رداً على ميشيل كيلو عن معركة الساحل.. خالد مثبوت*

في حديثك عن معركة إدلب و اقتراب الثوار من الساحل ومقدار تخوفك سابقا من صوملة المنطقة وتحولها إلى ساحة اقتصاص طائفي بغيض.. أعتقد أنك نسيت يا سيدي آن هذه المنطقة بريفها ومدنها لم تكن بعيدة عن التطرف سابقا.. وإنما كان التطرف والتعصب ضاربا أطنابه منذ عشرات السنين، ولم يخرج ثوار اللاذقية وجبلة وطرطوس وبانياس إلى الشوارع إلا بعد ظلم لاقوه من ممارسات طائفية ومتطرفة منذ يوم ولادتهم، وقد عانى آباؤهم منه قبلهم من ممارسات بدأت منذ الثمانينات بالاعتقال والخطف والتصفية، واستمرت إلى فترة التسعينات من تشبيح بالمرسيدسات السوداء ذات الزجاج الأسود ومن ضرب وإهانة وشتائم لصاحب فرن أو سائق تاكسي أو لتاجر أو لمدرس من قريب من الدرجة الخامسة لأحد أبناء مخلوف أو شاليش.. أما من كان قريبا من الدرجة السابعة لآل الأسد فقد كان يحق له ما لا يحق لغيره من قتل واغتصاب واستيلاء على ملكية ـوبالقانون ـ إلى أن جاءت مرحلة ما بعد التسعينات، حيث جاءنا الطبيب المثقف ذو الوجه البشوش اللاطائفي لنستبشر به خيرا ولتبدأ الخيرات تهل على يديه.. فكثير من أوائل دفعاتهم في جامعة تشرين يمتهنون التريكس والطرنيب في مقاهي "الطابوشة" و"رسلان باشا" في حين أن طلابا يقلون عنهم درجات يتابعون تعليمهم مستفيدين من المنح دون غيرهم في فرنسا كونهم من قرية بيت ياشوط أو البهلولية.
وإن دخلت إلى مشفى الأسد الجامعي أو المشفى الوطني ـلا قدر الله و أدام صحتك يا أبا أيهمـ فسترى العجب العجاب.. نسبة الممرضات والأطباء والمستخدمين والمسعفين من الطائفة العلوية كما هي نسبة استفتاءات الأسد الأصغر والأسد الأكبر تفوق 95% وقد تزيد..
وكذلك الأمر في كل مفاصل الدولة التعليمية و الاقتصادية والزراعية والصناعية، أما المفاصل الأمنية ذات السمعة الطيبة والحسنة! فالنسبة فيها تفوق 99% لا أدري لمَ هذه الطائفة تهوى الأمن والأمان بهذه الصورة المبالغ بها؟!
أخالفك الرأي يا سيدي بأن هناك مذابح سترتكب حين دخول الثوار إلى الريف العلوي فقد أثبتت التجارب السابقة في معركتي عائشة والأنفال عكس ذلك .. فهاهم أسرى هذه القرى من الأطفال والنساء ما زالوا أحياء يأكلون ويشربون ويعيشون بأمان في وقت قد تخلى عنهم ربهم الأسد وحامي طائفتهم كما يدعي هو بأنه حامي الأقليات..
أما عن عدم قدرتنا كمعارضة استيعاب الطائفة العلوية في صفوف الثورة، فهو كلام مردود عليه.. ان كنت يا سيدي بعيدا عن واقع الثورة فهي مشكلة وإن كنت قريبا فهي أكثر من مشكلة بل مصيبة حين تقول هذا..
يا سيدي في 25/3/2011 خرج ثوار اللاذقية في ساحة الشيخ ضاهر ينادون: لا سنية و لا علوية نحن بدنا حرية.. ولم يقولوا : شبيحة للأبد لاجل عيونك يا أسد، ومع ذلك سقط ثلاثة شهداء يومها في ساحة الشيخ ضاهر.
يا سيدي في 25/3/2011 حمى المتظاهرون في شارع المحافظ بعض سائقي التاكسي الذين يضعون الأشرطة الخضراء (الخلعات) على زجاج سياراتهم من اقتراب بعض الرعاع منهم..
لا ألومك إن لم تعلم بالرسائل التي وجهت في تلك الأيام من كثير من مثقفي اللاذقية من أهل السنّة لأصدقائهم المثقفين العلويين تطمئنهم وتشرح لهم الهدف السامي من هذه الانتفاضة وتدعوهم للالتحاق بركبها فالمطلوب هو رأس النظام لا غيره ... ولكن هيهات.
عندما رشقت مخابرات النظام المتظاهرين قرب محطة القطار في آذار 2011، وفي الصليبة يوم الجلاء وسقط العشرات، كان حي الزراعة يقيم الحفلات والسهرات ويطلق الأعيرة النارية تأييدا للأسد ولحزب البعث.
عندما دكت المدفعية والدبابات منازل الرمل الفلسطيني في آب 2011 كانت سيارات سكان الرمل الشمالي العلويين تسير وقد علق على زجاجها صور القائد المفدى شاتمين إرهابيي الرمل الفلسطيني والسلفيين وأتباع بندر والحريري..
هذه هي الرسائل التي كانت تأتينا تلك الأيام من هذه الحاضنة التي ما زلت تراهن عليها.
هل شاهدت بأم عينك صورة واحدة لطفل يداس بالأرجل من الثوار؟!
هل شاهدت بأم عينك فيديو واحد لامرأة و قد اغتصبها الثوار؟!
من هم الطيارون الذين يقصفون البراميل على الأبرياء؟!
من هم الشبيحة الذين يسرقون المنازل بعد الدخول إلى أي منطقة؟!
من هم ضباط المخابرات الذين أعطوا الأوامر باطلاق النار على المتظاهرين !!
من هم السجانون والمحققون الذين قتلوا عشرات الآلاف في السجون تعذيبا وتجويعا؟!
من هم أولئك الذين اغتصبوا النساء وشوهوا الأطفال وحرقوا الأحياء؟!
لن أسألك إلى أي طائفة ينتمون كي لا تتهمني بأني طائفي .. فأنت تعرف أكثر مني.
وبعد كل هذا ما زالت المعارضة السياسية والمسلحة بكل أنواعها إسلامية ومعتدلة وإن لم تتفق فيما بينها على شيء، فهي متفقة عى مبدأ محاسبة القاتل و المغتصب والسارق فقط.
دخول الثوار للساحل يا سيدي هو دخول إلى جزء من سوريا بحاجة إلى تحرير كما حررت إدلب وجسر الشغور، فأهل الساحل قد لبوا نداء الثورة حين ثارت درعا دون تردد وقبل مناطق كثيرة في سوريا ويرفضون التقسيم والتبعية لدولة إلا لسوريا الواحدة بكل طوائفها. وينتظرون تحرير المنطقة من النظام ومن مرتكبي الجرائم لتتحقق الحرية والسلام المنشوديين للسنة وللعلويين وللمسيحين ولكل الطوائف معا".. تاريخنا وإرثنا الحضاري العريق كفيلان بحماية الأقليات.
أتمنى لي ولك يا أبا أيهم العودة قريبا إلى اللاذقية لنحتسي فنجاني قهوة في "العصافيري" دون أن يعكر صفو جلستنا دخول جميل فواز الأسد مع شبيحته إلى المقهى فقد يعجبه الجلوس على نفس الطاولة التي نجلس عليها كما فعل أبوه مع الكثيرين لعشرات السنين.
*عضو الائتلاف الوطني السوري ممثلا عن الحراك الثوري - مشاركة لــ"زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية