إطلاق يد إيران والأسد يهنئ.. طريق القدس عبر مكة والشام

بعد أن كان طريق القدس يمر من كربلاء مُناراً بدم الحسين، أصبح في عهد الخميني يمر بمكة المكرمة، ثم أكدّ "رضا بناهيان" أنه يمرّ بمكة والمدينة معاً، وأكمل حسن نصر الله " إن طريق القدس يعرج على القلمون والزبداني أيضاً. وهكذا فلإيران الحق باحتلال العراق والسعودية وسورية تكريماً لطريق فلسطين.
تبدو هذه التصريحات شديدةَ الهزلية، من منظورنا نحن النّوّم، غير أن إيران تبذل الجهد لتحقيقها فعلاً، مستفيدة من حقدها الفارسي من جهة، ومن تحريكها للمكون الشيعي من جهة أخرى.
تحتفل إيران اليوم بالاتفاق النووي الذي أنجزته مع حلفائها الغربيين، والذي سيسمح لها فعلياً بافتتاح طريق القدس المذكور أعلاه بشكل رسمي.
كانت طهران، رسمياً ولغاية الأسبوع الماضي، تحت حصار اقتصادي، يمنعها من بيع النفط بحرية، ويحرمها من مئات المليارات المجمدة في المصارف الغربية، ومع كل ذلك، فقد كانت تحتل سورية والعراق واليمن ولبنان، وكادت أن تفعل في البحرين، بالإضافة إلى إثارة القلاقل في بلاد الحرمين، فكيف يكون الأمر اليوم، وقد أطلق الغرب يدها في المنطقة تفعل ما تشاء، فرد لها المليارات وسمح لها ببيع النفط، واليورانيوم والماء الثقيل، وقد أعلنت حكومة طهران، فوراً، بأنها ستعمل على إنتاج النفط وتصديره بكل طاقاتها، ليعود ذلك بالويل على حكومات الدول العربية النفطية، ويكبدها خسائر فادحة، بينما يعود على فارس بأرقام فلكية تمكنها من تعبيد طريق القدس المار بكربلاء ومكة والمدينة والقلمون والزبداني.
الحلفاء الغربيون رحبوا بالاتفاق الذي سيعيد إيران "عضوا فاعلاً في المجتمع الدولي"، وقد دعا وزراء ورؤساء الدول الغربية طهران للانخراط في تعاون بناء مع الولايات المتحدة، وإلى أن تكون شريكاً كاملاً في محاربة الإرهاب، والمقصود بالإرهاب بالضبط الثورة السورية وثوارها. أ ليس من الطبيعي إذاً أن يهنئ الأسد "بهذا الانتصار العظيم" الذي لن يصب إلا في مصلحته ومصلحة شبيحته، حيث ستستخدم طهران قوة اقتصادها، وانفلات يدها، لدعم بشار، وتغيير الوضع السكاني في سورية، ومحاولة إفشال الثورة السورية والربيع العربي بالعموم.
لا يَلزم إيران اليوم أن ترسل مساعداتها العسكرية للأسد من خلال الطائرات المدنية، ولا يلزمها أن تنفي وجود الحرس الثوري في بصرى الشام، بل هي وابتداء من هذا الأسبوع ستنشئ الجسور الجوية وتنقل العتاد والرجال إلى القلمون والزبداني حيث طريق القدس، وسيتم ذلك بمباركة دولية، فقد أعلن مسؤولو الغرب أنهم لن يحجّوا بعد اليوم إلا إلى طهران وباستثماراتهم وتجارتهم أيضاً.
لطالما حذرنا من العلاقات الخبيثة التي تجمع "أبو حسين الأمريكي" بحسين الإيراني، ولطالما أكدنا أن إيران ستنتقل من القول إلى الفعل في مسيرتها لتفتيت الدول الإسلامية.
أدرك الحرج الذي تشعر به كثير من الدول العربية اليوم، خاصة وقد خرجت العلاقات الإيرانية الأمريكية إلى العلن، وكشف "الصديق" أوباما أهدافه باعتبار إيران، الحليف الرئيس في المنطقة.
مع ذلك، فالوقت لم يتأخر بعد، ولا تزال هزيمة المشروع الفارسي الشيعي ممكنة جداً، وما على الدول العربية الفاعلة إلا أن تهجر المعسكر الأمريكي لصالح شعوبها، فتترك مشاريع الصحوات، وألا تشغل نفسها بتعريفات الإرهاب، وبمن معنا ومن ضدنا، وعليها أن تخرج عن طاعة الأمريكان في حرمان الثوار السوريين من السلاح.
إن سقوط الأسد يعني على الفور ذوبان حزب الله في لبنان، وانكفاء الحوثيين في اليمن ويعني بالتالي التخلص من عنجهية إيران، وإسقاط مشاريعها العدوانية. وعلاوة على ذلك فإن انتصار الثورة السورية سيعيد للدول العربية والإسلامية هيبتها التي تكاد تضيع، إن لم تكن قد ضاعت بالفعل.
د.عوض السليمان - كاتب في "زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية