أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل أخطأت تركيا في الحرب على تنظيم الدولة*

قوات تركية على الحدود السورية - وكالات

أجزم أن الدول الفاعلة جميعها، موغلة في الدم السوري، وأن "العالم المتمدن" وأذياله في المنطقة اتخذوا من سورية مجرد "حالة" يجربون عليها، ويتفننون في أساليبهم الخبيثة بالتعامل معها، ويختبرون سلاحهم وسياساتهم أيضاً من خلالها، ويدرسون قوة تأثيرهم وتأثرهم، فيتجاذبون ويتدافعون، وكل ذلك على حساب سورية الأرض والإنسان.

تركيا من أكثر البلاد التي تضررت بوجود بشار كمغتصب للحكم في سورية، ويكفي أن نتذكر أن لديها أكثر من مليون لاجئ، بالإضافة لتزايد النشاط العنيف لحزب العمال الكردستاني، مع ملاحظة أن الأسد هو من يدعم الحزب وليس الشعب السوري، ولا تنظيم الدولة الإسلامية بالطبع.

ظهر الموقف التركي مهزوزا منذ بداية الثورة السورية حيث اعتمد على ظاهرة صوتية انخفضت عندما قامت قوات الأسد في العام 2012 بقصف الأراضي التركية والقيام بعمليات مخابراتية داخل البلاد، ولم تستطع أنقرة إقناع حلف الناتو بالوقوف معها من خلال تفعيل المادتين الرابعة والخامسة من ميثاقه، وقد صمتت الحكومة على إهمال الحلف لطلبها ولم تفعل شيئاً.

لم يوقف أردوغان حديثه عن المنطقة العازلة وإسقاط الأسد، إلا أنه لم يفعل شيئاً مقنعاً حتى الآن، وهاهو اليوم يخضع للضغوط الدولية في محاربة تنظيم الدولة، وتسليم جزء من بلاده لأمريكا متمثلاً في السماح لواشنطن باستخدام قاعدة إنجيرليك الجوية لحماية بشار الأسد وقصف المدن السورية، وهذا ما حدث بالفعل، فقد قامت طائرة أمريكية أمس بالعربدة في قتل الأبرياء السوريين منطلقة من القاعدة المذكورة.

أيغيب عن بال أردوغان، أن عدوه هو حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب الكردي المدعومة من الأسد، وبالتالي فإن عدوه الحقيقي هو بشار، وبدلاً من أن تقوم الطائرات التركية بقصف قوات الأسد والعمل على التخلص منه، تذهب أنقرة لقتال تنظيم الدولة استجابة لواشنطن التي أعلنت صراحة عن تمسكها "بالرئيس السوري".

لا أتردد في القول أن العمليات التركية ضد تنظيم الدولة تفتقر إلى التفكير العميق، وهي تشبه إلى حد بعيد أفكار محللي الفيسبوك. لقد كان على حكومة العدالة والتنمية من الناحية الإستراتيجية، أن تبارك هجوم تنظيم الدولة على عين العرب وعلى مواقع حزب العمال بالعموم، ولن يكون هناك أشد من بأس مقاتلي تنظيم الدولة في القضاء على هذا الحزب.

إذا كانت أنقرة جادّة في عملها للقضاء على حزب العمال،و من وجهة نظر تركية عميقة، فإنني أجزم أنه كان عليها أن توفر دعماً لتنظيم الدولة، لا أن تقاتله وتستجلب عداوته. أضف إلى ذلك أن العلميات التي تشنها تركيا ضد التنظيم لا تلقى تأييدا شعبياً واسعاً في البلاد، بل هي محل خلاف شديد، ولا شك أن المواطن التركي يسأل عن جدوى قصف التنظيم لا قصف الشبيحة، ويسأل عن أولويات الحرب على الإرهاب التي يرى الأعمى أنها تبدأ بالحرب على الأسد.

يزداد موقف العدالة والتنمية صعوبة، بعد أن أعلن الجنرال راي أوديرنو، رئيس هيئة الأركان في الجيش الأميركي، أن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية يحتاج إلى مدة قد تصل إلى عشرين عاما، كذلك في ظل تهجير وحدات حماية الشعب الكردي للعرب السنة باتجاه تركيا، وفي ظل الدعم الغربي اللامحدود لحزب العمال بحجة محاربة الإرهاب. أضف إلى ذك كله، معرفة أنقرة بأن تنظيم الدولة ماض في طريقه للانتقام من تركيا، وأن القضاء عليه يشبه قبض الريح.  

لا تزال الفرصة سانحة أمام أردوغان، وذلك بأن يوجه أسلحته للأسد لا إلى أحد آخر، وأن يخرج من المعسكر الأمريكي الذي يعمل على القضاء على الدول الإسلامية كلها بما فيها تركيا.

*من كتاب "زمان الوصل"
(158)    هل أعجبتك المقالة (161)

عبد اللطيف محمد

2015-08-07

اليوم تلصق تهمة الإرهاب بالدكتور عوض السليمان رسميا، له له له يا دكتور شو كان بدك بهشغلة.


أبو إسحاق

2015-08-07

" إذا كانت أنقرة جادّة في عملها للقضاء على حزب العمال،و من وجهة نظر تركية عميقة، فإنني أجزم أنه كان عليها أن توفر دعماً لتنظيم الدولة، لا أن تقاتله وتستجلب عداوته ". و زد على ذلك أن حزب العمال يتهم الحكومة بالدعم للتنظيم. أشد الخطر على ال "بي كا كا" حاليا هو تنظيم الدولة و هذا يعترفه المواطنون الأتراك منهم الإسلاميون و القوميون و حتى اليساريين..


اسماعيل كيالي

2015-08-07

القول بأنه كان على تركيا أن تساند الدولة بتركها توجه ضرباتها ل "بي كى كى " والقضاء عليها على إعتبار أنها الأقدر على ذلك بدل إستعدائها من خلال مواجهتها إياها ، إنما يعني هذا أنه كان عليها أن تلجأ الى الإنتحار من وجهة نظر واقعية ، ذلك لأن هذا يعني أن دول العالم كلها ستنظر الى تركيا كدولة مارقة ترعى الإرهاب العالمي المتمثَّل بداعش ، وهذا بدوره سيفتح نار جهنم على تركيا أمام محاولات تقسيمها وإنهائها كدولة ، والكل يعلم علم اليقين أن دول عديدة لاتريد إضعاف تركيا فحسب ، بل تتربص بها الدوائر وتتآمر عليها في السر والعلن لتحقيق هذا الهدف ..


أبو الشمقمق

2015-08-07

الأخ عوض : كنا نود أن نتبنى وجهة نظرك بشأن تنظيم الدولة الذي يشفي صدور السوريين من النظام الطائفي العلوي الحقير وووساخات الشيعة اللبنانية العراقية الايرانية ، لكن تنظيم الدولة لم يثبت أنه تنظيم يستحق الاحترام ويسعى إلى الحرية والعدالة وتقديم المساعدة للشعب السوري فضلاً عن العراقي ...إنهم يسيرون على العمى ويتبجحون بتطبيق شريعة السماء ويتجاهلون تطور التاريخ ...أنا لا أقف مواقف المناع وشيوعييه ولا أنضوي تحت مقولات اللبيرالية الفارغة وحعايير الغرب الكاذبة ، ولكن ممارسات التنظيم لاترضي المسلم الحقيقي ولايهمه تطلعات الشعب السوري في طرد النظام العلوي المحتل والصفويين والروس من أرضنا ....كنا نتمنى أن ينضموا إلينا أو ننضم إليهم في السير نحو النصر لكنهم أبوا واستكبروا .....


محمد علي

2015-08-08

د.عوض، لطالما اتحفتنا بكتاباتك و مواضيع مثيرة و مهمة ، لكن هذه المرة "نشازا ". نقاط مغالطة كثيرة في المقال منها و ليس على سبيل الحصر : اردوغان و حكومته حاولوا مرارا و تكرارا عمل تغير في الواقع السوري و لو كلفهم تدخل تركي احادى لفعلوها ، لكن لن يسمح لهم ، النقطة الثانية : توجيه ضربات ل بي كي كي حاصل الان لكن في العراق، ثالثا : خطوات لبعض المناطق الامنة ، و اخرا و ليس اخيرا : توجيه ضربات لداعش عدو الشعب السوري و الاسلام و الانسانية ايضا تضعف النظام كونه يلعب معه خلط الاوراق و تسليم مناطق يعجز النظام التركيز عليها و يعتبرها بايدي امينة يعوث بها فسادا..


tripone

2015-08-14

انا اجزم ان الدكتور فقط وبمعقوليه يصنف ويرتب اعداء الشعب السوري وتركيا وهم واحد حسب الخطوره: ١- الاسد والمشروع المجوسي الايراني ٢- الاكراد العلمانيين اليساريين ٣- داعش وهو لا يدعم داعش بل يريد لتركيا ان تساعد عدوها الاقل خطوره ان يضرب الاخطر PKK..


التعليقات (6)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي