أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

شهد أول جريمة في التاريخ.. جبل قاسيون مخزن الاساطير ومثوى الأولياء والصالحين

جبل قاسيون - أرشيف

يختزن جبل قاسيون في ثناياه الكثير من الأسرار والقصص الأسطورية والحكايات الغريبة مما جعل أهل دمشق القدامى يحيطونه بهالة خاصة من التقديس والاحتفاء وقبل أن يزرع نظام الاسد الموت في سوريا وتجثم الحرب على صدور أهلها كان هذا الجبل متنفساً لأهالي دمشق وبخاصة أيام شهر رمضان المبارك يتناولون في ربوعه إفطارهم وربما سحورهم، ويقضون أوقاتاً ممتعة وهم يتأملون دمشق التي تزدهي بالأضواء. 

يرتفع قاسيون عن سطح البحر 1200 متر ويبعد عن وسط دمشق قرابة 600 متر وهو ينهض عن مستوى السهل المفيضي الممتد على ضفتي نهر بردى حوالي 500 متر، فيعطيها منظراً مميزاً تتسلق سفوحه رقعة واسعة من مبانيها، وبالقرب من قمة جبل قاسيون يرى الزائر مقاماً وقبة خضراء يعرفها أهل دمشق بـ"مغارة الدم" أو "مقام الأربعين"، وتحكي هذه المغارة قصة أول جريمة في التاريخ، حينما قتل "قابيل" أخاه "هابيل"، وفوق هذه المغارة بني مسجد الأربعين وفيه أربعون محراباً نسبة للأبدال الأربعين، ومن هنا أصبح المكان مقصداً للزهاد والعباد والراغبين في الخلوة، وروى "ابن عساكر" في كتابه "تاريخ دمشق" أنه صلى فيه أنبياء كثيرون كإبراهيم وذو الكفل وأيوب عليهم السلام، كما ذكر الخازن في تفسيره أن "مغارة الدم هي المكان الذي قتل فيه سيدنا هابيل. جاء في معجم البلدان لياقوت الحموي" قاسيون بالفتح وسين مهملة والياء تحتها نقطتان مضمومة وآخره نون، وهو الجبل المشرف على مدينة دمشق وفيه عدة مغاور وفيه أيضاً آثار الأنبياء وكهوف، وفي سفحه مقبرة أهل الصلاح وهو جبل معظّم مقدّس يروى فيه آثار الصالحين فيه أخبار و به مغارة تعرف بـ"مغارة الدم" يقال بها قتل قابيل أخاه هابيل وهناك شبيه بالدم يزعمون أنه دمه باق إلى الآن وهو يابس، وحجر ملقى يزعمون أنه الحجر الذي فلق به هامته، وفيه مغارة الجوع يزعمون أنه مات بها أربعون نبياً«. وروى الأمام أحمد بن حنبل في مسنده بإسناد حسن عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "الأبدال في الشام وهم أربعون رجلاً كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً، يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف بهم عن أهل الشام العذاب.وعّرف سبط الجوزي" جبل قاسيون" قائلاً: "قاسيون جبل شمالي دمشق ترتاح النفس إلى المقام به ومن سكنه لا يطيب له سكن غيره غالباً".

اختلفت الآراء في معنى قاسيون فقيل بأنه قسى على الكفار فلم يقدروا أن يأخذوا منه الأصنام وقيل أنه قسا فلم تنبت فيه الأشجار وجاء في "القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية" لمحمد بن طولون الصالحي المتوفى سنة 953 هـ سكن أهل المدينة هذا الجبل قبل أن يسكنوا دمشق وعاشوا فيه أجيالاً طويلة من الزمن حتى إذا تكاثروا وتناسلوا وارتقت معارفهم وتجاربهم هبطوا إلى السهل المنبسط أسفله فبنوا مدينتهم دمشق، ولكن مدينتهم الأولى هي قاسيون ففيه نشأوا أولاً وإليه رجعوا اليوم.

ونظراً لما اشتهر به جبل قاسيون من خضرة ونماء ومناخ عليل في الماضي، اختاره عدد من الملوك والأمراء مصيفاً، فبنوا فيه قصورهم وملاعبهم وسكنه خلفاء بني أمية وبني العباس بعدهم، وعلى قمة جبل قاسيون بنى الخليفة المأمون مرصده الشهير لرصد الكواكب والنجوم. وفي العصر الأموي أيضاً شق »يزيد بن معاوية قناة على سفح جبل قاسيون من نهر بردى ما زالت تُذكر باسمه "قناة يزيد"، مما أسهم في توسيع رقعة الغوطة وأضفى عليها المزيد من الاخضرار والنماء.

مغارة الجوعية
اكتسب جبل قاسيون أهمية دينية لدى أهل دمشق وغيرها، لما ضمّه من أضرحة ومزارات، ويذكر الباحث "أحمد حلمي العلاف"، في كتابه "دمشق في مطلع القرن العشرين« أن أهالي دمشق كانوا يزحفون إلى حي الصالحية ويصعدون جبل قاسيون بعد عصر يوم الوقفة ويلبون كما يلبي الحجاج في "جبل عرفات"، فقاسيون وما احتوى من أضرحة ومزارات ومدارس كان جديرا حقاً بالتقديس. ومن هذه الأضرحة والمزارات "مغارة الجوعية" التي تقع في أعلى "مقبرة الخميسيات" وأسفل كهف النبي "ذو الكفل"-عليه السلام الذي بني عليه مسجد منذ سنوات، ويعود سبب تسميتها بـ "مغارة الجوعية" إلى ما يروى من أنه لجأ إليها أربعون نبياً خوفاً من الكفار ولم يكن معهم إلا رغيف واحد، فلم يزل كل واحد منهم يؤثر صاحبه عليه حتى ماتوا جميعاً من الجوع، وفي القرن الماضي سدت المغارة وبني على بابها مقام فيه عدد من قبور الصالحين.

وهناك "مغارة الأربعين" التي سميت بذلك لأن فوقها مسجداً فيه أربعون محراباً، وهي تقوم في مكان عال جداً، وفي زاويتها الشرقية الشمالية بارتفاع نحو متر، يوجد فتحة تمثل فماً كبيراً يظهر فيه اللسان والأضراس والأسنان وسقف الفم بتفاصيل متقنة، وأمامها على الأرض صخرة عليها خط أحمر تمثل لون الدم وفي سقف المغارة شق صغير يرشح منه الماء.

تقول الأسطورة ان "قابيل" عندما قتل أخاه "هابيل" بكى الجبل لهول هذه الجريمة وبقيت دموعه تتقاطر، وفتح فاه يريد أن يبتلع القاتل، ويقال أن "حواء" أم البشر قد ركنت إلى هذه المغارة بعد أن قتل ابنها هابيل، وهناك مقام النبي "إبراهيم"-عليه السلام في "برزة"، وقد قيل للتعريف بشرف قاسيون "بين برزة وأرزة أربعون ألف نبي" وبرزة وأرزة منطقتان شرق وغرب قاسيون -أرزة الشهداء- وهناك "بيت أبيات" الذي تذكر الأساطير أن آدم أبو البشر عليه السلام سكن فيه، ويعتقد أنه قرب التربة البدرية و"كهف جبريل"، حيث جاء جبريل عليه السلام يعزي آدم بابنه هابيل، ومن الأماكن المقدسة في جبل قاسيون قبر النبي "ذي الكفل" ومقام النبي "يونس" عليهما السلام، كما انتشرت في الجبل العديد من الأديرة التي كان أكثرها مهجوراً وأشهرها "دير مران" الذي عُرف الجبل به أحياناً.

قبة النصر
من معالم قاسيون التي ظلت قائمة إلى عهد ليس ببعيد "قبة النصر"، التي بناها برقوق الصالحي- نائب دمشق سنة 841 في عهد السلطان قايتباي- أحد سلاطين دولة الشراكسة- في مصر والشام في أعلى قاسيون، وذلك تخليداً لانتصاره على الأمير "سوار بيك القادري" وإلقائه القبض عليه وإعدامه ويقال أنه وجد بموضعها ذهب كثير مدفوناً، وكانت شامخة واقفة بجدرانها الثلاثة دون الرابع فدكّها الفرنسيون الفيشيون في مايو 1941 م، حينما كانوا يدافعون عن مراكزهم حول دمشق ضد الجيش الإنجليزي الزاحف من فلسطين لئلا يتخذها هدفاً.

خالد عواد الأحمد – زمان الوصل
(1321)    هل أعجبتك المقالة (822)

عهد

2018-03-05

نظام الا سد هوي اللي بنى سوريا يا ابن ..... .


وليد عيتاني

2019-10-25

اللهم ارفع غضبك عن احباب حبيبك محمد وانزل عذابك على من عادهم واعتدى على من امن بالله وبرسوله.


Mo

2020-11-26

حافظ الاسد وزير دفاع النكسة المنقلب من دمروا سوريا.


التعليقات (3)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي