شكوك مبررة حول عاصفة الحزم.. د. عوض سليمان*

أن تسقي جراء الذئاب لبن الشاة لا يجعلها خرافاً، ومع ذلك فاحتمال أن تصبح حملاناً أكثر من احتمال أن ينتفض الحكام العرب، ضد الغطرسة الإيرانية، أو الصهيونية في المنطقة.
أرجو أن يكون واضحاً، أن شكوكنا حول عاصفة الحزم، لا تعني أننا ضد العملية العسكرية في اليمن، أو أننا نؤيد الحوثيين، فقد دعونا إلى قتالهم منذ سنوات طويلة، وإننا ندعم بكل قوة، أي ضربة يوجهها كائن من كان لإيران، فكيف إذا كان الفاعل عربياً – إسلامياً.
المشكلة في أن معظم دول التحالف العشري لم تكن لتدعم الشرعية يوماً من الأيام، ولم تكن لتحترم رغبات شعوبها في الدفاع عن أنفسهم، أو بمجرد حقهم في الحياة، فضلاً عن الاستجابة لمطالبهم في التخلص من التبعية للأجنبي.
الدول العربية المشاركة في عاصفة الحزم، والتي طبّلت لبطولاتها في اجتماع الجامعة العربية في القاهرة، هي نفسها التي رفضت أن يحضر الائتلاف السوري القمة العربية، إذ خافت أن تتذكر نصف مليون شهيد قتلتهم إيران في سورية، فتنكشف عوراتها على الفور.
كيف نفهم أن يشارك السيسي في العملية دفاعاً عن الشرعية، وهو الذي انقلب على رئيس منتخب شعبياً، وكيف يعقل أن يحارب الرجل إيران، وهو بالكاد موظف صغير عند الكيان الصهيوني في قصر الاتحادية، يحاصر فلسطين ويتهم ثوارها بالإرهاب، ويقتل أهل درنة دعماً لحفتر.
كيف لنا أن نفهم أن تشارك الإمارات في مثل هذه العملية وهي التي دعمت علي عبد الله صالح، وتآمرت مع الحوثيين، كما دعمت القذافي وحفتر وبشار الأسد.
تخاف السعودية على ممرات النفط، وأن تجد نفسها محاصرة من إيران والحوثيين، والعراق "الشيعية" وتخاف الولايات المتحدة مما تخاف السعودية منه بالضبط، فالنفط لأمريكا وإن كان تحت التراب السعودي. كما تريد واشنطن، أن تضغط على طهران في الملف النووي.
لاحظ كثير من المتابعين، أن الغرب يتحدث عن تأييد العملية دون تدخل مباشر، وأنه يدعم جلوس الحوثيين إلى طاولة المفاوضات. وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه سابقاً، من أن المقصود إحداث توازن من نوع ما يكون الحوثيون جزءاً فاعلاً فيه، بحيث يتمكن الغرب من استغلال كل الأطراف بالطريقة التي تتفق مع مصالحه. كما لاحظنا أن التصريحات الغربية تتبنى عبارة "السعودية وحلفاؤها"، بمعنى أن المعركة سعودية فحسب.
أيضاً، فقد لاحظنا أن ردة الفعل الإيرانية كانت دون المتوقع، وقد ذهبت على غير عادتها باتجاه التأكيد على محادثات سلمية تضمن حقوق مكونات الشعب اليمني كلها، وهي العبارات الغربية نفسها التي أشرت إليها أعلاه، وقد يشير ذلك إلى اتفاق ما مع طهران يضمن لها نفوذاً أوسع في سورية والعراق.
من الطبيعي أن نشكك بوجود صحوة رسمية عربية، بل من الطبيعي أن ننكرها تماماً، فالكيان الصهيوني يحتل فلسطين منذ ستة عقود، ولم يتحدث السيسي أو العاهل السعودي عن الشرعية والقوانين الدولية.
أين الصحوة العربية تلك، وإيران قد احتلت ثلثي العراق، وهجرت ثلثي السنة في سورية، بالإضافة إلى سيطرتها شبه التامة على لبنان. وفوق ذلك تحتل جزءاً من الأراضي الإماراتية المشاركة في عاصفة الحزم في اليمن!!.
تأييدنا المستمر لعاصفة الحزم، لا يعني أننا نثق بأصحابها، كما نستبعد أن تكون العملية دفاعاً عن الشعب اليمني أو تحجيماً لدور فارس في المنطقة.
كما نظن بشدة أن موقف الحكام العرب ثابت لا يتغير، وهو الموقف الذي يمثل أصدق أنواع المهانة والذلة والتبعية لأوامر البيت الأبيض.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية