أقامت "الشبكة العربية للأبحاث والنشر" المعرض الأول للكتاب العربي في اسطنبول التركية من 9-15 نوفمبر/تشرين الأول الجاري، بمشاركة 50 دار نشر عربية ضخت نحو 5000 عنوان.
ورغم أنها التجرية الأولى إلا أن متابعين وروادا للمعرض أكدوا نجاح المعرض وخاصة لجهة اختبار مدى تقبل المهاجر الجديدة للكتاب العربي وملاءة المهجرين وقدراتهم الشرائية لاقتناء الكتاب ونفض غبار الإهمال عن رفوفه المتأتية من أثير وسائل الاتصال والتواصل الحديثة من إنترنت وتلفزيون وغيرهما.
ورأى الرواد أن سحر مكان المعرض في مبنى أثري لـ"اتحاد الكتاب الأتراك"، كان له بالغ الأثر في استقطاب الجمهور العربي والسوري خاصة لأول معارض العرب في تركيا، مكان زاد ألقه احتضان منطقة "السلطان أحمد" له، بقرب الجامع الأشهر في تركيا مقابل مبنى "آية صوفيا" أحد اهم المعالم الأثرية في اسطنبول.
ويعزو متابعون كثافة الزيارات التي تراجعت خلال الأيام الأخيرة، إلى "الأسماء الكبيرة" التي داخلت خلال البرنامج الثقافي المسائي، الذي رافق المعرض فضلاً عن العناوين الجديدة والمنتظرة، للمداخلات والكتب.
وربما كان ذلك سبباً كافياً لالتزام الجمهور الذي غلب عليه الطلاب العرب الذين يدرسون في تركيا، ومبرراً لبيع أكثر من 50% من الكتب المعروضة ونفاد نحو 30% من العناوين.
ولأن الحدث يفرض نفسه فإن القضية السورية استأثرت بحصة الأسد من نشاط المعرض، فلم يخلُ يوم من ذكر البلد الذي مزقته حرب السنوات الخمس بعد ثورة بدأت سلمية تطالب بالإصلاح وانتهت بالسلاح تحت ضغط قذائف نظام فعل كل شيء لكي لا تفنى سلطته، ولو كلف الأمر فناء شعب تشظى بين قتيل ومصاب ومعاق ومشرد ولاجئ.
المأساة السورية حضرت أول الأيام عبر كتاب "الحداثة السائلة" الذي قدمته "هبة رؤوف عزت"، لتتجلى بشكل أوضح خلال مداخلتي محمد العبد الكريم وعبد الله المالكي عبر "الشريعة وجدلية الاستبداد والحرية" ليستمر العزف على الوجع السوري حتى اليوم الأخير.
*"غليون" وأصول الطائفية
وأتبعها المفكر "برهان غليون"، وعبر ندوتين، في أولاهما قدم مشهداً بانورامياً عن "مستقل الأقليات بالمشرق العربي" استعرض خلالها مقاربات حول مشكلة الطائفية بالمشرق العربي.
وتساءل مؤلف كتاب "نظام الطائفية من الدولة إلى القبيلة" "هل ينهي التقسيم أو الفيدرالية تلك المشكلة أو الحرب، هل الطائفية هي سمة خاصة بالعرب؟".
وخلص الأستاذ المدرس في جامعة "سوربون" إلى نسب مفهوم الطائفية للدول الغربية "الاستعمارية" التي مارست مبدأ الوصاية والحماية على دول المشرق، مؤكدا أن "المسبب"، هو من يتعذر اليوم بوجود وتعاظم الطائفية، ليحقق هدف التقسيم أو الفيدرالية.
واستحضر "غليون" "سوريا الخمسينيات" كمثال حين رفض مسيحيوها الوصاية وانفتحت الأكثرية فيها، مستذكرا كيف وصل "فارس الخوري" لمنصب رئيس وزراء، وبلغ الابتعاد عن الطائفية ذروته حينها باستلام "المسيحي الخوري" منصب وزير أوقاف أيضاً في الدولة السورية حينها.
وألمح "غليون" أثناء محاضرته وردوده على أسئلة الحضور إلى تحميل الحكام المشرق مسؤولية تكريس الطائفية والمذهبية عبر سرقتها للسلطة وافتقارها للمشروعات الوطنية، مشيرا إلى أن الشعوب حين لم تجد انتماء للدولة، مستنقعات الطائفية، غير مهمل دور الحكم العثماني واستراتيجية الغرب في تعميق الطائفية لممارسة السيطرة والوصاية.
وختم غليون بأن الفكرة الجوهرية بالدولة الحديثة هي الحرية، لأن إدارة الدولة مرتبطة بمشاركة الجميع، ولا مشاركة دون حرية تساهم ببلورة مشروع وطني وبرنامج سياسي.
وأضاف"أما الدعوة لدويلات وفيدراليات، فهي ببساطة الانتقال من دولة فاشلة لدويلات ودول فاشلة، والمشكلة ليست دوماً بالأقليات، بل بالأكثرية التي لم تضع مبادئ تجمع الجميع على أسس وطنية تحفظ الحريات وحقوق العقيدة وتحقق المساواة".
وترك المعارض السوري ندوته الثانية أمام أسئلة مفتوحة بعد أن استعرض مراحل تطور الثورة السورية، من السلمية بالمرحلة الأولى التي استمرت حتى عام 2012 وكيف وصلت الدول الداعمة لمقولة "لاحل عسكري" وما تخلل ذلك من تقاعس بمد الثوار بالأسلحة ليأتي على المرحلة اللاحقة من تدخل إيران والميليشيات الطائفية التي فشلت بحماية النظام أو تحقيق النصر، لتدخل مرحلة التدخل الروسي التي أُتبعت بجولة جديدة من "التخدير السياسي التفاوضي" عبر جولات "فيينا".
* أسرار الائتلاف والحكومة
وبعد محاضرة "غليون" فاجأ رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة الحضور بإفشائه "أسراراً"، تتعلق بالضغط على المعارضة لقبول الحلول السياسية البعيدة عن أهداف الثورة، أو الضغوط المالية التي يمارسها الأشقاء والأصدقاء، ما أوصل "الائتلاف والحكومة" إلى العجز عن تسديد الرواتب والأجور.
واعترف "طعمة" بأخطاء ساسة المعارضة، والرضوخ لتشكيل التكتلات السياسية والتنفيذية، بما فيها "ورطة تشكيل الحكومة".
اسطنبول - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية