أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

انهيار نظام الأسد - هل بدأت لحظة السقوط؟*

الكاتب: المعارضة الداخلية لم تكن تحتاج إلى دعم بقدر ما تحتاج إلى توحيد قرارها

هي عصابات مافيا عائلة الأسد وشاليش والمخلوف التي سيطرت اقتصاديا وعسكريا ومخابراتيا على المجتمع السوري ونجحت في تدمير البنية السياسية للمجتمع وألغت كل إمكانية للعمل السياسي، واعتبرت لغة الاحتجاج إرهابا، وفرضت الحرب الطائفية على المجتمع السوري. النظام الطائفي عمل على تفكيك المجتمع السوري وحوَّله إلى مجرد مؤسسات أمنية وأجهزة للقمع والتنكيل. 

لقد مات السوريون طويلا، وماتت السياسة وكل ما يتعلق بالحياة على أيدي تلك العصابات الأسدية ..وماتت الروح داخل هذا المعتقل الذي يسمى سوريا، وبات الأسد يشبه العلقة المتشبثة بحلوقنا، ليس للحكي سوى قصة واحدة ، ساحة حرب التحرير مفتوحة على الاحتمال الوحيد، هو الخلاص من هذا الاحتلال الذي دام طويلا، يبدو أن الناس يحتاجون إلى الاحتفال بمشهد سقوط هيكل الطغيان والتمتع بتلك اللحظة العظيمة لحظة العيش بأمان والحماية من آلته الحربية. 

لا الطائفة العلوية ولا الطائفة الشيعية يمكن أن تكون بديلا عن المجتمع السوري الحر الموحد ولن تكون الميليشيات الإيرانية والعراقية المحتلة القوة التي تفرض وجودها على الأرض السورية. الآن بدأت المتغيرات الداخلية والخارجية تفرض نفسها وتعيد ترتيب الأحداث، وبدأت موازين القوى تتبدل وتتبدى مواطن الضعف وتصل الأمور إلى حدها، وحيث بالغت إيران في تمددها وتجاوزت كل منطق بدأت لحظة الانحدار بعد أن وصلت إلى أوجها. 

هناك تضعضع على مستوى حلفاء النظام وتراجع مستوى أدائهم إضافة إلى انه هناك تحولات جديدة ترتكز على تصاعد عمليات التحرير واتساع نطاقها وخروج النظام نهائيا من دائرة الفعل السياسي والعملياتي على الأرض.. 

فقد اثبت الجيش الحر في معاركه الأخيرة مع الإيرانيين وحلفائهم قدرة كبيرة على مواجهة المحتلين ملحقا بهم الكثير من الهزائم، وطالما قلنا أنه في اللحظة التي سيتم بها فك عرى التحالف بين النظام وحلفائه الإيرانيين ستبدأ هزيمة الغرباء على أرضنا. بدأت هزيمة الإيرانيين وحزب الله في سوريا بعد ان انكفؤوا وانهارت معنوياتهم القتالية وأصبحوا يدفعون بالمرتزقة ومن يستخدمونهم من الأفغان والروس وأبناء الطائفة الشيعية إلى الواجهة.

لقد دخل النظام في طور العزلة على صعيد حلفائه الإيرانيين والروس ولم يبق في الميدان الا من خانوا بلادهم وشعبهم، ما الذي بقي لأولئك للذين تورطوا في مواجهة الشعب السوري، وداسوا على آمالنا، هل سيختبؤون خلف الذهب وأثاث البيوت التي سرقوها من منازلنا أم خلف صور المعتقلين، نظام الأسد الآن بحكم الميت فالجسد الحي عندما يفقد معنوياته وإرادته ينهشه الخراب والموت وينهار الشعب يريد اسقاط النظام هي البداية والنهاية.

طالما كنا نرى العلاقة المشوهة بين الثورة التي لم تمتلك منهجا واضحا ولا قيادة سياسية مخلصة وبين النظام الذي قرر دفع المجتمع نهائيا باتجاه السقوط والطائفية. بقاء الثورة بعيدة عن قادتها وعن العمل السياسي دفع بكل الذين وجدوا الثورة كساحة فارغة ليقفزوا إلى سدتها ويقدموا أنفسهم كقادة، فالعشوائية لم تمنح الثورة بابا لسدنتها أن يدخلوا إلى قلبها، دارت الثورة في فلك النظام طويلا، وتداخلت مناطق الثورة مع مناطق النظام، والكثير ممن عملوا في إطار الثورة كانوا موالين للنظام وشاركوا النظام في جرائمه. لم تجر أي مقاطعة للنظام حتى الآن ، ولا أي انفصال بين جسد المناطق المحررة وبين جسد المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام. وبالتالي فإن الثورة شربت من نفس الماء الآسن الذي يضخه النظام في قلب المجتمع، انه يشبه الجلوس في حضن النظام مما أنتج بيئة مشابهة، فالنظام أنتج نقيضه في بعض المناطق بما يشبه الانقسام الذي يحمل نفس الصفات الجينية فقد نجح النظام في تلويث بيئة الثورة من خلال الأشخاص الذين عملوا لمصلحتهم الخاصة كتجار حرب يتحكم بهم المال السياسي والولاءات أكثر مما يحملون من ارث الثورة، ومن خلال النتظيمات والعصابات التي وقفت في وجه الثورة وساهمت في عمليات الإبادة التاريخية كداعش. لذا ظل النظام يختار ضحاياه ويعتقلهم ثم ينكل بهم فنظام الأسد ما يزال يأخذ فرصته الكاملة في تصفية المجتمع السوري في سبيل البقاء. نظام الأسد قتل حتى الآن أكثر50% من شباب سوريا وأكثر من 30% من أطفالها لا توجد عائلة في سوريا إلا وفيها المعتقلين والشهداء. 

إنَّ قطع العلاقة والتبادل مع النظام من شأنه أن ينشِّط حالة المعارضة ويدفعها إلى تكثيف العمل وخلق الإمكانيات أمام حماية المدنيين وفرض إقامة مناطق آمنة وتخلق الإمكانية للعمل السياسي، ربما يكون هذا الكلام متأخرا ويعكس آليات العمل التي لم تعتمد الرؤية والتنظيم والانسجام في مواجهة عنف النظام. 

بعد أربع سنين من انطلاقة الثورة السورية لم تختلف بنية النظام وتركيبته وإستراتيجيته المبنية على تفريغ الوطن السوري واستباحته وتعميم الخراب والموت والتعذيب والتضييق على الشعب ومحاصرته . ورغم الضعف الشديد الذي حل به نتيجة استنفاذ قوته واضمحلال دوره والانهيار الاقتصادي. ورغم انه تآكل من داخله وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة لكنه ما يزال يحافظ على آليات عمله ويمارس الإرهاب والتنكيل على نطاق واسع مستفيدا من تفوقه الجوي. ومما لا شك فيه انه شق المجتمع إلى قسمين بحيث بدا مجتمع الموالين يعتاش على حساب تدمير باقي المجتمع. 

المناطق التي خرجت وتخرج الآن عن سيطرته تحل عليها لعنة البراميل المتفجرة، إضافة إلى افتقار المعارضة إلى القدرة على إدارة المعركة من جهة وإلى الإدارة المدنية التي يمكن أن تسهم في تطور آليات الدفاع والهجوم. نظام الأسد يتغذى على عدم قدرة المناطق المحررة على الانفصال عن جسده فليس هناك بنية اقتصادية واضحة مدعمة بمؤسسات بديلة عن مؤسسات النظام وهذا خلل ناتج عن جملة التناقضات التي حكمت الثورة السورية منها هدر الموارد وتهتك الروح الوطنية لدى المعارضة وافتقارها إلى الرؤية والعقل والقدرة على تكوين بنية مقاومة تحمي النشطاء المدنيين بل تركوا الكتائب المقاتلة في حالة من التشتت والتصارع على مناطق النفوذ والغنائم وحرف الثورة عن مسارها وانخراطها في عملية التجاذبات وخضوعها لتحكمات النظام الدولي الذي عمد إلى تحديد ورسم إشكال الصراع على الأرض ، وتركوا للنظام إدارة المعركة على هواه. وليس إلا تأجيج الروح الطائفية وإبادة النخبة والشباب السوري.

المعارضة الداخلية لم تكن تحتاج إلى دعم بقدر ما تحتاج إلى توحيد قرارها فما غنمته من سلاح يكفي لإسقاط النظام، لكن الصراع اتجه نحو احتكاره والتقاتل فيما بينها للاستيلاء عليه واستحواذه. وكأن النظام والمعارضة تشاركا في تدمير الوطن السوري فالمعارضة - بشقيها الخارجية والداخلية- ومن خلال ضعفها وتقصيرها لم تعمل على الاستفادة من المناطق التي خرجت من يد النظام بل بقيت رهينة له وتسير على إيقاعه.

فرغم أن الليرة السورية قد جاوزت مرحلة انهيارها غير أنها ما تزال تستمد ماء الحياة من دماء المناطق المحررة ، وما زال جسد الثورة متداخلا مع جسد النظام ولا أحد يعرف لماذا ما تزال المناطق المحررة تتعامل بالليرة السورية ألا يجب وقف التعامل بها من خلال بناء مؤسسات بديلة وإدارة مدنية تضمن الانفصال نهائيا عن جسد النظام، فالليرة السورية ما تزال تتلقى دعمها من خلال التحويلات المالية للمهجرين وللمغتربين السوريين في الخارج ومن خلال استمرار عملية التداول بنتاج السلطة. إضافة إلى أن النظام وزبانيته ما يزالون يعتاشون منذ بداية الثورة على ورقة المعتقلين والمخطوفين حيث يتم اعتقال الشباب والفتيات على الحواجز ثم يطالبون بمبالغ مالية كبيرة. وفي السجون يقوم السماسرة باستدراج أهالي المعتقلين وابتزازهم بعشرات الملايين لإطلاق سراح أبنائهم ويكتشف الأهالي في أغلب الأحيان أن ابنهم قد تم قتله. تلك هي وسيلة لإفراغ جيوب الأهالي والاستيلاء على مدخراتهم. 

إسقاط الطغيان: 
هو إسقاط البنية الطائفية للنظام هو الجزء الذي يمده ويضخ اليه الدماء ويمنحه الحياة وهو الجزء الذي يولد كل أشكال الطغيان الأخرى والتوجهات المتناقضة التي تبتعد عن الأرضية وكل ما يعبر عن جوهر الثورة السورية.

اليوم: 
ما الذي بقي من نظام الأسد؟؟
وضع نظام الأسد ميؤس منه تماما وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، بقيت المعركة الأخيرة، فهل ستكون هذه المعركة الأخيرة في الساحل ؟؟؟
أم في دمشق ؟؟ أين يكمن رأس الحية ؟؟؟

الساحل السوري:
هو المركز الذي تحول الى بؤرة لتجميع الثروات المنهوبة من بيوت السوريين وهو الخزان البشريالذي أمد الأسد ونظامه بأسباب البقاء وساعده على ارتكاب الكارثة التاريخية على امتداد الوطن السوري. 

دمشق: 
دمشق مساكن الحرس الجمهوري والسومرية وال 86 وعش الورور والمخابرات الجوية. ومراكز الاعتقال التي تضم مئات آلاف المعتقلين.

إيران تعاني من الكثير من المشاكل، ولا تمتلك القدرة على انتشال نظام الأسد، وخاصة بعد أن انكشف عجزها، ولم يعد لديها القدرة على أن تضخ المقاتلين ولا الأموال لبشار الأسد وليست مستعدة للمجازفة في الوضع السوري الحالي الذي لم يعد يحمل مقومات البقاء ولا الاستمرار ولو لفترة قصيرة تعيد تأهيله وتوقفه على قدميه ، إيران فقط تلعب بالورقة السورية وتعتمد على المرتزقة الأفغان. أما حزب الله فهو يعاني من هزائمه المتلاحقة ويعاني من نتائج تورطه على الساحة السورية ولن يستطيع أن يفعل شيئا للوضع الميؤس منه.
وجعنا الذي عانينا منه طويلا ، هو الطغيان ونحن نريد الوصول إلى عتبة التحرر من هذا الوباء لذلك نحن نلهث للتخلص من عجزنا، هم لا يسمحون لنا، ونحن لم نتعلم أن نعمل بصمت .ونكون مراكز إستراتيجية لقيادة الثورة، هم يريدوننا أن نغرق في ليل طويل. أملنا الوحيد أن تتيح لنا المتغيرات التقدم ولو خطوة من هدفنا الأساسي.

نحن بحاجة ماسة لان نتنفس الهواء النظيف ولا يمكن ذلك إلا بالتخلص من نظام مافيا عائلة الأسد وحلفائهم الإيرانيين الشيعة. 

ونحن دوما نخاطب أبناء الثورة والمخلصين وهم موجودون أما الواقع المرير في تعدد الولاءات والانقسامات وتعدد مناطق النفوذ فنحن لا نملك إلا أن نتفاءل فالمتغيرات ربما تحرك الوضع الآسن. ولا يولد الجديد إلا في خضم الحركة ومن خلالها.. لربما يكون ذلك في صالح الثورة. هناك أوضاع جديدة وهناك تراجع في ادوار القوى التي كنا نتوهم بقدراتها التي يمكن أن تقف في وجه الثورة.

إيران زجت بالشيعة العرب وأخرجتها من بيئتها بعيدا عن الوطنية ووضعتها في مواجهة بلدانها وشعوبها في معركة خاسرة.
تعزيز الأوضاع في المناطق المحررة يستدعي خلق نوعا من الاستقلالية عن مناطق النظام وبناء اقتصاد مواز لاقتصاد النظام بمعنى بناء نموذج من الحياة بمعزل عن البنية التي ما يزال نظام الأسد يفرضها تحت المظلة الايرانية.

*عدنان الصباح المقداد - مساهمة لـ "زمان الوصل"
(176)    هل أعجبتك المقالة (182)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي