أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الوطن على فراش الموت.. أسامة سعد الدين*

الكاتب: رغم كل ماشاب الثورة من سلبيات، إلا أنها مستمرة ولن تحيد عن تحقيق أهدافها

قبل آذار مارس عام 2011 كان وطني على فراش الموت، تحكمه وتستبيح خيراته عصبة جعلت  شعارها "جوّع كلبك بيلحقك"، دينها الكذب والخداع وتحكم بالحديد والنار باسم "الوحدة والحرية والإشتراكية"، كل شيء بأيدي تلك الطغمة، تأكل الأخضر واليابس في بلد لو أحسنت إدارته لكان من أقوى اقتصادات المنطقة، ولكن "اقتصاد السوق "المزعوم، تذهب عائداته وخيراته من نفط وزراعة واستيراد وتصدير وصناعة "خجولة" وتجارة ...إلخ لتلك العصبة الفاسدة المفسدة، التي لاتنسى أن ترمي الفتات لحلقة من المنتفعين الذين يسبحون بحمد وريث الجمهورية بكرة وعشياً، كل ذلك والسواد الأعظم من الشعب لايبدو منه إلا الخنوع وفي أقل تقدير "لاحول له ولا قوة"، في صيف عام 2000 غيب الموت الديكتاتور الأكبر حافظ الأسد، وقامت أجهزته المخابراتية والحزبية والعسكرية، بتوريث الحكم لابنه طبيب العيون بشار، في خطوة غير مسبوقة في دولة تعود حضارتها لآلاف السنين، حتى بتنا نحن السوريين، مكان تندر العرب والعجم، وأذكر هنا كيف استهزأ بتلك المسرحية أحد الزملاء المصريين، متسائلاً : كيف ترضون أن يورث حافظ ابنه بشار رئاسة سوريا؟

أين الشعب السوري المقاوم ؟لماذا لم تنتفضون ...؟

بقيت صامتاً ولم أنبس ببنت شفة، تسلم "الولد "حكم سوريا وواصل على نفس النهج بل زاد في الكذب والوعود بإطلاق الحريات و"بناء الدولة الحديثة".

وبقي الوطن على فراش الموت، إلى أن خرج أطفال حوران عن صمتهم متأثرين برياح الربيع العربي الذي كانت ياسمينته الأولى على يد محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه جراء القهر والظلم، فكتب طلاب درعا على جدار مدرستهم كلمات هزّت عرش الأسد، ليتم اعتقال هؤلاء الأطفال (الرجال) وذوقهم شتى أنواع التعذيب، من الضرب إلى تقليع الأظافر...خرج أهلنا الشرفاء في درعا بالمظاهرات ينادون بالحرية والكرامة "شدي حيلك يابلد الحرية بتتولد" "الشعب السوري مابينذل" ..هتافات عفوية صادقة تعبر عما يختلج في قلب كل سوري شريف تواق لحريته وكرامته المسلوبتان، ومنذ هاتيك الأيام لم يعد "الوطن على فراش الموت"، نعم وطن تدخل ثورته العظيمة عامها الخامس، والشعب يقدم التضحيات الجسام، لايمكن أن يكون على فراش الموت ...وطن يسقط من اجل حريته وكرامته أكثر من  400 ألف شهيد، ومئات آلاف الجرحى والمعتقلين وملايين المهجرين واللاجئين الذين ضاقت بهم الدول والبلدان ... وطن ليس على فراش الموت، إنه وطن  شعب ثائر.

يدفع فاتورة التحرير حتى إسقاط النظام الديكتاتوري والطغمة المجرمة من أجل بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة، دولة الحق والقانون، التي تكفل احترام حقوق الإنسان وترسّخ حقوق المواطنة والمساواة الكاملة، وتصون وحدة المجتمع وتسير به على طريق التنمية البشرية والاقتصادية ونحو تحقيق العدالة الاجتماعية، وتحمي الوطن من التفتت والفوضى والمخاطر الخارجية.

ورغم كل ماشاب الثورة من سلبيات وما اعتراها من عيوب وفوضى، إلا أنها مستمرة ولن تحيد عن تحقيق أهدافها حتى لو بقيت يتيمة في ساحات الحرية والكرامة والفداء، والحتمية التاريخية تنبئنا بانتصار ثورتنا شاء من شاء وأبى من أبى، أما مصير الطغاة فهو الزوال وإلى مزابل التاريخ .. ولنا في التاريخ القريب خير مثال، فأين هو ملك الملوك الديكتاتور الليبي معمر القذافي، وأين زين الحكام الطغاة زين العابدين بن علي ... الثورة مستمرة وسوريا حرة

*صحفي وكاتب سوري
(184)    هل أعجبتك المقالة (160)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي