أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

برقية موقعة "بالدم" الى باريس!.. ميخائيل سعد*

إضاءة الشموع على أرواح ضحايا باريس - وكالات

لم أستطع إبعاد ذكرى قديمة محفورة في ذاكرتي عن حملات تواقيع السوريين بالدم على برقيات مرسلة إلى حافظ الأسد، يعبرون فيها عن تضامنهم معه بعد تدمير حماه عام 1982، وأنا أتابع تطورات المجزرة الإرهابية التي حدثت في باريس يوم السبت الماضي.

كانت مخابرات الأسد قد التقطت تصرف أحد الانتهازيين الذي أعلن عن توقيعه بالدم، برقية مرسلة إلى حافظ الأسد، لتعمم هذا السلوك وتجعله وسيلة جديدة لإجبار السوريين، وخاصة الموالين منهم له قبل المعترضين عليه، على مزيد من الرضوخ والخنوع لسلطة الاستبداد ووممارساتها بحق المواطنين والوطن.

وهكذا أصبح التوقيع بالدم علامة بازرة من علامات نظام الاستبداد الأسدي، قبل أن تلحقه موضة الرقص في الشوارع، التي بدأت من رئيس الوزراء وصولا إلى أصغر موظف في الدولة.

في الحرب المفتوحة التي شنها حافظ الأسد على الشعب السوري، مدعوما من كل دول العالم، بحجة محاربة الإرهاب الإسلامي، والتي انتهت بتدمير مدينة حماه عام 1982، كان الأسد، بسلوكه ذاك، يرسل برقيته الخاصة إلى العالم ليس بدمه، وإنما ممهورة بدماء السوريين وأرواحهم، معلنا تبعيته لهم عامة، ومتطوعا، في الوقت نفسه، أن يكون حارسا أمينا لحدود لإسرائيل خاصة.

بعد موت حافظ الأسد، اعتقد بعض السوريين أن عصرا جديدا سيبدأ مع ابنه، بعيدا عن برقيات الدم والرقص في الشوارع والساحات العامة، وتجاهلوا عن حسن نية، أو عن سوء نية، قراءة معنى وصول الأسد الابن إلى السلطة، ولم يتجرأ أحد على القول إن "برقيات الدم" كانت سببا مهما من أسباب وصول بشار الأسد إلى رئاسة الجمهورية خلفا لوالده، مستحدثا للمرة الأولى في العالم، التوريث الجمهوري، بموافقة العالم والمباركة والتصفيق للوريث العلماني "المودرن".

مع قيام الثورة في عام 2011، وتزايد المظاهرات السلمية الداعية إلى الحرية، أيقن نظام الأسد وأجهزته الأمنية وقادة جيشه "العقائدي" أن السوريين الشباب قد نسيوا خوف الأجيال التي عاصرت "برقيات الدم" وتدمير حماه ومخيم تل الزعتر، والسير "الحيط الحيط والقول يا رب السترة ". وأن "الربيع" جعلهم يتوقون إلى حياة لا خوف فيها ولا سجون ولا دماء، فكان لا بدّ من تذكيرهم ببحر الدماء الأسدية، فبدأ القتل دون حساب.

حاول نـظام الأسد أن يعيد للسوريين "بصمة الدم" عبر ارتكابه للمجازر الجماعية ذات الطابع الطائفي، في جميع المناطق السورية، ثم في قصفه للأحياء السكنية وتهديم المدن وتهجير السكان بهدف القضاء على الثورة الشعبية السورية و"بيئتها الحاضنة".

وقد استخدم في حربه على الشعب كل الأسلحة المتاحة بين يديه، بما في ذلك المحرمة دوليا.

كل ذلك حصل ويحصل تحت سمع العالم أجمع وبصره، قبل أن يشارك ذلك العالم نفسه في قصف السوريين تحت مسميات "محاربة الإرهاب"، وهي التسمية التي استخدمها الأسد الأب في أواخر السبعينيات والثمانينات، ويعيد استخدامها الابن الآن.

مر ما يقارب الخمس سنوات من التهجير والقتل والاعتقال والجوع وتشريد ملايين السوريين وما زال "أصدقاء الشعب السوري" يضعون الخطوط الحمراء للمجرم الأسدي صباحا ثم يمحونها مساء، يطلقون الوعود ولا يعملون إلا أقل ما يمكن عمله لتخيف عذاب السوريين.

الولد الذي كان بعمر 13 سنة في بداية الثورة أصبح الآن في عمر 18 دون مدرسة أو مسكن أو طعام أو ثياب أو وطن يحويه، فماذا تراه فاعلا؟

ملايين السوريين قرروا أن يزحفوا إلى أوروبا على أمل الحصول على حياة أفضل، عندها أدرك الأوربيون أن نمط معيشتهم وثقافتهم قد أصبح مهددا، فقرروا أن يعالجوا جذر المشكلة السورية المتمثلة في الأسد، من جهة، ومحاربة الإرهاب الداعشي، الذي تركوه ينمو إلى أن أصبح "غولا" يستحق أن يجردوا عليه أسلحتهم وطائراتهم.

هنا، قرر الأسد الابن، أن يرسل للأوروبيين والعالم "برقية موقعة بالدم"، ولكن ليس دمه وإنما بدماء الفرنسيين، فكانت مجزرة باريس، التي ربما لم يفعلها بشكل مباشرة وإنما بتحضير كل العوامل التي تجعلها ممكنة الإنجاز.

لم يتأخر داعش في إضافة توقيعه، من خلال تبنيه للعمليات الإجرامية، مكرسا بذلك الخوف العالمي عامة والأروبي خاصة، من "الإرهاب السني"، ومقدما بذلك الخدمة التي ينتطرها منه نظام الأسد واليمين الأوروبي الذي لا يريد لاجئين مسلمين، أو يبحث عن الأسباب التي تدفع حكومات الغرب إلى طرد هؤلاء اللاجئين.

أخيرا، لا بد من الإشارة إلى أن النتائج الأولى للأعمال الإرهابية في باريس، أن حوالي ستين ألف مواطن كندي قد وقعوا على عريضة، ومازالت تجمع تواقيع، موجهة إلى حكومة بلدهم يطالبون فيها بإلغاء استقبال 25 ألف لاجىء سوري، بسبب الوضع الأمني الخطير الذي قد يسببه وجودهم في كندا، كما كتبوا.

هذه بداية، والأعظم قادم، خاصة إذا لم تتغير أساليب عملنا وطرق مخاطبتنا لبعضنا البعض وللغرب والعالم.

وقبل إنهاء هذا المقال لا بد من عرض وجهة نظر مختلفة على ما جرى في فرنسا، فقد علق أحد الشباب الكنديين من أصل سوري، والذي لا يعرف سوريا أصلا، فقال: "صحيح أن ما جرى في باريس جريمة كبرى ذهب ضحيتها 150شخصا، ولكن لماذا نرى هؤلاء فقط ونغمض العيون عن موت 150 سورياً كل يوم؟؟

*من كتاب "زمان الوصل"
(130)    هل أعجبتك المقالة (137)

محمد علي

2015-11-19

الى السادة فادي و اسماعيل ،، يا جماعة شو هل الانحطاط الاخلاقي هاد ،،، الاستاذ مخائيل كتب و يكتب و انتم لكم حق القراءة او لا او النقد بادب و احترام ،،،، اما يصل الموضوع لهذه الالفاظ لمجرد افكار و تحليل شيئ مخزي و مهين ليس لمخائيل سعد كشخص انما لكم انتم كاشخاص و سوريون ، طبعا اظهرتم نوعين من التطرف ، تطرف النظام باشكاله و تطرف الاخلاقي ،،،، ما وصفتم مخائيل سعد هو تماما ما تمتلئ به نفوسكم من نفس العبارات و الاوصاف ،،، لطالما اختلف مع مخائيل سعد لكن من المعيب و المشين ان تصل الى حد العبارات المستخدمة في تعليقكم ،،،، للاسف انتم لن و لن تنتمو لسوريا الجديدة التي ندفع بدمنا برائتها منكم و من امثالكم و امثال المتخلفين عقليا و نفسيا من النظام و الاسد و اتباعه..


د.شادي الاصيل

2015-11-23

للاسف في التعليق الاليكتروني لا نعرف مع من نتحاور، انما البعض يفترض ويحلل ويعتبر نفسه ماسك للحقيقه من ذيلها. اولا انا لست سوريا ، وعلماني حتى النخاع، وعلمي منذ ٤٠ عاما وطبيب نغسي من ٣٠ سنه ، واقرا ب٣ لغات، وغيرها . ثانيا، تحليل السيد ميخائيل سطحي ، لا يبحث عن الحق بل عن دعم لما يعتقده او يطلب منه ان يعتقد فيه. بتحليل بسيط لا اجد صدقا فيما يكتب انه ككاتب السلطان يفعل ما يؤمر به. ومرات لاحظت تبنيه لمهاجمه المسيحيه لانه ليس متدينا ولا ذنب له باسمه، هذه حريته طبعا ،انما ان يدافع عن سلفيه بهيميه فلم يعد مقبولا ابدا، ثم ان حافظ الاسد عقدته الابديه طيب انا لست مفتونا بالرجل انما في هذه الايام اشعر بانه افضل من الاف القاده الكرتونيين الذين تزدحم فيهم الفضائيات. الصدق بالكتابه يحسه الشخص روحيا . والكلام المدفوع الاجر يحسه بنفس الطريقه، ومن يكتب في صحيفه عامه يجب ان يكون موضوعيا ابدا ويملك ما يؤيد وجهه نظره لا قيل عن قال عن سمع عن اعتقد والله اعلم، هكذا سخافات نعرفاين نجدها. فلوريدا.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي