لم تشفع الخطابات التي قدمتها حكومة دبي إلى السفارة البريطانية، وراسلت فيها كبار أطباء الأطفال في بريطانيا لاستقبال حالة الطفل سمير خربوطلي وعلاجه على نفقة حكومة الإمارات، وتذرعت الحكومة البريطانية بعدة حجج بما يتعلق في قضية الطفل وجنسيته.
يعاني الطفل سمير خربوطلي من كفر تخاريم في مدينة إدلب منذ ولادته من مرض نادر عجز عنه الأطباء، ورغم صغر عمر الرضيع إلا أن العمليات التي أجراها والتي بلغت ثمانية عمليات كانت أكبر من طاقة جسده على التحمل، حتى وقف الأطباء في أبوظبي عاجزين عن متابعة حالته الصحية، وأعلنوا أن لا علاج للطفل في الإمارات، والعلاج الوحيد له في مشفى "كريت أورمند ستريت" للأطفال في بريطانيا.
يروي والد الطفل محمد خربوطلي تفاصيل ما حدث مع ابنه حديث خاص لـ "القدس العربي" ويقول "وُلد طفلي سمير بلا أي عيب خلقي لكننا بدأنا نلاحظ بعد يومين تدهور حالته الصحية، وتم نقله إلى المشفى لتأمين الرعاية الطبية الخاصة له، وحال وصوله تم إجراء اختبارات طبية للطفل ولم يتمكن الأطباء من تشخيص المرض بالاسم، ورغم إشراف أكثر من 30 طبيب لاحقا على حالته، وفتح بطنه أربع مرات لأخذ خزعات من دون وجود أي شيء مشبوه، إلا أنهم أعلنوا أن هذه الحالة هي الأولى التي تمر عليهم، وانتهوا إلى تسمية ما حدث معه بانسداد الأمعاء الكاذب، حيث باتت أمعاء الطفل خارج جسده، وبات يعيش على التغذية الوريدية منذ الولادة ولم يشرب الحليب أبدا، وما يزيد في مأساته أنه يتقيأ كل يوم مياها خضراء وهي عبارة عن عصارات هضمية".
ووجد الأطباء أن الطفل يعاني مما يسمى شبه إعاقة في الجهاز الهضمي، حيث لا يوجد امتصاص وحركة داخله، ويضيف محمد وهو والد الطفل: في كل مرة نعرضه على طبيب يقول أنه في كل سنوات خبرته التي تعدت لدى بعضهم الثلاثين سنة لم تمر عليهم مثل هذه الحالة.
ويتلقى الطفل حاليا علاجه في مشفى الشيخ خليفة في أبوظبي، وقد أجرى ثمانية عمليات جراحية، أربع عمليات سنترال للتغذية الوريدية، وأربع عمليات أخرى كانت من أجل فتح بطنه، وأخرجوا حينها الزائدة الدودية، وقاموا بعمل فتحة للأمعاء للخارج، وأخذوا منها عينات للفحص، حتى أنهم تكلفوا حتى الآن على الطفل ما يزيد عن 200 ألف دولار كلها مقدمة من حكومة الإمارات لصالح علاج الطفل.
ويتابع: راسلنا بالتعاون مع الحكومة الإماراتية أكبر مشافي العالم، ووجدنا أن علاج حالته بشكل أفضل وأسرع سيكون بمشفى "كريت أورمند ستريت" تحت إشراف الطبيب الهندي البريطاني نخيل ثابار وبعد مراسلات استمرت ما يزيد عن أربعة أشهر، وموافقة المشفى استقبال حالة الطفل وتجهيز الأطباء فيها غرفة الرعاية الخاصة بالطفل، وكنا على يقين بأن التأشيرة حتما ستمنح لنا، كانت المفاجأة برفض السفارة البريطانية استقبال حالة الطفل، وجاء الرد: "نحن نرفض استقبال والدك ووالدتك وبالتالي لن تستطيع أن تأتي وحدك للعلاج، كما أنكم سوريون وبلدكم تهجر منها أربعة ملايين سوري، و"تنظيم الدولة" والثوار مسيطرون على مساحات واسعة، وإقاماتكم ستكون محدودة في الإمارات، ونحن متأكدون من أنكم لن تعودوا للإمارات مجددا وستقدمون اللجوء في بريطانيا".
ويضيف محمد "رغم أن الحكومة الإماراتية كانت قد تكفلت بكافة تكاليف العملية حتى وإن تعدت 300 ألف يورو، وتمت المراسلات مع الحكومة البريطانية من خلال السفارة الإماراتية في بريطانيا بعد تلقيها خطابا موجها من قبل هيئة الصحة في دبي بتفويض من الحكومة الإماراتية، إلا أن الرفض القاطع والذي اعتبر بمثابة استهزاء بحالة الطفل الذي بات يصارع الموت والحياة قضى على حلمنا بشفاء عاجل لطفلنا".
وبالرغم من قيام محمد بعدها بمراسلة وزير خارجية بريطانيا بخطاب مزوَّد بكافة التقارير الطبية الموثقة وتلقيه ردا منه بأنه سيتم النظر في قضيته بأقرب وقت، إلا أنه حتى الآن لم يتلق أي رد، ويضيف: "لم يعد الأمر يقتصر على الرفض بل بات يتعدى على السخرية والحقد أحيانا فقط، بسبب كون جنسيتنا سورية"، بحسب محمد.
وبعد يأس محمد من حصوله على تأشيرة دخول لبريطانيا بات يتجه للحصول على تأشيرة إلى ألمانيا بعد مراسلات متعددة مع عدة مشافٍ هناك، حتى وإن لم ترتق للمشفى الخاص بهذا المرض في بريطانيا، لكنها كما يزعم تبقى أفضل حلا من الإمارات التي عجزت عن إيجاد أي حل للطفل.
تزداد بريطانيا تعنتا في استقبال المزيد من الحالات الإنسانية، ورغم صدور قرارها الأخير باستقبال 20 ألف لاجئ سوري إلا أنه حتى الآن، وبحسب ناشطين هناك لم يصل إليها إلا 30 شخصا، لتبقى بذلك الحلم الأصعب للكثيرين حتى إن كانت حالة إنسانية نادرة كحالة الطفل سمير.
عن "القدس العربي" - مختارات من الصحف
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية