أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عندما قلنا لأنقرة*

سفينة حربية روسية تعبر مضيق "الدرنديل" التركي - الأناضول

قبل شهرين فقط قلنا لأنقرة، إن مصلحتها تكمن في إنهاء المأساة السورية، ومساعدة الثوار في التخلص من بشار الأسد. مما سيسهم بإعادة مليوني لاجئ إلى ديارهم، ويخفف النتائج الاقتصادية والاجتماعية والأمنية الناجمة عن وجودهم في تركيا.

كان حزب العدالة والتنمية، ولا يزال، متعاطفاً مع الشعب السوري بشدة، بيد أن تعاطفه هذا انحصر في الجانب الإنساني وإن كان قد تعداه قليلاً إلى الجانب السياسي دون أثر واضح. بقي الدعم العسكري التركي للثوار على المحك، وتحولت المنطقة العازلة إلى مجرد ظاهرة صوتية، وفشلت تركيا بتفعيل المادتين الرابعة والخامسة من ميثاق حلف الأطلسي لتدافع عن نفسها، وانتهى الأمر بأن يعجز طيارو تركيا عن إسقاط مقاتلات روسية عربدت في مجالها الجوي في وضح النهار.

لسنا ضد الموقف التركي بالمجمل، ولا نستطيع أن ننكر لآردوغان وحكومته ومعظم شعبه مواقفهم النبيلة، ولقد سعينا مع كثير من المثقفين الأتراك لثني حزب العدالة والتنمية عن الانجرار لما يسمى الحرب على الإرهاب.

تعلم المخابرات التركية أن خير مهلك لحزب العمال هو تنظيم الدولة، ولهذا انصرفت على الدوام عن الاشتراك في مثل هذه الحرب، إلا أن الولايات المتحدة مارست مع حلفائها أشد الضغوط على أنقرة لتقبل الأخيرة بذلك.

 في المرحلة الأولى قامت واشنطن باستخدام قاعدة إنجيرلك لقتل الأبرياء في سورية، ثم ما لبت المخابرات الأمريكية بتحريك الهاجس الأمني من خلال تفجيرات متعمَّدة في تركيا تشبه إلى حد بعيد قصة ياسين صالحي في فرنسا وهجوم سوسة في تونس.

قبل شهرين نشرت مقالاً في هذه الصحيفة، بعنوان: هل أخطأت تركيا في الحرب على تنظيم الدولة،  حذرت فيه من ارتداد المعركة على تركيا نفسها، وحذرت خاصة من فكرة الحرب العقائدية التي تجعل ضربات التنظيم مركزة وحادة.

بالطبع لا أجزم بأن تنظيم الدولة هو الذي قام بتفجيرات أنقرة الأخيرة، ولكنني أؤكد أن هذه التفجيرات جاءت بسبب اشتراك تركيا "الأحمق" في الحرب على الإرهاب.

قد يكون تنظيم الدولة هو الذي فعل، وعلى الأغلب فإن المخابرات الأمريكية هي التي فعلت ذلك، للتغطية على جرائمها في مساعدة حزب العمال الكردستاني في الشمال.

يعلم المتابعون أن الولايات المتحدة أرسلت أسلحة ومعدات عسكرية هامة إلى حزب العمال للهجوم على تنظيم الدولة في الرقة، ونجحت للأسف، بتشكيل صحوات عشائرية منضوية تحت قيادة وحدات حماية الشعب الكردي، ونعلم جميعاً أن الأسد وروسيا يعتمدان بالدرجة الأولى على هذا الحزب ووحدات الحماية لاحتلال الرقة.

توضحت المسألة للجانب التركي، فقد بدأت أنقرة الحرب على تنظيم الدولة على أمل أن تتلقى دعماً دولياً في قتال حزب العمال، إلا أن "المجتمع المتحضر"، خان عهوده كالمعتاد فتركها متورطة في حرب التنظيم من جهة، ولم يوقف دعمه لحزب العمال من جهة أخرى.

بدأت بعض الصحف التركية تلمح إلى امتعاضها من الخديعة، وتتساءل عن مصلحة بلادها في أن يتلقى حزب العمال دعما من أمريكا وروسيا وإيران وبشار الأسد، في الوقت الذي تقبل هي فيه دخول التحالف الدولي للحرب على الإرهاب، وإضعاف التنظيم الذي كان يقاتل حزب العمال بالنيابة عنها.

شعرت واشنطن بالخوف من خروج تركيا من حلفها، فأمرت بعمل إرهابي ضخم يعيد أردوغان إلى الحظيرة، فهو وإن تأكد من براءة التنظيم، لن يجرؤ على ذكر ذلك، فالذي فعل التفجير قادر على تكراره، وهو تهديد علني بقلب الطاولة في تركيا، ولم تترك الحادثة لحزب العدالة إلا الخوف من تنفيذ ضربات أخرى في أماكن مختلفة من البلاد.

قد يعتقد أردوغان اليوم أن مصلحته تكمن بنسب التفجير إلى تنظيم الدولة، وأن يتعود على شرب اللبن والنوم باكراً كإخوانه العرب، ولكن إن فعل فقد وقع في خطأ استراتيجي جديد، إذ لا حل أمام بلاده إلا العمل على إسقاط الأسد بكل الطرق المتاحة.

*د. عوض سليمان - من كتاب "زمان الوصل"
(181)    هل أعجبتك المقالة (168)

محمد علي

2015-10-16

د.عوض ، اشكرك على مقالك ، تطالب انقرة باسقاط نظام الطاغية و المنطقة العازله و الدعم العسكري و ترك داعش لتحارب الاكراد و تحقيق الطلبات مجتمعه او واحد على اضعف الايمان ؟ و تخرج بنتيجه ان تركيا فشلت في سياساتها بالتعامل مع احتلال سوريا و الضغط لوقف الدعم عن المحتليين الجدد الاكراد . بالرجوع الى الوراء اربع سنوات لتصريحات طاغية دمشق و وزير خارجيته هي الادق تفصيلا و تنبئ بما سيحدث و كان تنباتهم و حديثهم عن ظهور الاسلام المتطرف و ادخال المنطقه في حروب و صراعات اقليميه و دوليه بل عن حرب عالميه ،،، و صحت تنبائتهم طبعا بالنيابة عن ايران الصفوية التي كانت رؤيتها من اللحظة الاولى هي ادخال المنطقه بصراعات و ادارتها عن بعد و هذا ما يحدث الان. تركيا اضعف من نحن نتصور او نرغب اخذين بعين الاعتبار اوراق الضغط من جميع الاتجاهات الجغرافيه و السياسه من الارمن الى اليونان مرورا بالاكراد ثم هاجز الاتحاد الكردي العلوي و تقسيم و تقطيع تركيا و سوريا معا. الفرس الصفيون اذكى و ادهى من نحن العرب نتخيل..


نضال

2015-10-16

الذكاء الخارق وهل تعتقد الى هذا الحد اننا اغبياء ان اردوغان تلاعب على الغرب وذلك بتقديم نفسه على انه يمثل الاسلام المعتل فتخلص من العسكر في تركيا واصبح الساحى فارغا له فبدا بالوطن العربي من مصر وتنس ليبيا وسوريا ولاعلان نفسه سلطانا لكن مصر وكوبانة كشف قناعه القذرالذي كان يقوم بضخ كل مجرمين العالم الى سوريا ودعمهم بالسلاح وكل ما يطلبون اي امريكا.


أبو إسحاق

2015-10-16

كلما وثق أردوغان بالأمريكان وقع على خطأ شديد شديد. و هذا واضح جدا من اليوم الأول للثورة السورية المباركة. يوافق الرجل على أن يعمل تقريبا كل ما يطلب البيت الأبيض. و إذا لم يعمل شيئا واحدا فقط أصبح في بلده تفجير إرهابي شديد. لعله يرفع رأسه و يرفع المسلمون رؤسهم معه..


اسماعيل كيالي

2015-10-16

د. عوض السليمان ، لاشكَّ أن عرضك ومقاربتك للموقف التركي جاء واضحا ومتوازنا ، إلاَّ أن تصورك بأن الحكومة التركية كان عليها أن لاتعلن وقوفها ضد تنظيم الدولة وتتركه يتصدى لحزب العمال الكردستاني على إعتبار أنه يكن له عداءا قويا ، وأنه القادر على سحقه ، إنما يعني هذا بالنسبة للحكومة التركية أن تدعم الإتهامات التي لم تتوقف من قبل أعدائها المحليين والإقليميين والدول الغربية الحليفة والولايات المتحدة بالذات ، والتي كانت كلها توجه تلك الإتهامات للحكومة التركية بأنها تدعم الدولة وتسمح للمقاتلين الجهاديين القادمين من الخارج للإلتحاق بصفوفها. وأنت لاتراعي نقطة هامة أخرى أن تنظيم الدولة هو نظام متطرف لايؤمن جانبه ولا مهادنته لأنه مستعد للقيام بأي عمل يلحق ضررا كبيرا ، وقد ألحق حتى الآن أضرارا قاتلة بالثورة السورية ، قدم خدمات جلَّى للنظام ، وللحلف الشيطاني العالمي المعادي للثورة السورية ..


سوريةحرة

2015-10-16

الحقيقة الحكومة التركية في موقف لا تحسد عليه و أي كان منفذ التفجيرات فهدفه قلقة الوضع في تركيا و إرباك الحكومة ...و عندي شك قوي و كبير بأن بشار الأسد له يد في هذه الجريمة. على كل الله يحمي تركيا فهي آخر أمل للمسلمين..


د أمين تفات

2015-10-16

الحديث عن داعش أو كما يسميه الدكتور عوض تنظيم الدولة يسبب حساسية عند كثير من الإخوة العراقيين السوريين بالذات، وهذا بالطبع مفهوم. إلا أنني ألحظ أن الحديث بحيادية عن التنظيم ومن بعيد يؤدي عند السادة المعلقين إلى حساسية أكثر، وأ لحظ أن النفوس ترتاح أكثر واكثر عند شتم داعش ولو كان ذلك في مادة تحليلة لا تجيز إلا الكلام الذي يوافق عليه بروتوكول الإعلام. أوافق بالعموم على ما في مادة أستاذنا الكبير الدكتور عوض السليمان، وأوافق في الوقت نفسه على تعليقات الإخوة، وأريد أن أضيف شيئاً هاماً كوني باحث في قضايا السياسة التركية، وهو ان حزب العدالة والتنيمة في اجتماعه الأخير قال ما قالته هذه المادة واعترف أنه أخطأ وأنه كان عليه فقط أن يعتبر التنظيم إرهابياً دون قتاله، لأنه قدم دعماً شديداً لحزب ال ب ب ك عندما حاربت تركيا التنظيم، ووجد نفسه في صف واحد مع الحزب، واعترف الحزب أن مقتل 400 من حزب العمال غير صحيح وكانت مجرد دعاية موجهة للداخل، واعترض كثير من أعضاء العدالة والتنمية على سكوت تركيا عن الدعم الأمريكي المباشر خاصة بعد حصول الجانب التركي على رسائل مشفرة تم تحليلها تؤكد دعم البيت الابيض لحزب العمال وللأكراد الانفصاليين بالعموم في كل من سوريا وتركيا والعراق. بعض الأعضاء اعترض على عبور السفن الروسية للدرنديل، حتى مع عدم الاحترام للجانب التركي. بعض الصحف التركية التابعة لحزب العدالة بدأت بالفعل بالتعليق على موقف الحزب غير الموفق، وسيره في الطريق الخطأ. أخيراً تحية للشعب السوري العظيم الصابر على كل هذا البلاء، وتحية خاصة لأستاذنا الدكتور عوض ولمتابعيه الذين يغنون المواد بتعليقاتهم ومشاركتهم. أخوكم الدكتور أمين تفات.


محمد الزعبي

2015-10-16

د عوض رجعت إلى مقالك السابق هل اخطأت تركيا في الحرب على تنظيم الدولة ووجدته أشد دقة من هذا المقال وبكثير جداً جداً، تعرف لماذا لأنك قلت في ذلك المقال جملة للتاريخ، كل الدول الفاعلة في المنطقة موغلة في الدم السوري، ووالله هذا هو الصحيح، والذي يتكلم اليوم عن الحسابات السيباية بعد تهجير سورية كلها لا يفهم شيئاً، ولا يفهم معنى الكرامة والموت في سبيل الله، ويدعي أرودغان المريض أنه يدافع عن الاسلام تماماً كما يدعي حكامنا في معظمهم نسوا ا،أن لله وعد بالنصر حتى للسمتضعفين وهم يحسبون ويوقلون العالم وأمريكا وماذا نفعل، يخافون أمريا ولا يخافون الله..


بشير الزعبي

2015-10-16

سؤال لكاتب المقال وللمعلقين ولزمان الوصل وللعالم كله، هل تعرفون أن إسرائيل احتلت فلسطين منذ سبعين سنة، وأن حافظ احتل سورية منذ خمسين وأن إيران احتلت الأحواز والجزر الإماراتية منذ 120 والسؤال لماذا تحاربون تنظيم الدولة.


ريما

2015-10-17

دكتور سليمان تركيا قبل اللحظة الأولى هي شريك واضح فييم يدور في سورية ومن اللحظة الأولوى سمحت وسهلت وإهانة على دخول كل متطرفين العالم إلى سورية على أمل إقامة الخلافة العثمانية الجديدة بزعامة أردوغان وان التفجير الأخير في أنقرة قامت به المخابرات التركية للضغط على الشعب التركي للتصويت لصالحه في الانتخابات القادمةوارسال رسالة واضحة إلى الشعب التركي كما رسالة بشار في بداية الثورة السورية أما أنا أو الإرهاب كما يدعي.


أبو إسحاق

2015-10-19

للسيدة ريما، عندي كلمة واحدة : أنت أبقرية ما شاء الله ! ما قرأت تعليقا ذكيا مثل هذا في حياتي..


التعليقات (10)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي