
يسألونك عن التقسيم في سورية وهو واقع فيها .. د.أسامة الملوحي

بسم الله الرحمن الرحيم
من الهندي كارانجيا إلى الهندي ديليب....
خنجر إسرائيل كتاب للصحفي الهندي كارانجيا الذي صدر عام 1957أثار لغطا لإدراجه تصريحا فصيحا لموشي دايان وزير الحرب الصهيوني الأبرز بإرادة إسرائيلية بالتعاون مع الغرب لتقسيم المنطقة حول إسرائيل على أساس طائفي وكشف دايان النقاب عن وثيقة سرية أعدتها هيئة الأركان العامة الإسرائيلية حول ذلك... وعندما سأل الصحفي الهندي الجنرال ديان عن كشفه لمثل هذه الخطط كان رده: لا تخف فالعرب لا يقرأون.
من تلك الأيام كانت هناك الإرادة الدولية الخبيثة التي تجتهد لتكريس التقسيم في سورية ولبناء التقسيم في سورية وعندما نقول بناء التقسيم نعني ترسيخ قواعده ورفع جدرانه وشرعنة وجوده ليكون دائما وقابلا للزيادة والتعمق.
ومنذ ذلك التاريخ عملوا على تأسيس البنية التحتية للتقسيم الا وهي صناعة الكراهية اللازمة المتبادلة وحقنها في النسيج السوري فكان وصول حافظ اسد بإرادة دولية بعد سلسلة انقلابات إزاحية تمهيدية لينفرد بالحكم وليحفر فورا أساس التقسيم الطائفي بجر قسم من الطائفة العلوية إلى مواقع التسلط والهيمنة والتغول على الأكثرية السورية الغالبة وبدأ الإنشاء الضخم لأكبر مشروع في صناعة الكراهية عرفه العصر الحديث وفي ذلك تفاصيل مريعة كثيرة لا تُصدق عبر عشرات السنين
ونجح المؤسس في إثارة كراهية شديدة من جانب واحد داخل طائفته تجاه محيطها ووسع امتداد الكراهية العددي والنسبي عبر مراحل عديدة وطوّر الكراهية إلى حقد أعمى من خلال أحداث دامية وجهها حيثما أراد وبالوسائل التي انفرد أصلا في امتلاكها وواكبته أجهزة المخابرات العالمية الكبرى وعلمت به وباركته.
ولوجود نهج التسامح المطلق داخل الأغلبية السنية السورية لم تتحقق الكراهية المقابلة المطلوبة ولم ترق ردّات الفعل في الكراهية إلى ما خطط إليه المخططون وبقيت الأغلبية في منأى عن تنشئة أبنائها على أحقاد تجاه أحد وأحجم الآباء حتى عن ذكر جرائم الثمانينات أمام الأجيال اللاحقة وشبّ كل شباب أهل السنة خارج حماة لا يعرفون أن هناك مدينة أزيلت من على الأرض بأكملها بدوافع وأحقاد طائفية .

وعندما انتفض السوريون يطالبون بالحرية لم يحملوا في صدورهم كراهية لا يعلمونها أصلا أو حقدا لم يُنشّؤوا عليه سلفا بل حملوا كراهية ضد الظلم والفساد من أي لون أو عرق ...فسعّر الطائفيون نار الكراهية من جديد وحشدوا الأحقاد بتسارع عجيب وبتجاوب غريب وانطلقوا في سعار وجنون وهستيريا لا مثيل لها فانكشف المخفي وسقطت الشعارات وخرجت نيران الحقد تحرق كل شيء وظهر ما دفنه الآباء واستجلب الطائفيون أمثالهم من إيران ولبنان والعراق ومن كل مكان وحصل ما لم يحصل له مثيل في كل التاريخ مع مبالغات التاريخ وتضخماته.
والإرادة الدولية مصطلح تعليب في داخله الإرادة الغربية التي تسعى وتشتغل دائما بمصطلحات مزينة (ممكيجة ) واليوم عندما تطرح الإرادة الدولية الغربية مصطلح التقسيم بشكل فج مباشر فإنها تطرحه عن طريق كتّاب في صحف أو باحثين في ندوات ومعاهد أبحاث ولأخذ عينة فاضحة عن ذلك نذكر ما قاله الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط الهندي البريطاني ديليب هيرو في نهاية عام 2013 على شاشة سي إن إن من مكتبها في لندن ويكرر كثيرون كلامه اليوم بل لم يخرجوا عن إطار ما قاله ...قال: إن الحل الوحيد الممكن لسورية هو تقسيم البلاد على أساس طائفي يسمح بإنشاء دولة للعلويين وأخرى للدروز إلى جانب دولتين سنيتين في حلب ودمشق لحماية الأقليات من سيطرة السنة حماية العلويين والشيعة من السنة وقد أثار هذا الطرح دهشة المقدمة بشكل واضح وقالت له بانفعال كيف نقرر التقسيم وننفذه ؟ ألا يجب أخذ رأي الناس باستفتاءات وتصويت على هذا الأمر فأجابها على طريقة أبواق النظام السوري ...إذا أردنا أن نجري استفتاءات فعلينا التساؤل من هي الحكومة الانتقالية التي ستجري الاستفتاء وما هي طبيعتها وكيف وأين ومتى ولماذا وهل وكم حتى داخت المقدمة وداخ سؤالها... وفوجئ المطلعون من الدروز بإدراج ذكرهم في مخطط التقسيم وهم ليسوا طرفا في النزاع كما يصوره الغرب وفوجئ المطلعون أيضا بذكر دولتين منفصلتين متلاصقتين للسنّة واحدة في حلب وواحدة في دمشق.
وبعد كل ذلك يسألونك عن التقسيم....وتسمع لإجابات منمقة نافية من أشخاص يكرهون التقسيم ولا يتمنون التقسيم ويدخلون الأمنية على التحليل فتفسده ...وكل سوري كريم يتمنى أن لا يكون التقسيم حاصلا أو واقعا أو مستقبلا.... ولكن الحقيقة ليست مع الأمنية :لقد أسسوا البنية التحتية للتقسيم ...إنها الكراهية المتبادلة التي زُرعت ونمت وترعرعت عبر عشرات السنين ...كانت من طرف واحد فجعلها الدم الغزير وأشلاء الأطفال وبكارات العذارى من طرفين....ممارسات إبادة بعلم الإرادة الدولية الغربية أسست للبنية التحتية الأساسية للتقسيم وجعلت التعايش المشترك مستحيلا إلّا أن نؤسس أساسنا ونصنع بنيتنا التي لا أمل في غيرها لوقف التقسيم ثم درئه وفي ذلك مقالة لاحقة.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية