لأننا، في الغالب، شعوب شكاءة وشكاكة، اختلطت على البعض حكاية عصام الزعيم مع كفالة شركة "بيكو الألمانية" التي حاول نظام الأسد الابن تشويه سمعته عبرها، وإبعاده عن حكومة عرّى وجوده صغر جل من فيها.
ما دفعني، آسفاً للجزء الثاني من "أريد عصام الزعيم حياً" رغم مقتي، وربما كثيرين مثلي، لعبة الأجزاء، بعد سلسلة الكتب التي وقعنا بفخ قراءة أجزائها بشبابنا، وأجزاء المسلسلات الدرامية التي شوهت التاريخ والسلف، في كهولتنا.
ليس من قبيل "الأنا" بيد أن كثيرين يقرون أني الشاهد الوحيد على اجتماع مندوبي الشركة الألمانية والسفير الألماني بمعاون وزير الصناعة لبحث تحرير كفالة الشركة التي احتجزها الطرف السوري، وأكرر، لم تزل، ربما، بالمصرف التجاري حتى يومنا هذا، اللهم إن لم تستخدم لدعم سعر صرف الليرة أو لم يتم استخدامها بتسديد الأجور، أو لم يسحبها لاحقاً سبب المشكلة ومسببها، سامر بن كمال الأسد.
ويعرف كثيرون، أني تابعت القضية كصحافي، وكتبت وناديت، وحتى طلبت من بشار الأسد إنصاف عصام الزعيم، "الفارس في زمن اللافروسية" حتى تم تبرئة الوزير الزعيم ومعاونه الرائع بركات شاهين ومدير المؤسسة العامة للصناعات النسيجية، الذي قلما رأيت مثيلاً له، سمير رمان.
لذا سآتي سريعاً على أهم نقاط القضية، لأسباب ومبررات لا تحصى، منها إنصاف من اتهموا زوراً وفصلوا من عملهم، ومن ثم قيل لهم عفواً، اللهم إن قيل، وتمت براءتهم بعد حملات تشويه قادها كثيرون، في الإعلام ودهاليز الحكومة والقيادة القطرية، بتحريض مركّز وقتذاك، من محمد مصطفى ميرو رئيس مجلس الوزراء، بعد الضوء الأخضر من "القيادة العليا" التي أوحى لها دكتور جامعي ومدير عام سابق بأن عصام الزعيم يشكل خطراً وهو يقول كذا وكذا، حتى بحق الفارس الذهبي المهندس المظلي فقيد الأمة باسل الأسد!
باختصار: أوكل بناء وتجهيز معمل غزل اللاذقية لشركة بيكو الألمانية بكلفة-على ما أذكر- 330 مليون مارك ألماني "نتكلم قبل عام 2000 وقبل العملة الأوروبية الموحدة" ومعروف، للمتخصصين على الأقل، أن ثمة مبلغا يقتطع من الكلفة الإجمالية ويبقى كضمان على حسن التنفيذ وتوقيت التسليم، ويسمى "كفالة"، وأذكر أن مقداره بهذه المناقصة كان 33 مليون مارك ألماني.
وفعلا بدأت الشركة الألمانية بالبناء والتجهيز، لكن تشكيلاً عسكرياً، أو ما تبقى منه، كان ضمن المساحة المتفق على بنائها، وحتى يزال بسوريا الصمود والتصدي، فأنت بحاجة لأوراق وقرارات وأضابير وتواقيع وأختام، ربما تغطي مساحته، ما أدى وفق ما أذكر، لتأخر الشركة الألمانية بتنفيذ العقد عن الزمن المحدد، رغم أني ممن قرأ الملف وقتذاك، ووجدت مدى وحجم الإلحاح الذي وصل حدود التوسل من الشركة الألمانية لتأمين مستلزمات تنفيذ العقد.
المهم، وجد الطرف السوري فرصة في التأخير لحجز تلك الكفالة، وبقيت محجوزة رغم تعاقب ثلاثة وزراء صناعة، فكلما همّ أحدهم بفتح الملف، يصطدم ويصدم أن الأستاذ سامر بن الأستاذ كمال وراء الموضوع، فيصمت ويؤجل ويتعذر للطرف الألماني الذي يلح للحصوله على حقه.
وبقي أمر كفالة "بيكو" معلقاً ويسيء للطرف السوري الذي أذكر مرة عدم تقدم أي شركة خارجية لتجهيز لوحة إلكترونية لملعب في مدينة حلب، حتى جاء عصام الزعيم من وزارة التخطيط إلى الصناعة، وعرف بالأمر والتقى الجانب الألماني -عدا الاجتماع مع السفير الذي لم يحضره كما أشرت سابقاً- فأوعز بحل الموضوع والإفراج عن الكفالة إن كانت من حق الألمان، وهذه هي جريمة الزعيم وشاهين ورمان، التي حرفها كثيرون واستغلها متربصون وأوصلوا الأمر لتبديد المال العام وربما الخيانة العظمى.
أكرر..الكفالة لم تتحرر وهي بالمصرف التجاري السوري، رغم رفع دعوى دولية من الشركة الألمانية لمحكمة التجارة الدولية وربحهم الدعوى "كان معروفا دولياً أن السوريين لا يدفعون".
خلاصة القول: لمن يريد، ولو من قبيل الفضول، كيف كانت تسير الأمور بمزرعة العصابة الحاكمة، والتي تبرر قيام ثورات لا ثورة واحدة بعد عقود من الذل والصمت والعمالة.
في عام 2009، أي بعد 6 سنوات من قضية عصام الزعيم، تمت سرقة 20 ألف طن غزل من معمل غزل اللاذقية وإن شئتم تفاصيل، تم توريدها لتركيا، ومن ثم حرق المعمل بما فيه، قبل جرد نهاية العام، إثر ماس كهربائي كما كانت العادة والعرف للتخلص من السرقات.
أتريدون أكثر يا سادة، بعد الحريق المتعمد إثر سرقة الغزول وخروج شاحنات الغزول لتجار حلب من المعمل دون تسجيلها، جاء وفد رفيع من دمشق، البعض ربما يعرف التفاصيل، وهنؤوا الأستاذ سامر بالسلامة ولم يُفتح حتى تحقيق بالحريق والسرقات...وأكثر، فقد تم أخذ مبلغ التأمين على المعمل "20 مليون مارك".
أوصلت التفاصيل والحيثيات لمن غمز من قناة عصام الزعيم التي تشهيت الأسبوع الفائت، وجوده وبعض مثقفي سوريا، إلى جانب الشعب خلال الثورة، بعد الخيبة بمن خلناهم مثقفين وساسة، ومن ثم تساءلت: أيسقط عصام الزعيم وممدوح عدوان فيما لو كانا اليوم -كأمثلة عن رعيل- كما سقط كثيرون؟
أم تريدون أعزائي أن تعرفوا أين الأستاذ سامر الأسد اليوم وأي جنسية حصل عليها وما هو دوره بتوريد صفقات الأغذية إلى سوريا اليوم، بعد إلغاء العقود والمناقصات والشراء المباشر.
رغم أني توقفت منذ سنتين عن فتح ملفات فساد النظام، بعد ما رأيناه كسوريين، من عهر دولي واتفاق على تصفية الثورة والسوريين، ولكن قد أعود لأعمل "عدنان ليكس" وأتطرق للبقية في الموضوع.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية