أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الأسد أو نحرق باريس.. "المفتي" لا يمزح

باريس أمس - وكالات

رصاص الموت الذي اخترق باريس ليل الجمعة، سمع ساكن قصر المهاجرين أصداءه بطريقته الخاصة، فوجده أقرب ما يكون إلى "رصاص الفرح" الذي يطلقه أنصاره عندما يقتلون مجموعة من السوريين أو ينجحون بالسيطرة على قرية ما وتدميرها.

هل يجدر بنا كسوريين أن نكون مع الأسد في حجرته لنكون صادقين ومنصفين في وصفه وهو يفرك يديه ابتهاجا بما شهدته العاصمة الباريسية، بل هل يلزم الفرنسيين أنفسهم مزيد من الفطنة ليتكهنوا بردة فعل ديكتاتور تجاه هجمات "تحرق" باريس، وهو الذي أعلن شمشونيته صراحة بشعار "الأسد أو نحرق البلد"، وترجمته الحرفية إما الأسد حاكما أوحدا، أو نحرق المزرعة التي يحكمها ويمتص خيراتها غير مبالين.

عندما اعتمد النظام شعار "الأسد أو نحرق البلد" وعممه وصفق له، ظن كثير من السوريين أن النظام يبالغ في تهديده، وأنه لن يكون بوسعه أن ينفذ هذا الوعيد المرعب في عالم مدجج بوسائل تواصل واتصال تتلصص وتراقب، ومنظمات ومؤسسات معنية بحقوق الإنسان توثق وتلاحق، وهيئات قضائية تحاسب وتعاقب.. ولكن السوريين اكتشفوا أنهم كانوا مبالغين في تهوينهم من شأن قدرة النظام الإجرامية والانتقامية.
وحدهم "الجيران" الإسرائيليون كانوا واعين تماما، وتلقفوا رسالة "عدوهم الحميم" بشار الأسد بمزيد من الاهتمام والجدية، عندما قال لهم رامي مخلوف كفوا عن محاربة بشار لتبقوا آمنين مطمئنين.

وعلى خلاف الإسرائيليين، الذي يخبرون تضاريس النظام ويسكنون تلافيف دماغه، كان الأوربيون متساهلين، عندما وصلتهم رسالة مبكرة جدا جدا على لسان مفتي النظام، أحمد حسون، فاعتبروها كلاما فارغا أو زلة لسان.. وأنى لأحد أن يقنع ساسة أوروبا بأن "الشيخ" عادة لايجيد "المزاح" ولايحبذه، فإن كان في مقام "المفتي" صار المزاح في عرفه تصرفا "يسقط المروءة"، فكيف إن كان "مفتيا" برتبة ضابط مخابرات في نظام الأسد!

لقد قال "حسون" قبل 4 سنوات بالحرف: "مع انطلاق أول قذيفة صوب سوريا ولبنان، سينطلق كل واحد من أبنائها وبناتها ليكونوا استشهاديين على أرض أوروبا وفلسطين"، و"فلسطين" هنا تعني "إسرائيل" في عرف "المفتي"، وإلا فما حاجة نظام يقاوم ويمانع لأجل "تحرير فلسطين".. ما حاجته ليفجر فيها!

وفي خطابه المسجل والموثق قال حسون أيضا:" أقولها لكل أوروبا وأقولها لأمريكا سنعد استشهاديين هم الآن عندكم إن قصفتم سوريا أو قصفتم لبنان، فبعد اليوم العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم وأنتم من ظلمتمونا".

ومما بشر به حسون في كلمته تلك أن "الاستشهاديين" الذي سيضربون قلب أوروبا (فرنسا وبريطانيا حسب قوله)، لن يكونوا عربا ومسلمين، بل سيكونون من "الصادقين الجدد"، وهذا بحد ذاته تنويه مهم إلى علاقة نظام الأسد مع منظمات متطرفة قد يكون لها ميول مختلفة (ماركسية، فاشية، مافيوية...)، وهنا يمكننا جميعا أن نعود إلى نص وثيقة رسمية سعودية سبق لجريدتنا أن نشرتها، تقول إن نظام بشار الأسد أعطى أوامره لعصابات إجرامية من "المهاجرين" بوقف أعمال عنف وشغب كبيرة اندلعت أواخر 2005، كمساعدة من بشار لوزير الداخلية "نيكولا ساركوزي" في وجه منافسه على انتخابات الإليزيه الرئيس "جاك شيراك"، بوصف الأخير الخصم اللدود لبشار الأسد، لاسيما مع مساعيه الحثيثة للكشف عن قتلة رئيس الوزراء اللبناني "رفيق الحريري" حينها، ودعوته لتجريم بشار الأسد ومحاكمته.

وقد ساهم اعتلاء "ساركوزي" سدة الرئاسة، في إعادة مباغتة وسريعة للحرارة إلى علاقات بشار الأسد بباريس، بل إن "ساركوزي" نفسه عمل على تعويم بشار وإعادة إدخاله إلى مجال السياسة الدولية من جديد عبر بوابة باريس، بعدما كان يعيش ما يشبه العزلة، على خلفية اتهامه باغتيال الحريري.




زمان الوصل
(94)    هل أعجبتك المقالة (109)

أحمد

2015-11-14

ماحصل في فرنسا هو عمل مخابراتي بامتياز من ناحية التخطيط والتنسيق وهذا مايجب ربطه مع المستفيد من هذا العمل الإجرامي.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي