دماء حرى على مصاحف درعا

قامت طائرات الأسد بالهجوم على مدرسة تحفيظ القرآن في قرية الغارية شرق محافظة درعا، مما أدى إلى استشهاد ثلاثة وعشرين طفلا.
قتل شبيحة الأسد أطفال القرآن في درعا، وسالت دمائهم الزكية على المصاحف، كما فعل أجداد الأسد بالضبط قبل أربعة عشرة قرناً حيث أسالوا دماء عثمان رضي الله عنه على مصحفه الذي بين يديه.
نعلم أن الأسد الحاقد قد دمر المساجد في سورية وقتل المصلين أيام رمضان كما قتلهم أيام العيد وفي كل نقطة من سورية، ونعلم أن حقده على الإسلام والمسلمين حقد دفين، تغذيه النزعة الطائفية وارتباطه بالولي الفقيه من جهة، وإحساسه بالدونية مقابل الشعب السوري عالي الهمة من جهة أخرى، فهو لم يعد يعرف كيف ينتقم من الثوار في درعا بعد أن ألحقوا به الذل والمهانة في مواقع لن ينساها التاريخ، من الشيخ مسكين ونوى إلى بصر الحرير، وأخيراً تحرير اللواء 52 ، وتدمير مطار الثعلة.
لقد حُرق قلب بشار وهو يرى قواته تتقهقر تاركة وراءها سلاحها غنيمة سهلة للثوار، بل تاركة وراءها أحذيتها، مسلمة قدميها للريح.
لم يجد الأسد ليحرق قلب ثوار درعا وأهليهم إلا أن يتوجه إلى أطفال أبرياء فيقتلهم بالطائرات حتى تتناثر أشلاءهم في كل مكان ويختلط صوت القذائف بصوت ترتيل القرآن، وتختلط رائحة دمائهم برائحة ورق المصحف ورائحة كلام الله العطرة.
هكذا يقوم الأسد بقتل أطفال السنة، أطفالٍ إرهابيين، يفعل هذا على مرأى المجتمع الدولي المشغول بالدفاع عن الأقليات، المتآمر لإبادة الأكثرية من المسلمين في المنطقة برمتها.
المجتمع المتمدن، وحضارة حقوق الإنسان، القلقة على "قلب اللوزة"، والمتأثرة "بعذابات الإزيدية" لم تنتبه لاغتيال ثلاثة وعشرين طفلاً سورياً لم يحملوا سلاحاً ولا تسمح لهم أعمارهم بالمشاركة في الثورة أصلاً، هم فقط يقرؤون كتاب الله، ولعل المشكلة هنا بالنسبة للغرب الديمقراطي.
الحق وللإنصاف فإنني أعتقد أن واشنطن انتبهت للجريمة، وتعرف أن طائرات الأسد أغارت على أطفال أبرياء، وتدرك أن الأسد وخامنئي دمرا آلاف المساجد في سورية ونبشا قبور الموتى من السنّة، وتعرف أيضاً، أن الشبيحة أسقطوا مليون بناء في سورية وأنهم هجروا نصف الشعب السوري.
لا شك أن أوباما تقزز من صور التعذيب والتمثيل بالجثث التي يرتكبها الأسد في سورية، ولا أستبعد أن الرجل اتصل بصاحبه بشار وأنّبه لعدم القضاء على الإرهابيين السنّة بطريقة أكثر فاعلية وسرعة.
ندرك أن أهم أولويات المجتمع الدولي القضاء على الثورة السورية والتخلص من الإرهاب السنّي، وندرك أيضاً أن الولايات المتحدة، هي الداعم الرئيس لجرائم بشار الأسد. فالثورة في عامها الخامس، ويعلم المجتمع الدولي أن طائرات النظام لا تقتل إلا المدنيين أطفالاً ونساء، ولا تفعل غير تدمير البيوت، ومع ذلك لم يقم أولئك المتحضرون الخائفون على الأقليات بتحييد طائرات الأسد.
إذا كانت واشنطن تخاف على الأقليات ألا نستغرب سكوتها على عملية الإبادة الممنهجة التي تتعرض لها الأكثرية؟ وإذا كانت تنادي بحماية الأطفال، فلماذا لم تسعَ إلى إقامة منطقة آمنة تمنع طيران الأسد من من ارتكاب كل هذه الجرائم؟ الجواب فيما كان يفعله الأطفال في الغارية، إنهم يهددون الأمن القومي الأمريكي بأصواتهم الطرية، وآيات الله الندية.
سميت الغارية بهذا الاسم لكثرة الغار في أرجائها، هي اليوم تكمل طريق الغار بشهدائها، طوبى لهم وحوبى لقاتلهم.
د.عوض السليمان - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية