(تناقلت الأنباء ذات يوم أخبارا تقول إن إسرائيل أدخلت إلى مصر بذورا وأدوية زراعية تعمل على تخريب التربة والمحاصيل. أما في سوريا فيقوم بهذه المهمة من يمنحون التراخيص لمقالع الحجارة في الأراضي الزراعية، وتحديدا في منطقة الاستقرار الأولى حيث مئات الدونمات تحولت إلى مقالع والعمل مستمر للقضاء على ما تبقى)
إلى من يهمه مستقبل الزراعة والحياة والأجيال المقبلة. مع أن القضية قد تكون شخصية فهي قضية مستقبل وحاضر إذا كانت الشجرة والزراعة مهمة في بلد يقول إنه يعتمد على الزراعة والثروة الحيوانية بالدرجة الأولى. ففي منطقة مصياف من محافظة حماه، وكما جاء في صحيفة الفداء يوم الأربعاء27/ 8 / 2008، تمتنع الجهات المختصة عن منح تراخيص لمنشآت سياحية في الأراضي الزراعية والحراجية بحجة المحافظة عليها. لكن الجهات ذاتها أو غيرها فاجأتنا بمنح عدد من التراخيص لمستثمرين لمقالع حجارة بدأت تلتهم مئات الدونمات و تأكل الأخضر واليابس في المنطقة وبين كروم التين والعنب والزيتون والفستق الحلبي واللوز. وربما كان أبرز الضحايا بقايا أشجار البلوط التي يُحاكم ويسجن أي فلاح يؤذيها بينما يبدو أن ذنوب المستثمرين مغفورة إذا ما ماتت هذه الأشجار بالجملة. والواقع شاهد على ما أقول.
الغريب في الأمر عدم وجود من يعطي أية إجابة على السؤال المطروح: من المسؤول عن حماية الأشجار في المنطقة. دائرة أملاك الدولة في زراعة مصياف تقول إنها مسؤولة عن أملاك الدولة التي استأجر أحد المستثمرين جزءا منها وبدأ ينشر الغبار الذي يهدد ما حوله من أشجار بالموت، لكنها لا تستطيع فعل شيء لأنه يعمل بموجب رخصة نظامية. وبرنامج حماية الأشجار المثمرة في المنطقة أفهمني أنه لا يستطيع حماية شيء.
وللعلم إن المنطقة المعنية تقع في منطقة الاستقرار الأولى زراعيا ومطريا. وإذا ما استمر العمل بالمعدل الحالي ستكون آلاف الهكتارات صحراء تنتشر فيها الحفر بأعماق تصل إلى أكثر من عشرة أمتار في بعض الحالات. وبذلك نكون نجحنا في بيع الحجارة التي يبدو أنها من النوع الفاخر لبناء قصور في مختلف بلدان العالم وخسرنا الأرض التي لن تكون صالحة حتى للمشي فيها أو الصيد أو حتى الرعي خوفا من حفرها العميقة.
هذه مسألة تستحق اهتمام كل معني بهذا الأمر وكل من يهمه بقاء الخضرة والأشجار المثمرة والأرض الصالحة لزراعة القمح والشعير وغيرهما في زمن تعمل فيه الدول على مقاومة التصحر وحماية زراعتها، بينما نعمل نحن على تصحير ما تبقى لنا من بقعة زراعية.
أضع هذه المعلومات بين يدي كل من يهمه الزيتون والتين والقمح والشعير لأن الحجارة تباع مرة واحدة ويكسب منها المستثمرون، أما التربة فسوف تبقى تقدم لنا ما نأكله ويأكله أولادنا وأحفادنا ما بقيت هذه الأرض وبقينا.
إلى من يهمه... الوطن
محمد جمول
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية