أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إيران في شعاب مكة.. من "منى" إلى "برنار لويس"

تعمدت طهران تسييس حادثة التدافع في "منى" - وكالات

أثار مقتل واختفاء إيرانيين بينهم مسؤولون كبار عاصفة من الجدل بعد حادثة التدافع في "منى" بمكة المكرمة، حيث تعمدت طهران تسييس الحادثة من خلال تصريحات الرئيس حسن روحاني من على منبر اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك محملاً الرياض مسؤولية الحادثة.

وطالب روحاني بضرورة البحث عن أسباب كارثة منى والأحداث المماثلة التي وقعت في مناسك الحج هذا العام.

وتأتي تصريحات الرئيس الإيراني ضمن حملة منسقة لمسؤولين بينهم وزير خارجيته محمد جواد ظريف الذي كشف عن طلب الإيرانيين عقد اجتماع لمنظمة المؤتمر الإسلامي لبحث المسألة.

*تدويل الحج
وفي مقال عنيف له دعا رئيس تحرير وكالة مهر للأنباء حسن هاني زادة إلى "استئصال السعودية من جسد الأمة الإسلامية" وإلى "تدويل مناسك الحج ووضع إدارة الكعبة المشرفة في مكة والمسجد النبوي الشريف في المدينة تحت إشراف هيئة منتخبة تابعة لمنظمة التعاون الإسلامي والدول التي لها خبرة في إدارة الأماكن المقدسة". 

الشق السياسي وخاصة ما يتعلق بالدعوة لوضع مكة المكرمة والمدينة المنورة تحت إشراف دولي يبدو متناغماً مع طرح قديم ضمن ما يسمى خارطة "الشرق الأوسط الجديد" التي تتحدث عن خطة تقسيم السعودية وباقي دول المنطقة.

وإذا كانت إيران مساهماً رئيساً في تقسيم سوريا اليوم وفق خارطة "برنار لويس" لإعادة رسم خطوط سايكس ـ بيكو، فهي أيضا تقوم بذات الدور في اليمن وفي شبه الجزيرة العربية بالمجمل، وليس من باب تحميل إيران مسؤولية المؤامرة بل من باب معرفة دورها بما يجري على الأرض فإن ما يحصل في المنطقة تبدو طهران جزءاً أساسياً من أسبابه ودوافعه، بدءاً بالحرب العراقية الإيرانية 1980 وصولاً إلى المحاصصة الطائفية في العراق ثم رسم خطوط إعادة تموضع ديموغرافي على أساس طائفي في سوريا، وليس واضحاً كيف سينتهي المشهد، إلا أن هناك عملية رسم خرائط على الأرض بشكل واضح، وكل مساهمة في رسم تلك الخرائط هي عملياً انخراط في مشروع كبير وقديم ولا يتناسب إلا مع نظرية الدولة الدينية، وأي تحليل بسيط سيخرج بنتيجة مفادها أن فكرة الدولة الدينية لم تمتلك نواة حقيقة سوى في إسرائيل وإيران.

*ارتفاع عدد قتلى إيران
بالعودة إلى حادثة التدافع فإن منظمة الحج والزيارة الإيرانية تحدثت عن ارتفاع حصيلة الضحايا الإيرانيين إلى 228 قتيلاً و248 مفقوداً، في الوقت الذي يحاول فيه مسؤولون في طهران استغلال الحادثة وإرسال إشارات بأن عدد الضحايا أكبر من العدد المعلن رسمياً. ويذكر أن حصة إيران هذا العام بلغت نحو 62 ألف حاج حسب الاتفاق الموقع بين الجهات المختصة في الرياض وطهران. 

وتحدث مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية أمير حسين عبد اللهيان عن دفن 700 من الضحايا الأفارقة مؤكدا رفض بلاده دفن ضحاياها في السعودية الأمر الذي لم يثبت أن السلطات السعودية طلبته من إيران بالفعل.

ما يتم تداوله عن أن حادثة التدافع مفتعلة يبقى في إطار حالة الاحتقان المتبادل في الرياض وطهران على خلفية ملفات أخرى، الأمر الذي يدفع بناشطين من البلدين لتبادل اتهامات في هذا المنحى، إلا أن التحقيقات التي قامت بها السلطات السعودية والتي يتم استكمالها تشير إلى أن الحادث وقع بسبب تعارض حركة الحجاج في الشارع 204 مع حركة الحجاج في الشارع 223 بمشعر "منى" ما تسبب في التزاحم والتدافع وسقوط العديد منهم صباح يوم الخميس 24 سبتمبر الجاري.

وتشير المعلومات الأولية إلى عدم التزام الحجيج الإيراني بخطة التطويف الموضوعة لهم من قبل السلطات المختصة، وإصرارهم على التوجه مباشرة من مشعر "مزدلفة" إلى "جسر الجمرات" دون التوقف في مخيماتهم والتزام دورهم برمي الجمرات.

*لغز ركن أبادي
الإعلام الممول من طهران قدّم معلومات عن اختفاء عدد من الشخصيات الإيرانية بعد الحادثة بينهم مسؤول قسم الدراسات الإستراتيجية في الحرس الثوري الإيراني الدكتور علي أصغر فولادغر، والمسؤول في وزارة الخارجية الإيرانية أحمد فهيم، والسفير الإيراني السابق في بيروت غضنفر ركن أبادي. 

ليس غريباً أن يتواجد هؤلاء ضمن بعثة الحج الإيرانية فهم مسلمون بطبيعة الحال ولا تملك السعودية حقّ منعهم، إلا أن الغريب أن تتوارد أنباء عن مصادر سعودية تنفي دخول السفير ركن أبادي باسمه المعروف، ثم أن تتناقل مصادر إيرانية بينها أقارب أبادي بأنه بخير وأن إصابته طفيفة، ثم يعود الإيرانيون للحديث عن اختفائه ونشر وثائق تشير إلى أنه دخل الأراضي السعودية بشكل نظامي وتحت اسمه الصريح مبرزة صوراً عن وثيقة سفره مع أختام الدخول، أي أن الرجل ليس مختفياً وإلا فإن وصول وثائقه إلى الإعلام الإيراني يصبح أمراً مشكوكاً فيه، علماً أن الوثائق بطبيعة الحال قد لا تكون صحيحة وليس هناك ما يثبت الربط بين صورة الجواز وختم سلطات مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي في المدينة المنورة بتاريخ 15 ذو القعدة 1436 هجرية. 

*شغب إيراني على الجريح السعودي
الشغب السياسي الإيراني على خلفية تدافع "منى" يوازي عملياً شغبها في اليمن وسوريا ولبنان والبحرين والعراق، لكن سجلها في أحداث سابقة لا يشير إلى رغبة حقيقية كما تدعى بالعناية بحياة الحجيج، فقد سبق وأن أرسلت المتفجرات أكثر من مرة إلى مكة المكرمة، كما أنها شكلت خلايا ضمن حجاجها مارسوا الحرق وخرجوا عن أهداف الحج بالتظاهر وكتابة العبارات الطائفية المستفزة على جدران الأنفاق والأبنية، من هنا يمكن فهم الخلفية السياسية لذلك التصعيد.

أما بالنسبة للسعودية فهي تبدو كالجريح في هذه المناسبة خاصة وأنها تبذل ما في وسعها لتأمين أحدث التقنيات لضمان حج آمن ومريح، كما أنها لا ترغب بجدل محوره مهمة حساسة، وهي بالتالي مضطرة لسحب فتائل التأزيم والسير في التحقيق بالحادثة، لكنها ستكون كل عام على موعدٍ مع هذا التحدي وهو المسؤولية التي لا خيار فيها ولا تنازل.

علي عيد - زمان الوصل
(98)    هل أعجبتك المقالة (106)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي