ركزت نشرات الأخبار هذه الأيام على 3 مجموعات من البشر , بدا من أحاديث السياسيين أنهم يجسدون كل حالة حقوق الإنسان في العالم و هم الممرضات البلغاريات و معهم الطبيب الفلسطيني سابقا الذي حصل هو أيضا على الجنسية البلغارية إضافة إلى الرهائن لدى حركة طالبان و الأسرى الإسرائيليين لدى حزب الله الذين تدخل ساركوزي شخصيا في محاولة لإطلاق سراحهم أو حتى مجرد التأكد من بقائهم على قيد الحياة..الغريب في الموضوع أن أحدا لم يتحدث عن عدالة محاكمة الممرضات البلغاريات أو الحكم عليهن و هل كن مذنبات أم لا و لا نعرف شيئا وسط هذا الهرج و المرج خاصة عن الأطفال الليبيين الذين قضوا بالإيدز , بدا هذا ثانويا للغاية تفصيلا غير ذي أهمية في مقابل إطلاق سراح مواطنين "بلغار" ( لأن الطبيب الفلسطيني هنا يحضر بصفته أولا شريكا لهم ثم كمضاف إليهم و ليس بوضعيته كفلسطيني ) و كأن أي حكم مهما كان ضد مواطنين أوروبيين ( و إن كانوا بلغارا فقط ) فهو غير صحيح أو لا حاجة لمناقشة عدالته أصلا..هناك بشر آخرون يحضرون أيضا في نشرات الأخبار و لكن بطريقة أخرى , نعرفهم ضمن أرقام القتلى الذي يسقطون تحت مسميات مثل "المسلحين" أو أحيانا فقط "المشتبه بهم" أو "الجثث مجهولة الأسماء" أو معتقلي غوانتانامو أو السجون السرية..ليس لهؤلاء "المشتبه بهم" مكان على هذه الأرض و هم يشكلون المقابل النقيض للوضعية الإنسانية الأولى فإذا كان الأوائل "أبرياء" مهما فعلوا فهؤلاء "مذنبين" بدون محاكمة "غير ضرورية" دون حاجة لأكثر من وصفهم "بمسلحين" أو حتى "مشتبه بهم" فقط فهذا الوصف هو قرار الإدانة غير القابل للطعن بحقهم..و بين هؤلاء و هؤلاء توجد الأغلبية الساحقة من سكان الأرض الذين لا يعرفهم أحد و لا يسمع بهم أحد بشر بلا طعم و لا لون و لا رائحة بشر مجهولين تماما في غياهب و مجاهل الحياة العادية الرتيبة الكدح اليومي من أجل القوت..هناك نوع آخر من البشر و هو يقرر وضعية بقية المليارات الستة على هذه الأرض و هو يحتل الصدارة دوما في نشرات الأخبار يحدد عدد القتلى من الصنف الثاني و حالة الصنف الثالث و شروط الانضمام إلى الصنف الأول..هذه هي القصة باختصار , هذه هي قصتنا..
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية