فلتسقط الصحوات … التحية لعائلة الزعبي.. د. عوض السليمان*

كلما تأخر إسقاط بشار الأسد، ازدادت سورية في التوهان، وغرقت في الضياع، إنه الثمن الذي يدفعه الشعب السوري بسبب تغير نوايا الثوار، وتبدل أهدافهم.
يدفع السوريون اليوم ثمن وثوقهم بالولايات المتحدة وطلبهم مساعدتها وانضمامهم إلى غرف عملياتها التي تسعى جاهدة لتثبيت حكم الأسد. وندفع أيضاً ثمن الحرب البينية التي يقودها كل فريق من الثوار ضد الفريق الآخر. وبينما كان الأسد عدو سورية الأول بل عدو الإنسانية جمعاء، أصبح تنظيم الدولة هو العدو الأول، الذي يجب قتاله ولو بالتعاون مع الأسد، ثم أصبحت جبهة النصرة، هي العدو الأول لبعض أطرف الجيش الحر، وبالتالي أصبحت تلك الأطراف من الجيش الحر هي العدو الأول لتنظيم الدولة ولجيش الفتح وغيره، "وضاعت الطاسة".
الأسد هو الوحيد الذي لم يعد عدواً، فهو يشارك الجيش الحر في قتال الجهاديين، ويشارك الجهاديين في قتال الجيش الحر، وتشترك طائراته مع طائرات الأردن والإمارات والولايات المتحدة في تدمير المدن السورية، ويحتل الأسد مركز العدو المؤجل، و لربما العدو البعيد، ولربما "العدو الصديق"، حيث لم تفرغ التنظيمات الجهادية ولا تنظيمات الجيش الحر لقتاله بعد، إذ أن توجيه السلاح إلى صدور الإخوة أحق من توجيهه إلى بشار الذي انفجرت الثورة ضده لا ضد غيره.
لم تترك الولايات المتحدة ولا حلفاؤها، الأسد وإيران، طريقا إلا واتبعته لإيصال الشعب السوري إلى ما وصل إليه من بؤس وتهجير وتقتيل، ولم تكتف بعد، فهي اليوم في طريقها إلى إنشاء الصحوات.
الصحوات ليس لقتال تنظيم الدولة كما يظن كثير، بل هي لقتال تنظيم الدولة، ثم لقتال جبهة النصرة، ثم لقتال الجيش الحر، ثم لقتال المصلين والصائمين والمحجبات. وسيكون تشكليها أكبر خطر ممكن أن تتعرض له سورية.
تهدف الولايات المتحدة من خلال تشكيل الصحوات أيضاً، إلى تجزيء المجزأ، فهي لا تريد إنشاء دولة علوية وأخرى كردية وكفى، وإنما تريد أن تدمر المدن السنية من داخلها، بأن تضرب بعض السنة ببعض، فتقوم بعض العشائر بتشكيل الصحوات وبعضها يرفض ذلك فتضرب الأولى الأخرى، ويقوم أهل كل عشيرة انضموا إلى الصحوات بقتال أبناء عشيرتهم الذين رفضوا ذلك. وتقوم الولايات المتحدة بتوزيع الأموال والمناصب على كل أولئك الذين سيكونون عبيداً عندها لتحقيق تلك الغاية.
أريد أن أحيي في هذا المادة عائلة الزعبي التي أعلنت صراحة أنها لا تقبل أن تكون طرفاً في تشكيل الصحوات، وأنها تحارب هذا البغي، و لا ترضى أن تكون مطية للأسد ولا لأعوانه في توجيه السلاح إلى أبناء درعا أو أبناء سورية بالعموم. وإنني إذ أشد على أيدي أبناء هذه العائلة الكريمة، فإنني أطلب إليهم أن يقوموا "بتحركات" استباقية تفوت فرصة تشكيل الصحوات على إيران والأسد وواشنطن، من خلال التوجه إلى أبناء درعا، ومحاورتهم وتوضيح الخطر الذي تحمله هذه الخطة الخبيثة.
إنني أحث عائلة الزعبي ودون مواربة، على أن يتبرؤوا من أي شخص يحمل اسمها وينضم لمشروع تدمير بناء الأسرة والعشيرة والمجتمع في درعا وسورية كلها، وأرى ضرورة التحدث خاصة إلى قيادات الثوار في درعا والمقربين من الموك، فلعلهم يعلنون براءتهم من غرفة العلميات تلك التي تفسد على الثوار كل معركة يخوضونها، بينما تتعاون مع قوات الأسد بشكل وثيق.
وإنني إذ أطلب من عائلة الزعبي ذلك، فإنني أرجو أن تقوم العشائر السورية كلها باتخاذ الخطوات نفسها، والإسراع بالتعاون والعمل من أجل إسقاط بشار، لا من أجل تحقيق مشروع التقسيم في سورية.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية