بين السنّة وشركائهم في سوريا.. رئيس التحرير
لا تهتم "زمان الوصل" بما يطلبه "الجمهور الثوري" بقدر اهتمامها بصنع رأي عام وطني، يتجه لتأسيس الجمهورية السورية الحقيقية، التي تفتح ذراعيها لكل السوريين، دون الخوض في هواجس الأقليات، وحقوق الأكثرية.
لكن لا بد في هذا المقال من الخوض، ولو قليلا، في ما يعتبره الجانبان -الأكثرية والأقلية- "ظلما"، لأننا وبكل صراحة لن نبني وطنا ما لم نتجاوز هذا الخط الأحمر.
أولا لدي قناعة أن نظام الأسدين الأب والابن في سوريا استخدم جميع المكونات الطائفية والدينية والعرقية، وحتى أصحاب الاتجاهات "العلمانية" و"الشيوعية"، لخدمة بقائه وتحويل نفوذه إلى "القداسة" بحد ذاتها، وها نحن الآن نميز بعض الدم السنّي عن غيره، والدم الاسماعيلي عن غيره الخ.. ولنا في "المبعوجة" مثال.
من وصف الثورة السورية بالسنيّة، ظلم نفسه قبل أن يظلم السوريين، فهل ذنب الأغلبية السورية أنها حوصرت بظلم لا يطاق أمام عيون العالم، ما جعل جزءا من أبنائها يحيد عن الوسطية التي طالما ميزت الإسلام، والسوري منه على وجه التحديد؟!
أحدهم يحتضر، فهل نلومه لو ناجى ربه -بغض النظر عن ديانته- وهذا ما حصل مع السوريين. وبالتالي كلما تراجع القمع والقتل، تراجع "التمترس" الديني "الدفاعي" إلى سابق عهده، سواء لدى السنّة أو غيرهم، فهو توجه مؤقت بغاية الدفاع، بالنسبة للتجمعات ذات المنشأ السوري سياسيا وعسكريا.
ولم يكن المجتمع الدولي وبعض القوى الإقليمية، بريئين من الجريمة الكبرى التي تحصل في سوريا.
فقد ولّدت الانتقائية في الاهتمام حساسية مفرطة أحيانا لدى الأكثرية، فكيف يهتم المجتمع الدولي بحقن دماء "الأقليات"، ولا يكترث بموت الأكثرية قصفا واختناقا بالكيماوي، وكيف يفرز هذا المجتمع "المتقدم" السوريين بحسب دينهم، وعرقهم.. ولا يساوي بينهم حتى في "القلق" والتنديد.
إذا حصلت مجزرتان في سوريا، الأولى ببلدة الأكثرية، والثانية ببلدة تصنف على أنها "أقلية"، يقوم المجتمع الدولي ولا يقعد للثانية، ولا يحرك ساكنا -على الأغلب للأولى، ألا يشكّل ذلك قمة "الطائفية الدولية"، إن صح التعبير، ما يؤدي إلى رفع من منسوب الشعور بالقهر لدى السوريين الذي يعانون ظلم النظام الذي غالبا ما يعمّقه ظلم تجاهل المجتمع الدولي لهم.
ومن الطرائف المضحكة المبكية أن بعض النشطاء السوريين تحولوا إلى باحثين عن مسيحي، علوي، أو اسماعيلي، الخ، له معاناة مع نظام الأسد، لينشروا قصته، ويتمسّحوا بها، لعلها تفتح نافذة صغيرة على معاناة أخيه السوري السنّي، فلنتخيل إلى أين وصل بنا الأمر كسوريين؟!
ورغم كل ذلك لابد من التأكيد على أن الاستقطاب الديني في سوريا حالة مؤقتة، تزول بزوال السبب الرئيس، ألا وهو إجرام النظام الذي يقابله صمت المجتمع الدولي.
كان لي صديقي "علوي" اسمه "بشار".. توفي عام 2007 في حادث سير، مازال قلبي يعتصر حزنا عليه..
رئيس التحرير
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية