أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ردا على "الوقاحة" الروسية.. "فيتو" على من يملكون حق النقض في مجلس الأمن

ريف دمشق.. طفل جريح في عين ترما بعد غارة لطيران النظام - ناشطون

عكس الصراع القائم في سوريا مثالا واضحا على الشلل الذي يُعاني منه مجلس الأمن الدولي، فمنذ اندلاع القتال في سوريا قبل نحو 5 أعوام، فشل هذا المحفل الأممي حتى اليوم، في الاتفاق على مسار يضع حداً لهذه لحرب، التي أدّت وفق التقديرات إلى مقتل أكثر من 400 ألف شخص ونزوح الملايين من السكان داخل البلاد أو خارجها.

وبحسب خدمة "سويس إنفو" الإخبارية" فإن من غير المُرَجَّح أن يقبل الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن الدولي مبادرتين تدعوان إلى تنازلهم الطوعي عن حق استخدام النقض (فيتو) عند وقوع حالات معينة تتعلَّق بالإبادة الجماعي والجرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب. ولكن البلدان المؤيدة لهذين المشروعين -وبضمنها سويسرا- ترى أن بمقدورها جعل هذه الدول الخمس تعيد النظر قبل ممارستها لهذه السلطة.

وشَكَّل المقترح السياسي الذي تقدمت به كل من فرنسا والمكسيك في 30 سبتمبر 2015، والداعي إلى حَثّ الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، على التنازل الطوعي عن استخدام حق النقض (فيتو)، لعرقلة القرارات الهادفة إلى إنهاء أو منع حالات الفظائع الجماعية، مثل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب، مِحور اجتماعين وزاريين رفيعي المستوى، عُقدا على هامش اجتماعات الدورة الـسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة.

ومن جانبها، قدَّمَت مجموعة "المساءلة والتناسق والشفافية"، المعروفة اختصاراً باسم ACT (وهي مجموعة إقليمية مؤلفة من 27 دولة صغيرة ومتوسطة، عضوة في الأمم المتحدة)، وبتنسيق سويسري، مدوّنة سلوك تحمل نفس الهدف، ولكن على نطاق أوسع: فهي لا توجه دعوتها إلى الأعضاء الدائمين فحسب، ولكن إلى جميع الأعضاء غيْر الدائمين، في الوقت الحاضر أو في المستقبل.

وحتى الوقت الرّاهن، وقَّعَت أكثر من 75 دولة من مختلف أنحاء العالم على المقترح الفرنسي-المكسيكي، كما وقَّعَت 53 دولة على مدوّنة السلوك التي أطلقتها مجموعة ACT . ومن جهتها، تدعم سويسرا كِلتا المبادرتين، وِفقاً لِما أعلنه وزير خارجيتها ديديي بوركهالتر في نيويورك.

في حالة النزاع في سوريا، استخدمت الصين وروسيا حق النقض (فيتو) 4 مرات، لتُحبط بذلك مشاريع قرارات كان مجلس الأمن يرمي إلى اتخاذها. وكان الأمر في 3 حالات يتعلَّق بقرارات تهدّد بفرض عقوبات ضد نظام بشار الأسد.أما القرار الرابع، فكان يهدف إلى إحالة الصراع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، بغية فتح تحقيق حول جرائم مُحتمَلة ضد الإنسانية. وكانت سويسرا قد بذلت مساعي حثيثة منذ وقت مبكّر لإحالة الصّراع السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، وأطلقت بهذا الصدد عريضة سُلِّمَت إلى مجلس الأمن في مايو 2013. وحصلت العريضة حينئذٍ على دعم أكثر من 50 دولة عضو في الأمم المتحدة.

الإفتقار إلى حلٍّ سريع
ورغم اعتقاد بعض النقّاد بِعَدَم خروج هذه الجهود بنتيجة، وافتقارها إلى أي تأثير يُذكَر، إلّا أنّ ريتشارد ديكر، مدير برنامج العدالة الدولية في منظمة "هيومن رايتس ووتش" غير الحكومية، ينظر للأمر بشكل مختلف: "هذا يتوقّف حقاً على كيفية قياس التوقعات"، كما أخبر "سويس إنفوّ، ثم استرسل قائلاً: "لو كان السؤال إن كانت هذه الدعوات ستُنهي الإستخدام المُعرقل الوقح لحق النقض، كما فعلت روسيا في حالة سوريا، فسوف يكون الجواب هنا بالنفي".

ولكن المرء لابد أن يكون واقعياً عندما يتعلق الأمر باتخاذ ما يلزم ضدّ إساءة استخدام الفيتو من قبل روسيا -والصين والولايات المتحدة بدرجة أقل- ومحاولة تغيير سلوكهم. وكما يرى "ديكرّ، سوف تؤدّي الأنشطة المتنامية وتصاعد الدعم للمبادرة الفرنسية - المكسيكية ومدوّنة السلوك لمجموعة ACT، إلى "رفع الثمن الذي تدفعه هذه الدول كثيراً عند استخدامها الوقح لحق النقض في حالات ارتكاب الفظائع. كما أن من شأنها أن تؤدّي إلى نشوء ثِقل مقابل قوي، في حال استخدام حق النقض ضد أحد القررات التي تهدِف إلى مَنع أو إنهاء فظائع أو إنتهاكات جسيمة".

ومع اعتراف مدير برنامج العدالة الدولية في منظمة "هيومن رايتس ووتش" بعدم قُدرة المبادرة الفرنسية المكسيكية وجهود مجموعة ACT على الحَدّ من الإستخدام الوقِح لحقّ النقض من جانب روسيا في حالة سوريا، إلاّ أنه يرى أن بإمكانها المساهمة في ذلك بشكل كبير، مُعتبراً إياها "هدفا مهِما على المدى المتوسط".

شعور بالحركة والالتزام
في السياق ذاته، يرفض "ديكر" الآراء الساخِرة التي لا تجد في هذه المبادرات إمكانية لتحقيق شيء إيجابي، ويصفها ب "الرؤية الضيِّقة للإمكانات التي تتمتّع بها هذه الجهود". كما لم يُغفل الإشارة إلى الاستعداد الذي أبدَته دول إضافية لدعْم مدوّنة السلوك أثناء استعراضها، مضيفا: "كان الشعور بالحركة واالتزام واضحاً جدا".

وبحسب ديكر،"يبدو أن جهود مجموعة المساءلة والتناسق والشفافية (ACT)، تلقى صدىً جيدا لدى مجموعة واسعة من الأعضاء". ومن المُرَجَّح أن ترسخ الواقع المحزن للصّراع السوري وفشل مجلس الأمن في التصرّف حِياله، في الذاكرة الجماعية للدول الجالسة في القاعة، قد ساهم في ذلك كثيراً.

ولا يستبعد مدير برنامج العدالة الدولية في منظمة"هيومن رايتس ووتش"، أن يكون فشل مجلس الأمن في سوريا قد تطوّر إلى نوْع من النتائج العكسية بالنسبة للأعضاء الدائمين الذين استخدموا حق النقض، والذي انعكس بالنتيجة بـ"دعم أوسع للمبادرة الفرنسية - المكسيكية، والمبادرة التي تقدّمت بها مجموعة ACT على حدٍّ سواء".

في الأثناء، تم إطلاق مدوّنة السلوك، التي وُضِعَت تحت إشراف إمارة ليختنشتاين رسميا في 23 أكتوبر 2015، بمناسبة إحياء الذكرى الـسبعين لإنشاء الأمم المتحدة. والمثير أن 103 دولة أعلنت في ذلك التاريخ عن التزامها بما ورد في المدونة.

مجموعة "المساءلة والتناسق والشفافية" المعروفة اختصارا بـ (ACT) تضم 27 دولة صغيرة ومتوسطة الحجم، تسعى لتعزيز المساءلة والاتساق والشفافية في مجلس الأمن الدولي. وبدأت مجموعة ACT نشاطاتها في شهر مايو 2013، وهي تركِّز على المسائل المتعلقة بالعمل الداخلي لمجلس الأمن وعلاقاته بالدول الأعضاء الأخرى في الأمم المتحدة.تسعى المجموعة من خلال مقترحات ملموسة وعملية، إلى تحسين أساليب عمل مجلس الأمن في هيئته الحالية، وضمان المزيد من الشفافية والإنفتاح.لا تتناول أنشطة مجموعة ACT الإصلاح الشامل لمجلس الأمن المرتبط بتكوينه وحجمه.تتولّى سويسرا مهمة التنسيق بين هذه الدول، ويمكن للدول الأخرى الإنضمام إلى هذه المجموعة.

مسؤولية وليست امتيازا
"نحن نعتبر مدوّنة السلوك، وثيقة مُكَمِّلة للمبادرة الفرنسية - المكسيكية، وهما مساران يُعززِّان بعضهما البعض على الطريق المؤدّي إلى نفس الهدف"، كما قالت أوريليا فريك، وزيرة خارجية إمارة ليختنشتاين أثناء عرْض الوثيقة.

ودعت الوزيرة جميع الدول الأعضاء إلى الالتزام بالمدونة، تماماً كما فعل وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي أهاب بجميع الدول الأعضاء إلى إظهار دعمهم والتوقيع على المقترح الفرنسي المكسيكي.

"نحن نأمل ظهور المزيد من الالتزامات، لكي نضمن عدم تِكرار حالات مثل تلك القائمة في سوريا، حيث تحدُث الفظائع الهائلة، ويجد مجلس الأمن نفسه عاجزاً عن التصرف بسبب فيتو"، كما قال وزير خرجية فرنسا أمام مجموعة من الإعلاميين، مُشدِّداً على أن حق النقض "مسؤولية وليس امتيازا".

وأشار وزير الخارجية الفرنسي إلى أن دولته بصفتها واحدة من الدول الخمس دائمة العضوية المالكة لحق النقض، قد ألزمت نفسها بالفِعل بِعَدم اللجوء إلى استخدام هذ الحق عند وقوع فظائع واسعة النطاق، كما عبّر عن الأمل في أن تحذو بقية الدول المتوفرة على هذه السلطة (الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وروسيا) حذْو فرنسا قريباً.

بَيْد أن المبادرة الفرنسية- المكسيكية لم تَحظَ بدعم رسمي من أيّ من هذه القوى الكبرى بعدُ. ووفقا للدبلوماسيّين، هناك بعض المؤشرت المؤيدة الصادرة من بريطانيا، كما ترى الولايات المتحدة بعض الجوانب الإيجابية في المبادرة. وعلى الجانب الآخر، لم تُبدِ الصين وروسيا أيّ نوع من التأييد لهذا المقترح.

من جانبها، تدعو منظمات حقوق الإنسان، مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، التي تدعم كِلتا المبادرتين، إلى تقْنين استخدام حقّ النقض في حالات الفظائع الجماعية منذ فترة طويلة. وقال كينيث روث، المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش، الذي شارك في كلا الحَدَثَين: "يجب أن لا يُستخدم حق النقض أبداً في الدفاع عن حليف يرتكب نوع الأعمال الوحشية التي يرتكبها اليوم نظام الأسد ضد المدنيين، لمجرد أنهم يعيشون في المناطق التي تسيْطر عليها المعارضة". 

دعم متزايد
بدوره، شدّد وزير الخارجية السويسري ديديي بوركهالتر على دعم برن للمبادرتين، وقال: "نحن نلاحظ تنامي الدّعم لهذه المسألة، وهو يزداد قليلاً كل عام". مع ذلك، سوف يتطلَّب تحقيق هدف الحصول على دعم جميع الأعضاء الخمسة دائمي العضوية وقتاً طويلاً على الأرجح.

وردّا على سؤال "سويس إنفو" حول ما إذا كان إعلان فرنسا الإستغناء عن حق النقض في المستقبل في حالات ارتكاب الفظائع سيساهم في زيادة الضغط المعنوي على بقية الدول دائمة العضوية، قال بوركهالتَر: "نعم، هذا أمر يمكن حدوثه، ولكنى أرى أن النقاش ينبغي أن يظل عقلانياً أيضاً. علينا أن ندرك بأنه من غير المنطقي على الإطلاق، أن لا يقوم مجلس الأمن- الذي تتمثل مهمته الرئيسية بنشر الأمن والسلام - بوقْف مَن يرتكِب أعمال القتل الجماعي أو مُحاسبته".

وزير الخارجية السويسري يرى أيضا أن مَنْع تنفيذ القرارات بدلاً من وقْف الجرائم الجماعية "غير منطقي بكل بساطة". كما أن من مصلحة الجميع في نهاية المطاف "وَضع مجلس الأمن ودوره، ولاسيما دور الدول الخمس دائمة العضوية، موضع تساؤل المجتمع الدولي، ولاسيما في ضوء شلل المجلس الكامل في حالة سوريا"، على حد قوله.

زمان الوصل
(101)    هل أعجبتك المقالة (97)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي