القلمون فرصة أخيرة لإثبات نوايا واشنطن.. د. عوض السليمان*

يشعر المتابعون بقرب سقوط الأسد، ويلحظون تقهقر قواته، بل ويسمعون منه شخصياً الحديث عن خسارة معركة، لا خسارة الحرب، ولا يصدق أحد حديث وسائل الإعلام السورية أو أذنابها في الميادين والمنار، أن الأسد يسيطر على سورية، فهو لم يعد قادراً على التحكم برجاله وشبيحته، فبدأ بقتلهم واحداً تلو الآخر.
قُتل رستم غزالة وها هو علي مملوك في طريقه للقتل أو التنسيق، بينما تتحدث أنباء عن فرار محمد الشعار وزير الداخلية، وأخبار أخرى عن هروب الشبيحة بالعشرات إلى مراكزهم في الساحل أو لبنان.
فوق ذلك كله، لا تمرّ ليلة على سورية إلا ويخسر فيها الأسد أرضاً جديدة، ويفقد أصدقاء قدامى .
يبدو أن الأسد يلف حبل المشنقة حول عنقه، إذ قطع بنفسه أذرعه كلها، معتقداً أن إيران وحزب الله سيعوضانه عن خسائره، فبتر يديه اليمنى واليسرى.
يوحي الإعلام الغربي أن الأسد في طريقه للسقوط وأن إيران وروسيا سيتخليان عنه، لأنه لم يستطع أن يصمد في مقاومة الثورة وبسبب تكلفة مساعدته التي أصبحت باهظة الثمن، كما تشير وسائل الإعلام الغربية أن واشنطن تنازلت لإيران في برنامجها النووي مقابل أن تتخلى الأخيرة عن الأسد، وأن الغرب سيرضي روسيا من خلال السماح لها بزيادة مبيعاتها من الغاز والسلاح، وغض النظر عنها في أوكرانيا.
في الوقت نفسه، يدعو دي مستورا إيران و روسيا إلى اجتماعات جنيف بوصفهما ركيزتان أساسيتان للحل في سورية، متناسياً أنهما مشاركتان فعلاً في قتل الشعب السوري، ويتحدث الإعلام الغربي نفسه موحياً أو داعماً لدويلة كردية تؤذي تركيا وسوريا، وأخرى علوية تحافظ على حلف طائفي للضغط على السنّة في المنطقة.
بالنتيجة يبحث الغرب عن "لخبطة" المتابع فيما يتعلق بالشأن السوري، كي تستطيع واشنطن وحلفاؤها التصرف حسب مصالحها وتغيير مواقفها متى شاءت، كما حدث أيام تراجع الولايات المتحدة عن ضرب الأسد عند تسليمه السلاح الكيماوي.
هناك نقطة لا بد من التوقف عندها، تقوم القوات الأمريكية بضرب تنظيم الدولة في سورية بكل عنف، وترتكب كل يوم مجزرة جديدة بحق المدنيين آخرها في حلب، تقول واشنطن إن التنظيم إرهابي، وإنه يريد أن يفرض رؤيته للإسلام على الشعب السوري الرافض له.
نفسها الولايات المتحدة، تعتبر حزب الله إرهابياً ، وتعلم كما نعلم أنه دخل بلادنا بغير إرادتنا، وأنه يسعى لفرض الحسينيات بالقوة، وأنه يعيث فساداً وتقتيلاً وتمثيلاً بالأبرياء، وأنه يذبح السنّة بالسكاكين، ويدفنهم أحياء، ويغتصب النساء "ثأراً لدم الحسين" ويقتل أطفالهم "كي لا تسبى زينب مرتين" فهل هاجمت الولايات المتحدة حزب الله في سورية، وهل شكلت تحالفاً دولياً ضده؟ بالطبع لا. لماذا لم تفعل، لأنها تريد لهذا الحزب أن ينصر الأسد بانتظار حل ما، كحل التقسيم أو إيجاد بديل متصهين أو متأمرك على الأقل.
بقي أن نقول إن انتصر الثوار بمعركة القلمون، فإن حزب الله سيتراجع، وربما يذوب، ويحلق حسن نصر الله لحيته ويلبس البدلة وربطة العنق ويذهب إلى شوارع أوروبا لاجئاً، ناهيك عن احتمال سقوط الأسد أو هروبه. لماذا لا تقوم الولايات المتحدة التي تعتبر حزب الله إرهابياً وتعتبر الأسد رئيساً غير شرعي بضرب ميلشيا الحزب، فتصيد عدة عصافير بحجر واحد، القضاء على إرهاب حسن نصر الله، والمساهمة في إسقاط الرئيس غير الشرعي، ونصر الثورة السورية؟؟.
العامل الرئيس في معركة القلمون هو جبهة النصرة. الخوف أن تتذكر واشنطن، في لحظة اقتراب انهيار حزب الله، أن جبهة النصرة إرهابية فتهاجمها لتحمي الأسد بعض الوقت وتعود لمساومة الثوار من جديد. فهل ندرك اليوم إذاً لماذا اعتبرت واشنطن جبهة النصرة تنظيماً إرهابياً؟
لن ينصر هذه الثورة إلا أهلها المحرومون من كل مساعدة وستذكرون.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية