في فيينا... المستقبل للأسد*

لم تكن دعوة كيري في الشهر الثالث من هذا العام لمحاورة نظام دمشق واعتباره جزءا من الحل السياسي إلا تدخلاً مباشراً لإنقاذ الأسد الذي كان يترنح تحت ضربات الثوار.
لم تجد واشنطن طريقة تكشف فيها تآمرها المستمر منذ عام 1970 على الشعب السوري أكثر من أن تفرض على المجتمع الدولي أن يكون حليفها في الشام طرفاً في أي مفاوضات تدور حول سورية ولا بأس بالحفاظ على دور ما له في مرحلة انتقالية.
لم تغير تصريحات الخارجية الأمريكية شيئاً على الأرض فقد استمر الثوار في تقدمهم على الجبهات كلها، فبدأت مؤامرة عاصفة الجنوب التي أضعفت ثوار حوران، وكشفت مواقع تمركز الجيش الحر وأسلحته للشبيحة والمرتزقة. ولما لم تنجح هذه الخطة في ثني الثوار عن تقدمهم في المدن السورية كافة، توسلت الولايات المتحدة لروسيا أن تحتل سوريا حماية لبشار الأسد، وهو الأمر الذي يناسب موسكو ويضمن لها التمركز الدائم في المنطقة.
كان على الولايات المتحدة ألا تظهر بمظهر الفاجر الوقح، والسياسي القذر، فاعترضت إعلامياً على العدوان الروسي، ودعت إلى مفاوضات فيينا، للبحث عن حل سياسي للأزمة السورية.
يدور سؤال في ذهن السوريين، لماذا إذاً لم تبحث واشنطن عن هذا الحل منذ خمس سنوات خلت، ولماذا قذفت بوفد الائتلاف الضعيف إلى جنيف، ولماذا أجبرته على التحرك باتجاه موسكو وطهران.
في الأسبوع الماضي عُقدت محادثات في فيينا ضمت وزيري خارجية الولايات المتحدة وروسيا المتفقتين على تمكين الأسد من أعناق السوريين، وتم تزيين الاجتماع بالسعودية المشغولة بالحوثيين منذ نصف سنة تقريباً، وتركيا الواقعة تحت تهديد دعم العالم كله لحزب العمال الكردستاني.
ادّعت واشنطن رفضها للحضور الإيراني، كما أعلنت أنها مصرة مع تركيا والسعودية على رحيل الأسد، وأن المشكلة تكمن في الموقف الروسي المتمسك بمحاربة الإرهاب والاعتماد على خبرة بشار هذا المجال.
لم يمر أسبوع على تلك المفاوضات الهزلية حتى أعلنت واشنطن أن طهران يجب أن تكون طرفاً في هذه المفاوضات، ولا بأس أيضاً بدعوة السيسي، والعراق ولبنان أيضاً، وكل المدافعين عن الأسد.
يبدو واضحاً أن الولايات المتحدة تريد أن تضعف الموقف التركي والسعودي إلى أبعد درجة ممكنة، بحيث يجد هؤلاء أنفسهم صوتاً مهزوزاً أمام عشرات الأصوات التي ستنادي بالإبقاء على بشار في السلطة ولو من خلال مرحلة انتقالية.
لن تستطيع الدول الإقليمية الرافضة لوجود الأسد أن تقف في وجه خصمها الذي سيكون المجتمع الدولي برمته، وهذا ما سيجبرها على هزّ الرأس في نهاية المطاف.
ستعد واشنطن الرياضَ بالعمل معها على تحرير اليمن من الحوثيين، وستعد أنقرة بأنها ستوقف دعم حزب العمال وستخلف في الوعدين.
ستنتهي محادثات فيينا بأحد أمرين كلاهما لمصلحة الأسد، إما الحفاظ عليه في مرحلة انتقالية جديدة لا يدري أحد نهايتها ولا شكلها، أو سيعلن عن فشل المفاوضات وانسداد الأفق وترك الأمر على ما هو عليه حتى إشعار آخر أو بالأحرى حتى يستشهد مليون سوري ويهجر مثله.
زبدة القول: فإن الولايات المتحدة أرادت من اجتماعات فيينا أن يبدو أن المجتمع الدولي هو من وافق على الاحتلال الروسي لسوريا واعترف به أمراً واقعاً من جهة، وشرعن وجود بشار الأسد في السلطة إلى أجل غير مسمى.
الحل بيد الثوار هم أعرف بتفصيلاته.
* د. عوض السليمان - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية