
من دعس على ذيل أوباما ليموء؟.. د.عوض السليمان

منذ أربع سنوات ونحن نقول إن الولايات المتحدة، تسعى لإطالة عمر النزاع في سورية بقصد القضاء على الثورة نهائياً، وتمكين الأسد من رقاب الشعب السوري. كان كثير من المتابعين يستغرب تصريحات واشنطن والغرب، بأنه لا حل عسكرياً في سورية وأنه لن يكون هناك تدخل لإنقاذ الشعب السوري. كنا نؤكد أن هذه التصريحات تهدف إلى طمأنة العميل الصغير في دمشق.
بلغ الأمر أن يصرح راسموسن أمين عام حلف الناتو أنه لا نية للحلف بضرب قوات الأسد، مع أن أحداً لم يطلب منه ذلك التصريح، إلا أنه الضوء الأخضر ليستمر الأسد في إجرامه.
كلما تقدم الثوار في جبهة من الجبهات، سارعت واشنطن لاتهام الثورة بالطائفية، وعقد مجلس الأمن اجتماعاً استثنائياً لوضع كتيبة جديدة على قائمة المنظمات الإرهابية.
عندما كنا نحاصر المسؤولين الغربيين بالأسئلة الدقيقة عن رفضهم لتسليح الثوار، كانوا يتعللون بخوفهم أن يقع سلاحهم في الأيدي الخطأ، كنا نجيبهم في شقين، الأول: كيف نشأت الأيدي الخطأ في سورية؟ والثاني: هل القصف بالطائرات والصواريخ سيقع بالأيدي الخطأ أيضاً؟.
كان أوباما إيرانياً – أسدياً بكل معنى الاصطلاح في كل مراحل الثورة، كان يقاتل المسلمين السنة في سورية، ويسكت عن وجود حزب الله والجيش الإيراني على أرض الشام، وكان يدين دخول المهاجرين الذين يقاتلون الشبيحة، بينما يصمت تماماً على وجود اثنتين وأربعين ميلشيا شيعية تناصر الأسد.
استقبلت الثورة السورية عامها الخامس بمواقف أمريكية أكثر قذارة، فلم تكتف واشنطن بمنع تسليح الثوار، بل يصرح جون برينان مدير الاستخبارات الأمريكية "لا أحد منا يريد انهيار الحكومة والمؤسسات السياسية في دمشق". ثم يأتي كيري ليقول لا بد لنا من التفاوض مع الأسد.

مع كل ما فعلته الميليشيات الشيعية من مجازر في سورية، ومع الإبادة المنظمة للسنة في البلاد، يتذكر أوباما في مقابلته مع العربية، أن الثوار "متطرفون ويقومون بانتهاكات" ويتكلم بحنان عن الأقليات، الذين يتعهد بحمايتهم، بينما يغض الطرف عن إبادة الأكثرية وبكل تلك الهمجية.
لم يخلع أوباما ورقة التوت على شاشة العربية، فقد فعل منذ سنوات، قال "إن بلاده لم تقصف الأسد لأنه سلم سلاحه الكيماوي. أي رعونة أن يتجاهل الرجل وحشية الأسد وقتله لمئات الآلاف مقابل تسليم السلاح الكيماوي. لقد اعترف بمشاركته في هذه الجريمة البشعة "لم نفكر بضرب الأسد إلا عندما استخدم السلاح الكيماوي ولا نرى الحاجة لذلك الآن فالسلاح في مأمن".
كان الموقف الأكثر وقاحة في تلك المقابلة، أن يرسل أوباما رسالة طمأنة لعميله في دمشق، يؤكد له فيها أن أحداً لن يمسه حتى العام 2017 على أقل تقدير. ويخبره أنه باق كحد أدنى ما بقي هو في البيت الأبيض، بلغة أخرى نصحه أن يرتوي من دماء السوريين.
من الجهل أن نعتبر أن تلك التصريحات كانت عفوية أو أنها مجرد تقويم للحالة السورية، فلا أحد قد "دعس على ذيل أوباما ليموء" بل لقد جاءت في الوقت الذي يشعر فيه الأسد بالانكسار أمام ضربات الثوار، وجاءت أيضاً كرد على الذين طالبوا واشنطن بالتدخل في معركة القلمون ضد حزب الله. وفوق ذلك أراد "أبو حسين" أن يطمئن إيران على "حسين" و"إخوتهما" أيضاً بعد لقاء كامب ديفيد. لقد شدّ أوباما على يد الأسد، ونصحه بالقضاء على الثورة، والعودة إلى حضن المجتمع الدولي خلال السنتين القادمتين.
صحيح أن بشار يلفظ أنفاسه الأخيرة ويترنح، إلا أنه التقط الرسالة فألقى آلاف البراميل واستخدم غاز الكلور لقتل الأبرياء في سورية، خاصة وأن أوباما لا يعتبر أن غاز الكلور محرماً، بلغة صريحة، يراه حلالاً زلالاً جائزاً للفتك بالسوريين.
د.عوض السليمان - كاتب في "زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية