أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لسنا بحاجة لحكومة توجهها واشنطن وتل أبيب... ا.د . محمد اسحاق الريفي


جاءت حكومة فياض بموجب مراسيم باطلة – قانونياً ودستورياً وشرعياً – أصدرها عباس للانقلاب على حركة "حماس"، وهي حكومة يحظى برنامجها بمباركة واشنطن وتل أبيب ويتضمن أجندة مستوحاة من خريطة الطريق الأمريكية التي تستهدف حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته، وعلى رأسها حق المقاومة والعودة، وهي بذلك تشكل خطراً كبيراً على القضية الفلسطينية ويجب على شعبنا التصدي لها.

يكمن خطر حكومة المراسيم العبثية في تفردها بالقضية الفلسطينية واستئثارها بصناعة القرار السياسي الفلسطيني، متجاوزة بذلك إرادة شعبنا وخياره، ومستهترة بحقوقه وثوابته، ومتجاهلة القوى الفلسطينية الفاعلة التي تحظى بدعم شعبي واسع، وهي تقوم بذلك من أجل تنفيذ مخطط صهيوني أمريكي – واضع المعالم – يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وإنهائها وفق الرؤية الأمريكية الصهيونية المناقضة لتطلعات شعبنا وحقوقه المشروعة.

وحتى تنال حكومة فياض بمباركة أسيادها – الذين تستمد منهم شرعيتها وقوتها – في واشنطن وتل أبيب، بدأت هذه الحكومة غير الشرعية بشن حرب على المقاومة الفلسطينية من خلال ممارسات القمع التي تقوم بها ضد شعبنا في الضفة الغربية، ومن خلال إغراء فصائل المقاومة بتسليم أسلحتها واستسلامها، وكذلك من خال شطب حق شعبنا في مقاومة الاحتلال من برنامجها غير الوطني، إضافة إلى تمكين قوات الاحتلال من التحكم في الفلسطينيين العائدين إلى غزة وإخضاعهم للغربلة الأمنية الصهيونية واعتقال المجاهدين منهم.

وتشير دلائل كثيرة إلى أن حكومة المراسيم ستوقع مع حكومة أولمرت برعاية أمريكية وأوروبية على اتفاقيات هي الأسوأ من نوعها في تاريخ القضية الفلسطينية، للتحول هذه الحكومة الباطلة إلى أداة طيعة ورخيصة لدفع عملية التطبيع بين الكيان الصهيوني والعديد من الأنظمة العربية التي تتلهف على هذا التطبيع منذ أمد بعيد، ولا يمنعها من القيام بهذا التطبيع إلا النفاق وربما انتظار ظروف مواتيه تكون فيها الشعوب العربية مخدرة تماماً.

فلماذا إذاً السكوت على حكومة لم تأت من خلال صناديق الاقتراع وإنما جاءت بموجب مراسيم عبثية باطلة ولها برنامج غير وطني وضعته واشنطن وتل أبيب؟! وماذا تنتظر القوى السياسية الفلسطينية من حكومة أخذت على عاتقها تهميش هذه القوى وإخراجها من النظام السياسي الفلسطيني؟! إن حكومة وزراؤها حلفاء لأعداء شعبنا وشركاء لهم في مخططاتهم ضد شعبنا ولا تاريخ نضالي لهم يجب أن تسقط وتزول.

فبرنامج حكومة فياض يقوم على أساس القضاء على المقاومة وتحويل القضية الفلسطينية إلى قضية مرتبات وعرض حقوق شعبنا في المزاد العلني، كما أن هذه الحكومة الباطلة تسعى إلى شراء ذمم أبناء الشعب الفلسطيني – الذين يعانون من وطأة قمع الاحتلال وممارساته الإجرامية – وتوظيف معاناتهم لتحقيق أطماع الاحتلال والأمريكان، بل إن هذه الحكومة تشارك بفعالية في تشديد الحصار على شعبنا وتعمل على تمزيقه وقمعه والتنكيل به.

إذاً ما الذي يجعل بعض الفصائل الفلسطينية تلزم الصمت إزاء تفرد هذه الحكومة الباطلة بصناعة القرار الفلسطيني والمتاجرة بحق شعبنا في تقرير مصيره على أرضه؟!! وإلى متى سيستمر صمت القوى السياسية الفلسطينية على استهتار عباس بالشعب الفلسطيني وسيطرته على مؤسساته وتساوقه مع المخطط الصهيوني الأمريكي الذي يهدف إلى إذلال شعبنا وكسر إرادته وإجباره على التنازل عن حقوقه وثوابته...؟!!

هل تقبل القوى السياسية الفلسطينية أن تعطي حق التصرف بالقضية الفلسطينية وبمصير شعبنا لجهة ما بمجرد أنها تدفع رواتب عشرات آلاف الموظفين؟!! هذه سمسرة يرفضها شعبنا بقوة ولا يمكن السكوت عليها مهما كان الثمن.

وهل تسكت الفصائل الفلسطينية التي لها أذرع عسكرية مقاومة على حكومة جعلت من أولويات برنامجها نزع سلاح هذه الأذرع العسكرية وتفكيك بنيتها ومصادرة حق شعبنا في مقاومة الاحتلال الغاشم؟!

إن الأمر جد خطير.. فلا يمكن السماح لحكومة مراسيم فاقدة للشرعية، وتعمل ملحقاً أمنياً لدى حكومة أولمرت، أن تواصل سمسرتها متاجرتها بالقضية الفلسطينية، ولا يمكن للشعب الفلسطيني أن يقف صامتاً إزاء استهتار هذه الحكومة بحقوقه وتضحياته الجسيمة.

كما لا يجدي شعبنا نفعاً أن تتعامل القوى السياسية الفلسطينية – في الداخل والخارج – مع صراع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني على أنه مجرد أزمة فلسطينية داخلية بين حركتي "حماس" و "فتح"، خاصة بعد أن تبين للجميع أن عباس يقوم على رأس فئة تتساوق مع المخططات الأمريكية الصهيونية بعد أن تحولت إلى أداة بيد الاحتلال.

إن الطريق إلى وقف هذا التدهور الخطير في القضية الفلسطينية – الذي يتحمل عباس وجماعته وحكومة مراسيمه وزره كاملاً – معروف وواضح، والأمر حقيقة لا يحتمل مزيداً من الصبر أو الصمت، خاصة إذا ما تعلق الأمر بالتوقيع على ما هو أسوأ من اتفاقية أوسلو المشئومة، فعلى الفصائل الفلسطينية الصامتة أن تتحرك وتترك صمتها وحيادها وخجلها، وعليها أن تتخذ خطوات فاعلة للجم عباس وحكومة مراسيمه وإنقاذ القضية الفلسطينية ورفع المعاناة عن شعبنا الفلسطيني.

فالمطلوب من الفصائل الفلسطينية أن تعقد مؤتمراً في دمشق يخرج بقرارات حاسمة، لرفض نهج عباس وإجراءاته الرامية إلى تحويل منظمة التحرير الفلسطينية ومجالسها ولجانها إلى مطية للاحتلال والأمريكان، ومنددة بحكومة المراسيم العبثية وبرنامجها غير الوطني، وداعية إلى إيجاد ممثل شرعي جديد للشعب الفلسطيني على أسس جديدة تتناسب مع جسامة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية.

30/07/2007م

(150)    هل أعجبتك المقالة (165)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي