أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السعودية وروسيا وتحاشي "نبش" الماضي

من ضحايا القصف الروسي على ريف إدلب - ناشطون

في الزيارة الأولى لوزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا في 18 حزيران/يونيو الماضي، لم تكن النتائج بالمستوى المطلوب لكلا الطرفين. 

فعلى الرغم من أن الأمير محمد بن سلمان ذهب ممثلا للملك أولا وكوزير للدفاع ثانيا، إلا أن التباين في الموقفين حيال الأزمة السورية كان ساطعا وفاضحا، رغم توقيع العديد من الاتفاقيات النووية "شكليا"، حيث تعمد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد مغادرة الأمير محمد بن سلمان بأربع ساعات فقط إلى القول علنا في بطرسبيرغ إن الموقف من مصير الأسد لم يتغير.

الزيارة الثانية للأمير محمد بن سلمان، جاءت في ظروف متغيرة ومتقدمة على الساحة السورية، فالطيران الروسي على بعد أميال من المملكة العربية السعودية، خصوصا بعد ضرب ريف دمشق، لذا كان يجب أن تختلف اللغة وأجندة النقاش.

وتشير معلومات "زمان الوصل" إلى أن الأمير محمد بن سلمان، كان واضحا وجريئا خلال لقائه مع بوتين، وقال له إن التدخل في سوريا لن تكون له نتائج مرضية لكم. ونقل له رسالة بأنه من الممكن تحقيق مصالحكم في الشرق الأوسط وسوريا خصوصا دون وجود الأسد، إلا أن بوتين قال إنه لا ينتظر من أحد أن يعطيه شيئا في سوريا أو العراق.

هذا اللقاء الرمادي، والمائل إلى حد ما إلى السوداوية، دفع السعودية إلى تحرك إقليمي لامتصاص التدخل الروسي وخلق حالة من الرفض الإقليمي، وفي هذا الإطار جاءت زيارة وزير الخارجية عادل الجبير إلى أنقرة الأسبوع الماضي، ووجه رسالة صريحة إلى روسيا بأن السعودية ملتزمة بدعم المعارضة السورية، الأمر الذي أكدته أنقرة كذلك.

وتعمل السعودية الآن على خلق حلف إقليمي صامت بدعم دولي (أوروبي- أمريكي) ضد التدخل الروسي في سوريا، من خلال التأكيد أكثر من مرة على القلق حيال هذا التدخل.

ولعل المواجهة العلنية بين وزير الخارجية الجبير والروسي سيرجي لافروف، الشهر الماضي حين رد الجبير على نظيره الروسي بالقول لن يمكن أن يبقى الأسد في السلطة، وإن لم يذهب بحل سياسي سيذهب بحل عسكري بكل تأكيد.. هذا الموقف جعل الطرفين يؤكدان أنهما على طرفي نقيض وأن على كل منهما اختيار الطريق المناسب لموقفه.

واختارت روسيا أخيرا تغيير قواعد اللعبة بالتدخل العسكري، مستبقة السعودية بأية نوايا عسكرية.
عمليا؛ روسيا لا تريد شيئا من المملكة العربية السعودية وقد أثبت بازار الأزمة السورية هذا الافتراض، بل أن هناك اعتقادا روسيا أنه لا يمكن انتزاع السعودية من العلاقة الأمريكية التاريخية، وأن أي عملية من هذا النوع لصنع علاقة نوعية ستصطدم بجوهر المصالح الأمريكية، لذلك لا يبدو أن السعودية في حساب المصالح الروسية في الشرق الأوسط.

وقد عزز هذا الأمر امتداد الأزمة السورية، وتحاشي الطرفين السعودي والروسي الدخول في أي نوع من المواجهة، وسلك الطرفان مبدأ (فليعمل كل منا وفق ما يريد)، واتجهت السعودية إلى دعم المعارضة السورية وبقيت روسيا في خيارها إلى جانب النظام.

بالفعل روسيا لا تريد شيئا من السعودية، في نهاية العام 2014 أجرى الأمير بندر بن سلطان ووزير الخارجية الراحل الأمير سعود الفيصل زيارة سريعة التقى فيها الرجلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكان الأزمة السورية هي الحاضر الوحيد في هذا اللقاء، انتهى اللقاء ولم يترتب عليه أي تغير في مسار الأزمة.

ويمكن القول إن محصلة اللقاءات الروسية السعودية، كانت صفرا فلم تجد المصالح الاقتصادية الروسية والإغراءات السعودية بصفقات سلاح العنيد بوتين، الذي فضل لعب دور في الشرق الأوسط على تعويض تغييب بلاده على رقعة شطرنج الشرق الأوسط.

في الواقع، لا تريد السعودية أن تمضي بعيدا في المواجهة مع روسيا، ولا يريد الطرفان خلق أجواء تنبش الماضي الأليم، ذلك أن ذكريات هزيمة الجيش الأحمر في أفغانستان مازالت جرحا يؤلم الروس رغم ذوبان الاتحاد السوفييتي.

وليس سرا أن السعودية كانت العقل التنفيذي لمقبرة الروس في أفغانستان. وكذلك الأمر بالنسبة لروسيا؛ فهي لا تريد أن تؤجج المواجهة مع السعودية، لذا تعتمد سياسة "افعل ولا تتحدث".. كما أن السعودية تنظر بعين الاعتبار سكوت روسيا عن الحرب اليمنية، وهذا ما يجعل حركة السعودية ضد الموقف الروسي مقيدة، وتكتفي بحركة صامتة ضد التدخل الروسي في سوريا.

عبدالله رجا - زمان الوصل
(198)    هل أعجبتك المقالة (119)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي