب الله أحد الميليشيات الرئيسية التي تقاتل في سوريا بالنيابة عن نظام الأسد.
كما تلقت الميشليات الشيعية في العراق، والعديد منها يقاتل في سوريا أيضاً، من إيران بين 10 و35 مليون دولار سنوياً خلال العقد الأول من القرن الجاري. وقد زاد هذا المبلغ إلى ما يقدّر بـ 100 و200 مليون دولار سنوياً منذ عام 2009.
كما قدّمت إيران إلى حركة حماس الفلسطينية بين 100 و250 مليون دولار بين عامي 2007 و2011. وتتلقى حركة الجهاد الإسلامي من إيران بين 100 و150 مليون دولار سنوياً منذ عام 2007.
كما تحصل ميليشيا الحوثي في اليمن على ما يتراوح بين 10 و25 مليون دولار منذ عام 2010، بعضها نقداً لكن في الغالب على شكل أسلحة وتدريب.
وقال "شيار يوسف"، مدير فريق البحوث والاستشارات في (نامه شام): "بعد توقيع الصفقة النووية مع إيران في تموز/يوليو 2015، سيحصل النظام الإيراني على 100 إلى 150 مليار دولار من أرصدته المجمدة بسبب العقوبات، بالإضافة لعائدات تصدير النفط. ومن المتوقع أن يُضخّ جزء من هذه الأموال لإنعاش الاقتصاد الإيراني المتهالك، لكن لا شك أن جزءاً كبيراً من الدولارات الجديدة سيُستخدم لتمويل أنشطة النظام الإيراني الإرهابية وسياساته المزعزعة للاستقرار في سوريا وغيرها من بلدان الشرق الأوسط".
وأضاف يوسف: "ما انفك النظام الإيراني ينفق مليارات الدولارات من موارده المحدودة، على حساب الشعب الإيراني، لدعم الجماعات المسلحة التي تعمل لصالحه بالوكالة لزعزعة استقرار المنطقة. وقريباً، بعد رفع العقوبات عن إيران تطبيقاً للصفقة النووية التي تم التوقيع عليها في تموز/يوليو 2015، سيصبح بحوزة الحرس الثوري الإيراني أموال أكثر بكثير من ذي قبل ليصرفها على مغامراته الكارثية في المنطقة. ونتوقع أن يتركز تمويل إيران للإرهاب خلال عام 2016 على سوريا ولبنان والعراق".
كما يعاين تقرير (نامه شام)، الذي صدر اليوم الثلاثاء في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، تكاليف برنامج إيران النووي العسكري.
ويقدّر التقرير أن المفاعل النووي الوحيد في إيران، في منطقة بوشهر، قد كلّف حوالي 11 مليار دولار. لكن الرقم يرتفع كثيراً إلى ما يُقدّر بـ 100 مليار دولار إذا أخذ المرء في الحسبان التكاليف غير المباشرة، ولا سيما تلك الناتجة عن العقوبات الدولية المفروضة على إيران بسبب نشاطاتها النووية العسكرية.
ويرى معدو التقرير أن برنامج إيران النووي غير منطقي وغير مجدٍ اقتصادياً إذا ما نظرنا إلى الأمر من ناحية تكاليف إنتاج الطاقة.
وبعد استعراض عدد من العوامل الاقتصادية والجغرافية، اعتبر التقرير أن استراتيجية حازمة للتخلي عن إنتاج الطاقة النووية والطاقة العالية الكربون والاستثمار بدلاً عن ذلك في مصادر الطاقة المتجددة، تبدو أكثر جدوى لإيران من الناحيتين الاقتصادية والبيئية. علاوة على ذلك، فإن احتمال جذب الاستثمارات الأجنبية عند اتباع طريق الطاقة المتجددة يبدو واعداً أكثر، وفقاً للتقرير.
من جهته، قال فؤاد جمدان، مدير الحملات في (نامه شام): "لقد وعدت الإدارة الأميركية بتطبيق الصفقة النووية بشكل كامل خلال عام 2016، وإلا فإن العقوبات الاقتصادية على إيران ستبقى كما هي أو سيُعاد تفعيلها".
وتساءل حمدان: "لكن ما هي استراتيجية الرئيس باراك أوباما لمواجهة التزايد المُتوقع في تمويل النظام الإيراني لإرهاب نظام الأسد وحزب الله والميليشيات الطائفية في العراق ولبنان واليمن بعد إطلاق سراح 100 إلى 150 مليار دولار من الأرصدة الإيرانية المجمّدة؟"
وحسب "حمدان" فقد أصبح القتل والدمار والتطهير الطائفي على مستوى غير مسبوق روتيناً يومياً في سوريا. والجُناة الرئيسيون على الأرض هم الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التي يتحكمون بها في سوريا – حزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية– الذين باتوا يديرون ويخوضون جميع العمليات العسكرية الكبرى في سوريا بالنيابة عن نظام الأسد منذ أواسط 2013.
ومنذ أواخر أيلول/سبتمبر 2015، يدعم هذه الميليشيات من الجو الطيران الروسي، الذي يستهدف بشكل أساسي فصائل المعارضة السورية المسلحة، بما فيها فصائل مدعومة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها. في الوقت نفسه، قلما تستهدف الهجمات الروسية تنظيم "الدولة الإسلامية".
هذا وتدعو (نامه شام) الولايات المتحدة وحلفاءها بالتعامل مع الحرب في سوريا باعتبارها نزاعاً مسلحاً دولياً طرفاه الأساسيان احتلال أجنبي من قبل إيران وروسيا ونضال تحرري من قبل الشعب السوري ضد هذا الاحتلال الأجنبي، وفقاً لاتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
كما يجب على الولايات المتحدة وحلفائها إحالة الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي للتحقيق في جميع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا ومعاقبة جميع مرتكبيها وفقاً للقانون الدولي. وعلى ذلك أن يشمل الدور الذي لعبه ويلعبه الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التي يتحكم بها في سوريا، مثل حزب الله اللبناني، حسب "حمدان".
ودعا إلى الضغط على روسيا من خلال المزيد من العقوبات الاقتصادية والعزل الدبلوماسي من أجل دفعها لفك ارتباطها بالنظام الإيراني ولتصبح جزءاً من الحلّ في سوريا، بدلاً من أن تكون جزءاً من المشكلة.
وأكد "حمدان" أن على الرئيس أوباما الوفاء بوعوده بتسليح وتدريب ما يكفي من الثوار السوريين المعتدلين، ليس فقط لمحاربة "الدولة"، بل كذلك لمحاربة المجموعات المرتبطة بالقاعدة وقوات وميليشيات النظامين السوري والإيراني. وبعد تدريب وتسليح عدد كاف من الثوار السوريين المعتدلين، يجب فرض مناطق حظر جوي لحماية المدنيين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء سوريا، تماشياً مع عُرف "مسؤولية الحماية" الدولية.
واختتم حمدان بالقول: "سواء أحببنا ذلك أو لا، وحدها الولايات المتحدة الأميركية من يستطيع إنقاذ سوريا والشرق الأوسط من المزيد من التفتت والفوضى. ووحداها من يستطيع قيادة تحالف دولي جدّي من شأنه أن يساعد السوريين في بناء دولة ديمقراطية يسود فيها حكم القانون، ولا مكان فيها للأسد وداعميه".
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية