استخدمت واحدة من أكثر الصحف الألمانية انتشارا مصطلح "ابن العاهرة" في عنوان تحليل إخباري حول دعم بوتين للطغاة، وعلى رأسهم بشار الأسد، الذي خصته بـ4 صور من أصل 6 صور نشرت مع التحليل، اثنتان له –أي لبشار- مع الزعيم الليبي المقتول "معمر القذافي"، واثنتان أخريان مع "فلاديمير بوتين".
ففي تحليل نشرته صحيفة "بيلد" الألمانية، وتولت "زمان الوصل" ترجمة أهم ما جاء فيه، ابتدأ الكاتب "فون يوليان راييت" بجملة تقول: "في واشنطن هناك قول مأثور، حول تعاون الأنظمة الديمقراطية مع الحكام المستبدين، وتحالف تلك الأنظمة مع الطغاة، مفاده "صحيح أنه ابن عاهرة، لكنه ابن عاهرتنا".
وشرح "راييت" مدلول العبارة الذي يفيد بأن "عهر" الطغاة والمستبدين مقبول في الغرب، مادام هذا "العهر" يخدم أهداف الغرب، وبعبارة أخرى، فإن الغرب يقول: فليمارس الطغاة التعذيب والقتل قدر ما يريدون، ما داموا يحسنون التصرف بحقنا ولم يخرجوا عن سيطرتنا، ونحن سنحافظ على هؤلاء الطغاة، وندعمهم عسكريا وماليا، ونتعاون معهم استخباراتيا.
وفي المقال التحليلي الذي جاء تحت عنوان "فشل استراتيجية ابن العاهرة"، حذر الكاتب من خطورة الدور الذي يلعبه بوتين في دعم الطغاة، كما حذر من تعويم بشار الأسد وغيره من الطغاة تحت ذريعة أنهم السد المنيع في وجه "المتشددين".
واعتبر "راييت" أن مطصلح "الواقعية السياسية" الذي ينادي به البعض في معرض تبريرهم للتعاون مع الطغاة، ومنهم بشار الأسد، هو مرادف لمصطلحات من قبيل: "ابن العاهرة"، "الشيطان الذي نعرف"، "أهون الشرين"، مضيفا: المشكلة مع هذه "الواقعية السياسة" أنه أفلست تاريخيا، كما إنها لم تجلب لنا "الاستقرار" الذي نحاجج عنه، بل بالعكس جلبت لنا –أي للغرب- الانهيار التام في الشرق الأوسط وموجة تاريخية اللاجئين، لأن "أبناء عاهراتنا" مارسوا نهب خيرات بلدانهم، ولم يضخوا سوى أموال هزيلة للاستثمار في البنية التحتية المستدامة وميادين التعليم والبحوث والمشاركة في سوق العمل والمساواة.. فتحولت حياة الناس في بلدانهم إلى أرض يباب يعمها فقدان الأمل، وانعدام أي أفق مبشر.
ومع صورة لبعض ضحايا هجوم بشار الأسد الكيماوي على الغوطة في صيف 2013، تابع "راييت" كلامه منوها بأن بشار الأسد أحد الذين اختاروا انتهاج سياسة الأرض المحروقة عندما ثار الشعب ضد حكمه الاستبدادي، وعبّر عن رغبته في التغيير.
وتابع الكاتب الألماني: ليس هناك أي بلد من التي يحكمها "أبناء العاهرة" يحظى بـ"الاستقرار"، فقد فر الناس هناك نحو أوروبا، وخصوصا إلى ألمانيا، أو اتجهوا لاعتناق الفكار المتطرفة.
وسخر "راييت" بمرارة من "الواقعية السياسية" التي لخصها بقوله: خوفا من التطرف وتدفق اللاجئين، بتنا نتعاون مع الأنظمة المسؤولة عن التطرف وتدفق اللاجئين.
وانتقل "راييت" إلى التصريح بالدور الذي يلعبه الرئيس الروسي بوتين، عندما وصفه بأنه راعي "أبناء العاهرة" وشفيعهم، مستغربا من تحول السياسة الألمانية، والغربية عموما، نحو مزيد من التعاون مع هذا الراعي والشفيع.
واستعرض "راييت" تصريحا صادرا عن الخارجية الألمانية يقول إنه "بدون بوتين لن يكون هناك حل في سوريا"، وآخر للمستشارة أنجيلا ميركل تدعو فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما للتباحث مع بوتين والتعاون على حل الأزمة السورية، بدعوى أن الغرب ليس لديه القوة الكافية لاستعادة الاستقرار هناك.
وخلص الكاتب الألماني إلى القول بأن الرسالة التي يرسلها الغرب للطغاة المحميين بغطاء من بوتين.. ليس لديكم ما تخشونه من الغرب، ويمكنكم الاعتماد على بوتين، مضيفا: جزار سوريا بشار الأسد تشجع من خلال دعم بوتين له، إلى درجة جعلته يغادر سوريا للمرة الأولى منذ 4 سنوات، في زيارة رسمية إلى موسكو.
ورأى الكاتب أن بوتين أصبح "الراعي العالمي للظلام"، ساخرا من الحل السلمي الذي يتم التحدث عنه، فيما طائرات بوتين تقصف البنى التحتية المدنية في سوريا، وتدعم هجمات جديدة لقوات النظام من شأنها أن تدفع بمئات آلاف اللاجئين الجدد نحو أوروبا.
ونعى "راييت" السياسة الخارجية للغرب، معتبرا أنها باتت رهينة الخيال، فهي تدافع عن "استقرار" موهوم، لم يعد له وجود، وعن "سياسة أبناء العاهرات" التي لم تجلب سوى الفقر والحرب والإرهاب.
إيثار عبدالحق - زمان الوصل - ترجمة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية