أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

وعد بشار الأسد...ووفى.. عدنان عبدالرزاق*

سقطت المشفى كما وعد مقاتلو المعارضة ولم تُستعَد الجسر أو يتحرر المحاصرون كما وعد الأسد

سقطت مشفى جسر الشغور أخيراً، بعد أسابيع من الانتظار شابها حتى الاتهامات ممن لا يعرف طبيعة المعركة التي صرفت عليها عصابة الأسد من الإعلام والذخيرة، وحتى جرعات الكذب والتغرير، ربما ما لا يصرف على سواها.

ما يطرح سؤال، لماذا جسر الشغور والمشفى، نالت مالم تنله حتى معارك القصير والقلمون؟!.

ربما الإجابة، إن لم نغص في عمق التاريخ لاستعراض ما شهدت أرض جسر الشغور من معارك لمحتلين أو لحملات نكوصية، أو لم نستذكر أول عملية بيع الأسد لجنوده البواسل وقت تخلى عن مفرزة الأمن العسكري برئاسة "أبو يعرب" الذي حاول واتصل واستنجد، لكن تكريس فكرة إلباس الثورة القتل والأسلمة كانت الغالبة، بدليل شحن "الإعلام" بمافيه "المغرض" وقتذاك لجسر الشغور والمتاجرة بجثث عناصر المفرزة الذين تخلى عنهم الأسد ورفض بعض أهليهم تسلم جثثهم ودفنهم وقتذاك.

ربما تكمن الإجابة في جغرافية الجسر المطلة على الساحل السوري وريف سهل الغاب، أكثر حواضن الأسد كثافة وتغييباً، أو لأن جيش الوطن ومن والاه من شبيحة ونبيحة، أخذوا من الجسر إعادة انتشار بعد هزيمتهم السريعة من مدينة إدلب، ووعودهم بالعودة وإلا سيتم حلق الشاربين.

وقد تكون بعض الإجابة فيما نقل عما تحتويه المشفى، وإن بولغ بالأمر، من رتب عسكرية رفيعة منها "النمر" وربما ضباط إيرانيون، فضلاً عن المال الذي سرق من إدلب، ووصل الأمر بالبعض للتكهن أن ثمة أسرارا وربما أسلحة محرمة، داخل المشفى وهي سبب التكالب المسعور من الأسد ومن تحصن داخلها.

أو لعل الإجابة في محاولة، ولو لمجرد المحاولة، ضخ جرعة ثقة بمن مازال مغيباً ويرى في جيش حماية الكرسي جيشاً لسوريا ومن استشعر بهزائم الشمال والجنوب دنو لأجله "فضب الشناتي" وضاق به مطار بيروت وازدحمت الطرق المؤدية لدويلة الملاذ، بالسيارات والهاربين.

قصارى القول: سقطت المشفى كما وعد مقاتلو المعارضة ولم تُستعَد الجسر أو يتحرر المحاصرون كما وعد الأسد.

بيد أن من رأى في هزيمة 1967 نكسة أو انتصاراً لأن الاحتلال البغيض الذي احتل القنيطرة، أو بصيغة أدق استلمها، لم يستطع النيل من عزيمة الصمود وحكم الحزب القائد، لم ير فيما حدث بجسر الشغور والمشفى أي هزيمة وحنث للوعود، بل تعدت التهاني والمباركات شاشات التلفزة الممانعة لتصل لاتصال الوريث الأسد بمن قيل إنه قائد مجموعة الصمود بالمشفى "محمود صبحة" لينقل له مدى إعجابه "بصمودكم ومقاومتكم لأنكم لا تعرفون الهزيمة ولا الاستسلام".

ومن قبيل لزوم ما يطلبه المغيبون عشاق البوط ومقبليه، قال الأسد لصبحة "ثقتكم بالله وبرفاقكم في الجيش العربي السوري بأنهم قادمون لفك الحصار عنكم تدل على ماهية هذا الجيش وعقيدته وثقته بنفسه وبأفراده وببطولاتهم، وحياتكم أنتم ورفاقكم وكل جندي في الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الشعبي كانت وستبقى أهم ما نفكر به ونسعى لحمايته دائما.. سطرتم ببطولاتكم أروع الملاحم وإخراجكم لرفاقكم الجرحى سيعلم العالم ما هي أخلاق ومبادئ الجيش العربي السوري".

نهاية القول: ثمة أمر لم أعرف له تعليلا، بل استحال عليّ منطقه وفهمه، تجلى بنقل التهاني فيما بين مؤيدي العصابة القاتلة بتحرير جنود المشفى البواسل.

وهنا، لا أومئ للعامة أو الحديين المنحدرين من مؤسسات أمينة أو عسكرية أو من انطلت عليهم فزاعة التخويف، وخاصة بعد مسرحيات مطار الطبقة وتحرير تدمر، فخرجت العشيرة والأحقاد وزاد الإعجاب بالبوط والمطالبة بالاستقلال، بل أغمز من قناة المتثاقفين لابسي أثواب اليسارية والعلمانية الذين اعتبروا ما جرى من هروب بعض من كان بالمشفى تحت التغطية النارية المرعبة وحجم البراميل المذهل، وقتل وأسر القسم الآخر، نصراً مؤزراً ووفاء للوعد الذي قطعه القائد الملهم.

وغرابتي وعدم قدرتي على تفهم موقف هؤلاء، ليس لأنهم وجدوا في فرار بعض القتلة نصراً، ولا من ضيق أفقهم وعدم قراءة ماجرى بعقلانية يمكن أن توصلهم –إن فعلوا- للفرار على أول طائرة، ولا حتى لأن بعض قادة حملة حفلة النصر بهروب الجنود كانوا من حلب ودرعا ولم يتعظوا بمصير آل بري ورستم غزالة، بل من الحالة المختلطة التي يعيشون وأبعدتهم حتى عن التفكير النفعي بمصيرهم المحتوم الذين يزيدونه بأدلة وإثباتات قد تبعد عنهم حتى الرحمة أثناء مقاضاتهم في يوم قد لا يكون بعيدا.

*من كتاب "زمان الوصل"
(179)    هل أعجبتك المقالة (210)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي