أعجبتني فيدريكا بالحجاب *

شككنا مراراً بقصة "شارلي إيبدو" وتساءلنا، كيف تقوم السلطات الفرنسية بقتل المهاجمين بالرصاص ولا تسيطر عليهم بالغاز المنوم مثلاً ليتم التحقيق معهم وسماع أقوالهم، والتأكد من قيامهم بالهجوم على الصحيفة الفرنسية. كما توقفنا عند قصة "ياسين صالحي" المثيرة للسخرية وهجومه المزعوم على مصنع للغاز في جنوب فرنسا، وربط العملية بتنظيم الدولة الإسلامية. ولا ينسى متابعونا موقفنا من هجوم سوسة الذي وقع في تونس فانتقم الطيران البريطاني بقصف الرقة في سورية. ولعلنا نذكر كيف لعبت الولايات المتحدة والدول الأوروبية أقذر الأدوار في مساعدة بشار الأسد وتبرئته من كل جريمة، بينما ذهبت لتدعم حزب الله ومرتزقة إيران، وربطت القتل والإرهاب بثوار سورية.
الآن، وبعد زيارة السيدة فيدريكا موجريني، منسقة السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، إلى طهران وتصريحاتها "السعيدة" عن مواقف مشتركة مع الولي الفقيه في محاربة الإرهاب، والتأكيد على الدور الإيراني في المنطقة، تتوضح صورة الغرب المنافق بشكل أكثر جلاء من أي مرحلة سابقة.
علينا أن نفهم اليوم قصة "الأخوين كواشي" و"صالحي" وهجوم سوسة والاعتداءات الغربية الأمريكية على بلادنا بصورة متنورة وبعقل أكثر تحديداً لأهداف الأزمات التي افتعلها الغرب لتبرير الإبقاء على الأسد، وإخراج العلاقات مع إيران من تحت الطاولة، والتخلي عن الشعب السوري.
يشترك الغرب مع إيران في حربه على الإرهاب، وطهران تحارب إلى جانب بشار الأسد لقتل المسلمين السنة في سورية، ألا يعني ذلك أن أوروبا مهتمة بقتل السوريين مقابل الحفاظ على إيران الشيعية التي كانت على الدوام ذراع العدو في قتل المسلمين من عهد عمر رضي الله عنه إلى اليوم مروراً باصطفاف فارس إلى جانب هولاكو في تدمير بلاد المسلمين.
إذاً كيف يدعي الغرب وقوفه مع السوريين ورفضه لوجود بشار الأسد في السلطة، وهو يدعم إيران بكل قوة، ويشاركها الحرب على الإرهاب، ولا إرهاب إلا إرهاب طهران نفسها، كذلك حلفائها بشار والمالكي والخزعلي وأتباعهم.
السيدة فيدريكا تكلمت عن اتحاد أوروبي لا يمكن أن يفرط بإيران الجديدة التي ستكون مركزاً لاستثمارات بمليارات الدولارات، والتي ستمكن بعض دول الاتحاد من الخروج من أزماتها الاقتصادية، وتسمح لإيران أن تعيث فساداً في أي منطقة تريدها، ولا أستبعد أن يغض الغرب الطرف عن أعمال إرهابية قادمة في بعض دول الخليج العربي خاصة السعودية والبحرين.
لم تكد فيدريكا المحجبة أن تعود إلى بلادها حتى وصل فابيوس إلى طهران حاجّا من فرنسا، ليقول إن "بلاد العلمانية" تشاطر خامنئي حربه على الإرهاب، وإن هناك نقاطاً مشتركة بين البلدين خاصة في ظل نفوذ إيران ضد الإرهاب.
لم يكتف الحاج لوران بكل هذا، بل عبر عن رغبة بلاده في إرسال أكبر شركاتها للعمل في السوق الإيرانية، حاله كحال غالبية الدول الأوروبية التي أكدت أنها ستعمل في السوق الجديدة وتحارب الإرهاب يداً بيد مع الفقيه المعتدل.
نظرت إلى صور فيدريكا في الرياض، وطالعت صورها في طهران، تحجبت السيدة الشقراء عند الولي الفقيه ولم تتحجب في بلاد الحرمين. دفعني هذا إلى سؤال آخر، لماذا يذهب الغرب بكل هذا الاحترام إلى إيران حتى في ظل الحصار الاقتصادي المزعوم، بينما يرسل إلينا نجوم الخلاعة والعهر مرة باسم مساعدة اللاجئين، وأخرى لإنجاز الأفلام الإباحية تحت الأهرام وفي الجيزة. والأسوأ من كل ذلك كيف تقبل الرياض بالشعر الأشقر ولا تقبل به طهران.
بالنتيجة أعجبتني فيدريكا بالحجاب. ولعلنا نرى فابيوس بالعمامة قريباً .
*د. عوض سليمان - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية